آراء
عبد الامير الركابي: "اللاارضوية" بديل الماركسية الآفله (2)
اهم ماقد ميز الماركسية تحويلها "اليوتوبيا" الى "ارض توبيا"، فاذا بالحلم الارضي يتحول الى حقيقة وممكن قابل للتحقق بالاليات التاريخيه المجتمعية الحتمية، والوعي بها وبحركتها الخارجه عن الرغبة او الارادة البشرية، فماذا يتبقى في مجتمع طبقي، بعد البرجوازية ونظريتها ونموذجيتها الليبراليه، غير مايقابلها من منتهى"بروليتاري" اشتراكي/ شيوعي تعاقبا منطقيا اصطراعيا كما يبدو للوهلة الاولى، تحت طائلة ومفعول متبقيات التعاقبية اليدوية الالية المعتمده في حينه، بناء على العجز الابتدائي الاستهلالي عن ادراك الحقيقة الاليه، وبالتحديد تجاوز كون الانتقال التعاقبي اليدوي الالي، هو انتقال نوعي بين طورين ومرحلتين مجتمعيتين مختلفتين كليا، الاولى منهما ارضوية، والثانية كونية لاارضوية منطوية على اسباب انقلابها النوعي، معها تصل المجتمعية الغاية التي وجدت كي تؤديها على مستوى تطور وارتقائية الكائن البشري، من الحيوانيه الى الانسانيه المرتهنه للعقل وحضوره، غير الخاضع للجسدية وحكم الحاجة المميز للطور اليدوي الاول من التاريخ البشري.
ومع التفارقية النوعية المجتمعية، من البديهي ان تتولد تفارقبة في "الحلم" و "اليوتوبيا" تقسمه هو الاخرالى نوعين، ارضوي ولا ارضوي، احدهما يتوقف بالمجتمعية عند المنتهى الطبقي البروليتاري ومآله اللاطبقي واللادولوي اللاتملكي، مقابل الحلم او الحقيقة المضمرة المتعدية اصلا للمجتمعية بكل انماطها واشكال تجسدها، وهو مايتفق مع الحقيقة المضمرة ومع اتجاهات التفاعلية المجتمعية التاريخيه المتعدية للارضوية، ارتكازا للحقيقة المغفله قصورا عقليا، وللعجز التاريخي عن رؤية الازدواج المجتمعي، كما كان عليه الحال بالنسبة للازدواج الادنى الطبقي الذي ظل مبهما هو الاخر الى العصور الحديثة، والى مابعد الانقلابية الالية وتبسيطات الابتداء الغربي الافتتاحية تحت طائلة الانبجاس الالي، قبل توفر اشتراطاته الادراكية مع القرن التاسع عشر، ومنها لابل في المقدمه منها نظرية ماركس التحولية الدنيا.
" ان تاريخ المجتمعات ماهو الا تاريخ التفاعلية الازدواجية المجتمعية ذهابا الى مابعد مجتمعية" هذا ماكان مفترضا بماركس ان يقوله وعجزعنه لاسباب موضوعيه خاصة بانتمائه الجغرافي المجتمعي، وباللحظة التي وجد ضمنها ابان ابتداء الانقلاب الالي، في المكان الذي هو منه، وماقد نجم عنه من انقلابية في الاليات المجتمعية، مع الانتقال النوعي الانقلابي من اليدوية الى الاليه في مجتمع عالي الديناميات، قياسا بعموم نمطيته الارضوية اصلا، بسبب ازدواجيته الاصطراعية الطبقية، مع احتدامية الافتتاح الالي المصنعي الكبرى على صعيد الصراع بين الطبقات بالذات. حيث يعود ليتكرر بهذه المناسبة ليحضر بقوة، ماقد سلف من الاعتقاد الناقص القصوري على مستوى مفهوم الوجود المتاح، القائل بارضوية وابدية الوجود البشري المجتمعي ارضويا، بناء لرسوخه الدال على مستوى الاحاطة والادراكية العقلية المتوفرة للكائن البشري حتى حينه كمتبقيات، لم يحن اوان زوالها وعيا، رغم بدء توفر اسباب الارتقاء العقلي اتفاقا مع التغير النوعي في الطور التاريخي، من اليدوية الى الالية، مع ان قفزات عقلية قد حصلت بمثابة حزمه انتقالية انقلابيه، من اهمها اكتشاف الطبقات والصراع الطبقي، ومانتج عنه من تصور تحولي واحتمالية انقلابيه اجتماعية عائدة افتراضا بالتاريخ المجتمعي على بدء، من " الشيوعية اليدوية" الاولى الى "الشيوعية الالية" العليا، المقصد الاخير.
يغيب بحكم القصور العقلي الغامر اهم عناصر السيرورة التاريخانيه الفعلية، بغمط الابتداء اللاارضوي بغض النظر عن الوقائع الشاخصة، فلا احد بناء عليه يمكن ان يرى الى معنى الانبعاثية الرافدينيه الثالثة الحديثة مع القرن السادس عشر، بعد ثلاثة قرون على انتهاء الدورة التاريخيه الثانيه مع سقوط بغداد عام 1258 من ارض سومر بالذات، حيث البدئية المجتمعية الاولى بعدما حققت واقعا ماهو ضروري واساس للانقلاب الالي، بدءا بالبرجوازي التجاري مع الصعود التجاري الريعي العالمي وعاصمته العالمية بغداد، عاصمة الدورة الثانيه الازدواجية الرافدينيه، ليبدا من حينه، مع القرنين الثاني عشر والثالث عشر، توقيت انهيار بغداد، طور الصعود البرجوازي الاوربي على المنقلب الاوربي بعوامل من خارجه، ظلت تتنامى الى القرن السابع عشر،وقت كان موقع الازدواج المجتمعي قد بدا يتجاوز القصورية التحولية للدورة الثانيه العباسية القرمطية الانتظارية، مفتتحا قبل الانقلاب الالي الذي هيا هو اسبابه المادية، الدورة الاخيرة الحديثة الثالثة الراهنه من تاريخ التحولية المجتمعية.
لايبدا تاريخ الانقلاب الالي من القرن السابع عشر مع ظهور الاله، بل من القرن السادس عشر مع قيام "اتحاد قبائل المنتفك" في ارض سومر الحديثة "ذي قار"، اي مع بدء الدورة الازدواجية التاريخيه مابين النهرينيه الحاليه، لتنهي متبقيات الطور اليدوي اصطراعا، مع المركز البراني اليدوي المتعاقب على عاصمة الدورة الثانيه الامبراطورية المنهارة، وصولا الى العثمانيه اخر البرانيات اليدوية الفاصلة بين الطور الثاني المنهار، والطور الراهن الذاهب الى الاصطراعية الالية بعد حقبتين تاريخيتين، الاولى قبلية، والثانيه انتظارية نجفية، قبل الانتقال الى الطور الايديلوجي الاكراهي الالي الاستعماري، ونموذجيته الافنائية الوطنيه، كما هي مجسدة اوربيا آليا في ( الدولة / الامه)، وقد سلطت قسرا على نمطية كونية بالطبيعة والمنشأ، لم تعرف في تاريخها على الاطلاق، التشكلية المحلوية الارضوية الاحادية الكيانوية المعروفة ب " الوطنيه".
تبدا المجتمعات لاارضوية قاصرة عن التحقق والانتقال من الجسدية الحاجاتيه الى العقلية الكونية، مابعد "الانسايوانيه"، المرحلة الانتقالية الاخذه بالكائن الحي من الحيوانيه الى "الانسانية" العقلية، المتحررة من وطاة الجسدية المتبقى الحيواني، عنصر ارتهان الكائن البشري للكوكب الارضي، علما بان الكائن الحي ازدواجي، الانتماء والتفاعل وانه ليس منفصلا عن الكون، بل مرهون به وبقوانينه التي ماتزال خافية على العقل بحدود ادراكيته الحالية كما تحقق في وثبته الاولى ابان الانتصاب على قائمتين، وان تكن القوانين الارضوية وتفاعليتها هي الغالبة، وتظل كذلك كما يجري ادراكها عيانا بالملموس، كما هي ابان الطورين الحيواني و"الانسايواني"،فلا تتهيأ اسباب رؤية الاليات التحولية المجتمعية الكونية الناظمة لتاريخ المجتمعات، بينما يحدث ان يرى ماقد توصل اليه شخص مثل ماركس قال ب "المادية التاريخيه" كمنتهى الممكن من الادراكية للتحول الارضوي باعلى صيغه.
ـ يتبع ـ
***
عبد الامير الركابي