قضايا
رحيم محمد الساعدي: مفهوم الله بين المحلي والكوني
يثيرني ان اقارن بين تصورين الاول ان الله سبحانه يدير ويدبر اعقد المسائل بما فيها الوجود الفيزيقي والروحاني والنفسي والكوني بطريقة متعالية، متجبرة، رحيمة، اما الثاني فهو عدم تعالي الله، عن الاهتمام بطلب او دعاء او حاجة امراة فقيرة في مدينة فقيرة، ومن المهم مقارنة الصورتين، بين المتكبر والرحيم، وبين البعيد والقريب، او بين اللامتناهي وبين معالجته للمتناهي .
لا شك لدي من وحدانية الله وهو واحد بالذات والصفات، والقول بالواحد ليس ليس معناه أنه عدد كباقي الأعداد بل المقصود أنه لا ثاني له .
و دار في ذهني وأنا انظر إلى الاكتشافات الجديدة في الكون بواسطة المناظير الحديثة، دار في ذهني المقارنة بين مفهوم الله الذي نعرفه والذي هو أقرب من حبل الوريد وبين مفهوم الله الذي هو الخالق للمليارات من المجرات التي تبدو بأنها لا متناهية.
إن هذه التوسعة في الكون والتي تقترب من مفهوم والسماء بنيها بايد وإنا لموسعون، وهو النص القرآني، تلك التوسعة في الجانب اللامتناهي يخلخل في ذهني التصور النظري او الايماني، فالله الذي يبدو لي أقرب من حبل الوريد، والذي اعرفه بكونه أحد مفاهيمي أو تصوراتي أو عقائدي أو ولي امر وجودي، وبإمكاني التعامل معه على أنه قوة قادرة يمكنني أن أطلب مساعدتها في كل وقت، ويمكن التحدث معها يوميا خمس مرات أو أكثر في الصلوات وغيرها، واتواصل معها في شهور فرضتها هذه الذات مثل رمضان أو الأعياد أو الحج أو الشعائر، إن مثل هذا التواصل القريب بصفه يمثل العلاقة الحقيقية بين العبد والرب، يختلف عن ذلك التصور الذي ينظر بنظرة شمولية إلى الوجود اللامتناهي في مساحات لا يمكن للذهن ان يحدها بتصوراته البسيطة .
ويكون السؤال المعرفي هل أن الله الذي اعرفه واسأله دائما وهو قريب مني (الله المحلي في تصوري) هو ذاته الله الذي خلق هذه المساحات اللا متناهية من الأكوان والمجرات (الله الكوني).
والجواب هو ذاته الله القادر لكن ما يختلف هو القدرة على فهم النظر الشمولية لمخلوقات الله المختلفة اللا متناهية.
ففي تصوري للجانب المحلي اجد بان الله ملامس للواقع، قريب من الجزيئات، حاضر في منظومة الجانب الانساني، فهو يدبر انسنتنا بصورة مكثفة، نلجا اليه وفق كون موضوعه ضمن ذواتنا، فهو قريب منا لان ذواتنا تطلبه، ولان دائرة حضوره عند حاجتنا نشعر بها على انها ملامسة لخارطة ادراكنا، فنحن من نطلبه وهو قريب منا لانه يحيط بكل الاشياء ومن ضمنها نحن .
والمحلية هنا لا تعني بأنها محدودة وغير شاملة أو أنها غير محيطة بالأشياء، بل تعني أنها وجود الخارق وتدبيره للأشياء القريبة منا، أو التي نحتاجها، أو الأشياء التي نعرفها وندركها ضمن منظومة تصوراتنا، والمحلية قد تعني الرجوع للذهن في فهم الله، والرجوع للقواعد المعرفية لفهم الخالق، ومن ضمنها الصفات خاصة به، وهذا فهم نظري، تفكيري، يبنى على قواعد منطقية، أو قوانين تعارفنا عليها، لكن الجانب الكوني يمثل الجانب التطبيقي لمعرفة عظمة الله وفهم عظمة الآيات سيما الآيات ذات الحجم اللامتناهي وسوف يقودونا ذلك إلا هوة، او فراغ سيكون بين تفكيرنا النظري وبين الواقع اللامتناهي من عظمة هذا الكون المتسع وحجمه المخيف .
لهذا فان مفهوم الله الكوني هو نوع من انواع الادلة التوحيدية التي تقرب لنا منظومة خلق الله اللامتناهية في السموات العديدة، وتدمجها في تصوراتنا التي كانت مقتصرة على الفهم النظري العقائدي الايماني لله، والذي يشير الى تنميتنا لمفهوم الله النظري وتاكيده حتى اصبح عقيدة راسخة لوجود اله واحد لا اخر له، اما جانبه الاخر وهو التطبيقي فيشير الى توسعة مفهوم الخالق باذهاننا وعدم الاكتفاء بالتصور او النظر الى الايات المنطقية السببية، بل التصديق بذلك الوجود على انه ليس الاله الذي نحاول تصوره باذهاننا، والذي نسمع وفق النص الديني بانه عادل وقوي ومتكبر وصانع ولانهاية له …الخ، بل من خلال التصديق ب لا نهائيته وبما خلق من خلق
إذا بين المحلي والعالمي أو الكوني، يقف تصور كل فرد لما هية كل من المحلي أو الكوني، ربما برزت بعض الأسئلة التي توضح هذه القضية ويمكن السؤال إن هذه السعة.
المكانية المليارات النجوم المجرات هل تشغل الله عن العلم بالجزئيات، أيضا كيف يمكن للرب الذي خلق هذا الكون الشاسع أن يعطي اهتماما إلى الإنسان العاصي أو غير العاصي، وهل يستحق هذا الإنسان أن يعطى الاهتمام، وكيف نفرق بين فعل الله في اعقد مسائل الكون، وفعله مع ابسط فهوم وسلوكيات وشخصيات الناس البسيطة، حتى يصل الامر انه يوصف بسريع الرضا .
***
ا. د. رحيم محمد الساعدي