آراء

د. صلاح حزام: ماذا يعني ان يكون الاقتصاد رأسمالياً؟

عندما يتبع البلد نظام آلية السوق في ادارة وتوجيه الاقتصاد الوطني يصبح بلداً رأسمالياً . ان جعل البلد رأسمالياً بين ليلة وضحاها وبقرارات حكومية، لا يستطيع جعله بلداً رأسمالياً حقيقياً.

بعض البلدان تمتلك إرثاً ثقافياً موروثاً من حقبة الدولة الراعية (او التي تزعم انها اشتراكية)، له جذور عميقة في كل مظاهر الحياة وفي عقلية وسلوك الأفراد الذين سلبتهم الدولة الشمولية حرية القرار والمبادرة والاستقلالية حتى في شؤونهم الخاصة وفي معيشتهم ووظائفهم الخ.. ثقافة ونمط حياة من هذا النوع لا يمكن ان يمحوه قرار حكومي سريع.

الرأسمالية او اقتصاد السوق هو اقتصاد حرية المبادرة الفردية وحرية اتخاذ قرارات الاستثمار والانتاج والاستهلاك .. انه اقتصاد تقديس وحماية الملكية الخاصة ووجود قوانين صارمة لهذا الغرض..

انه اقتصاد سيادة القانون والقضاء النزيه والمستقل واقتصاد البرلمانات الحقيقية التي تشرّع القوانين وتراقب دقة تنفيذها.

انه اقتصاد ثقافة الاعمال والاستعداد للمغامرة المحسوبة في ريادة الاعمال وفي تخصيص الاموال للمشاريع الجديدة..

الآن يمكن ان نتسائل: هل تتوفر هذه الشروط في البلد الذي يعلن فجأة انه رأسمالي؟

من يرفعون هذا الشعار يريدون تحويل البلد الى مجموعة من المتاجر التي تبيع كل ماهو مستورد والتي يحارب اصحابها كل محاولة لتطوير القطاع الصناعي والزراعي!!

الرأسمالية لا تعني الاعتماد على الاستيراد في توفير كل شيء. ولا تعني ان يقوم اصحاب رؤوس الاموال بفتح العشرات من المراكز التجارية ومحاربة المنتج الوطني وعدم السماح له بالنهوض بكل الوسائل.

الدولة الرأسمالية صحيح انها لا تمتلك المصانع والمزارع، لكنها تتبنى سياسات تشجيع نمو تلك القطاعات.

السياسة المالية والنقدية من ادوات الدولة لتحقيق اهدافها دون تدخل مباشر .. عندما تقتضي مصلحة الاقتصاد، تتدخل الدولة باشكال مختلفة.

***

د. صلاح حزام

في المثقف اليوم