آراء
آية محي الدين عمر: جوديث بتلر والمأساة الفلسطينية
تعد جوديث بتلر واحدة من أهم فلاسفة اليهود في القرن الحادي والعشرين، الذين رفضوا العنف والاحتلال الصهيوني بمنتهي الجرأة، لذلك أتًهمت بمعاداة السامية نتيجة لدعمها لحقوق الشعب الفلسطيني في عيش حياة كريمة مستقلة، ذلك لأنه يصعب تحقيق السلام في فلسطين بينما الفلسطينيون محرمون من الحقوق الإنسانية والسياسية.
لذلك لُقبت بالمثقفة اليهودية الأخيرة، التي ما زالت تدافع عن القضية الفلسطينية من أجل تحقيق السلام ورغم رؤية بتلر أنه يُصعب تحقيق السلام في هذا العالم لكن تسعي لتحقق المساواة وايقاف العنف ليحصل الشعب الفلسطيني على حرية تقرير مصيره...
دافعت بتلر دائما عن حقوق الأقليات حول العالم وخاصة الشعب الفلسطيني، ورغم كونها يهودية وقد فقدت جزءا من عائلتها فى محرقة الهولوكوست إلا أنها ترفض السياسية الصهيونية التي لا تمت للأخلاق اليهودية بصلة. أنما يسعى الاحتلال إلى طمس الهوية الفلسطينية لذلك يسعي لقتل وتهجير الفلسطينيين على حدود البلدان دون امتلاك أبسط الحقوق الإنسانية وهى الحياة، وكأن الفلسطينيين فائض بشري يسمح باستهلاكه وتدميره.
يوجد العديد من النقاط التى تناولتها بتلر بخصوص القضية الفلسطينية حيث لا يكفي هذا المقال لتناولها جميعاً، لكن مؤخراً نتيجة الحرب على عزة بسبب طوفان الأقصى أدانت تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت خاصة مصطلح "إبادة جماعية " "حيوانات بشرية " لذلك قالت الفيلسوفة الأمريكية جوديث بتلر إنه يجب أن نأخذ تعبير "إبادة جماعية" على محمل الجد لأن الهجمات لا تستهدف المقاتلين فقط، وإنما تستهدف أيضا السكّان والمدنيين في غزة، وهم يتعرضون للقصف والتهجير وأشد انواع العنف...
كما أن الحيوات الفلسطينية ليست "حيوانات بشرية"، قائلةً "إذا كان الفلسطينيون حيوانات، كما يصر وزير الدفاع الإسرائيلي، فإن الإسرائيليون يمثلون الآن الشعب اليهودي كما يصرّ، فإنهم الأشخاص الوحيدين الذين يُظلمون في المشهد، لأن مشهد الحرب يتم إظهاره الآن كأنه بين الشعب اليهودي وبين الحيوانات التي تسعى إلى قتلهم"(1).
والحقيقة ان الصهيونية الآن تقوم بدور النازيين قديماً اثناء مذبحة الهولوكوست لكن الضحايا الآن هم الشعب الفلسطيني بالإضافة الى الصورة المضللة الذي ينشرها الأعلام الغربي عن الشعب الفلسطيني دون أن يذكر الكبت والقهر القتل الذي تعرض له الفلسطينيين طيلة 75 عام...
لذلك شاركت “بتلر” مؤخرًا مع عشرات الكتاب والفنانين اليهود الأمريكيين في توقيع رسالة مفتوحة إلى الرئيس بايدن للدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة. لأنها عضواُ في المجلس الاستشاري لمنظمة الصوت اليهودي من اجل السلام. وذكرت بتلر عدد من الأسباب الذي دفاعها لتوقيع رسالة تدعو لوقف اطلاق النار في عزة ومن أهم هذه الأسباب:
العنف المنهج ضد فلسطين
علينا أن نفهم تاريخ العنف الذي تتعرض له فلسطين، بما في ذلك غزة، وجزء من هذا العنف يتمثل في حرمان الناس من مياه الشرب، والرعاية الصحية، والأغذية الأساسية والكهرباء، لكن الحقيقة هي أن العنف الذي نشهده ينتمي إلى عنف طويل الأمد، عنف عمره 75 عامًا، اتسم بالتفكك المنهجي، والقتل، والسجن، والاحتجاز، وسرقة الأراضي، والإضرار بالأرواح.
إبادة جماعية
وقعت بتلر على عدة التماسات، لوضع حد للإبادة الجماعية الفلسطينية إحداها تدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار. وتابعت بتلر : أعتقد أنني لا أستطيع التحدث نيابة عن جميع الأشخاص الذين وقعوا على تلك الرسالة. ولكننا كيهود نقول: "ليس باسمنا". هذا ما تفعله الدولة الإسرائيلية، وما تفعله القوات العسكرية الإسرائيلية لا يمثلنا. ولا يمثل قيمنا.
كذبة وحشية
أشارت “بتلر” إلى أنه عندما يدعي المتحدث باسم الأمن القومي الأمريكي أنه من السيئ للغاية أن يفقد المدنيون حياتهم في غزة، وأنه يتمنى ألا يكون الأمر كذلك، فهو في الواقع يكذب حيث يتم استهداف المدنيين(2).
فمنذ وقت طويل تدعى الدولة الإسرائيلية ن جميع هذه الأهداف المدنية التي تضربها هي دروع للمنشآت العسكرية. يبدوا أن هذا تفسير مريح للغاية، لكنه لا يفسر قصف المنازل، والمستشفيات، واستهداف وقصف الأشخاص أثناء فرارهم من الشمال إلى الجنوب. لذا، أعتقد أن هذا اعتقاد خاطئ، وكذبة وحشية، إذا أردنا أن نكون صادقين. يجب ان ندرك اننا لا نتحدث عن قوة عسكرية متساوية، فأن القوة العسكرية في هذه المعركة غير متكافئة لكن الضحية هم الأطفال، النساء، المدنيين. لذلك يجب إيقاف الابادة الجماعية التي يرتكبها الصهاينة بحق الشعب الفلسطيني، فهذه المعركة ليس للقضاء على مقاتلي حماس بل لإبادة الشعب الفلسطيني.
***
آية محي الدين عمر
.................
(1) آراء أربعة فلاسفة معاصرين بشأن الحرب في غزة : جوى سليم. تم الأطلاع علية 2/11/2023
https://www.bbc.com/arabic/articles/c72r8vrvl85o
(2) رسالة جماعية لـ"بايدن".. الفيلسوفة اليهودية جوديث بتلر: "يجب وقف إبادة الفلسطينيين"، ترجمة حنان عقيل، تم الاطلاع علية 5/11/2023
https://www.dostor.org/4542883