آراء
بمناسبة الكاسر ودُفعة لندن: حرب المسلسلات التلفزيونية الرمضانية تتفاقم!
مع الحضور الطاغي والفعال لمواقع ومنصات التواصل الاجتماعي، أصبح التعلق بالجزئيات وإثارة الضجيج حول تفاصيل فنية ورياضية ودينية معينة ورفدها بشحنات أخلاقية لفظية متشنجة تقليدا استهلاكيا شائعا في جميع المجتمعات المعاصرة، وخصوصا تلك التي تعيش مرحلة انتقالية مضطربة نحو ما يمكن تسميته "الاندماج في الزمن المعاصر المفتوح" بسلبه وإيجابه. تلك المجتمعات تكون غالبا محكومة من قبل دكتاتوريات عسكرية أو مدنية مغلفة بقشرة انتخابية زائفة، أنظمة حكم تعود إلى عصر ما قبل الدولة الحديثة، وتجعل الهويات الفرعية الطائفية والعشائرية بديلا للهوية الوطنية الرئيسية وتدوس على هذه الأخيرة في كل حركة تقوم بها!
الملفت أن البعض من مثقفي زماننا ممن يسمونهم "صناع الرأي العام" يصاب بالخرس والصمم والعمى وهو يشاهد سيادة بلاده تداس وتهان من قبل السفراء الأجانب وخاصة الغربيين، أو وهم يتفرجون على أنهارهم وهي تجف وتزول من الوجود بسبب السدود التركية والمشاريع الإيرانية، أو ثروات بلادهم وهي تنهب وتسرق من قبل عصابات الحاكمين الطائفيين وحاشيتهم من أراذل البشر فلا ينبسون ببنت شفة خوفاً من القمع أو من فقدان الحظوة والامتيازات أو طمعا بحظوة وامتيازات إضافية من لدن أهل الحكم، ولكنهم سرعان ما يشحذون ألسنتهم وأقلامهم إذا تعلق الأمر بفيلم أو مسلسل تلفزيوني تجاري بائس!
بل أن بعض الكتبة ارتضى القيام بدور "مهرج السلطان" الذي لا يستثني سلطانه من قفشاته وغمزاته ولمزاته معتبرا ذلك نوعا من "المعارضة الثورية"، ويصب غضبه على هذا "المجتمع المتخلف" الذي يرفض أن يتطور، ولكن مهرجنا حين يجدُّ الجدُّ يأخذ موضعه على سفرة السلطان كباقي أفراد القطيع "الثقافي" الحكومي بانتظار ما سماه أحد أقطاب التصوف القدماء "ذلِّ انتظار المرق واللحم"!
لا يكاد يخلو شهر رمضان سنويا من ضجة حقيقية أو مفتعلة يثيرها عمل تلفزيوني أو أكثر. وكانت حصتنا في العراق هذا العام ضجتين اثنتين؛ الأولى أثارها مسلسل تلفزيوني كويتي يحمل اسم " دُفعة لندن"، قيل إنه يسيء إلى العراق والمرأة العراقية تحديدا لأن ممثلة عراقية ظهرت فيه بدور "الخدّامة"، والضجة الثانية أثارها مسلسل عراقي اسمه "الكاسر" وقيل إنه يسيء إلى عشائر العراق الجنوبية، والبعض وسع دائرة الإساءة لتشمل الطائفة الدينية الأكبر "الشيعية" كلها! لست في وارد الكلام عن هذين العملين التلفزيونيين لأني لم أشاهدهما، لأنني نادرا ما أشاهد المسلسلات التلفزيونية، ولكني سأكرز كلامي على الظاهرة نفسها؛ ظاهرة الضجة التقليدية التي تثيرها أعمال كهذه وهل هي ترتبط – كما يزعم البعض- بطبيعة المجتمع العراقي التي توصم دائما وكحكم مسبق بالتخلف والمحافظة، أم إنها ظاهرة معاصرة تسود في مجتمعات كثيرة ولها أسبابها وشروطها الاجتماعية؟
بقليل من المتابعة والتحري الإعلامي يتأكد لنا أن هذه الظاهرة ليست اختراعا أو ابتكارا عراقيا، وأعتقد أن غالبية مجتمعاتنا العربية والعالمثالثية شهدتها بدرجات متفاوتة الحدة ولكني سأخص بكلامي الساحة المصرية لكونها الساحة الفنية الأكثر إنتاجا واستهلاكا للأعمال الفنية، وقبل مصر دعوني أذكِّر بما أثاره المسلسل الكويتي "من شارع الهرم إلى" في رمضان من العام الفائت، حيث اعتُبِرَ هذا المسلسل "مسيئا أولا للمجتمع الكويتي وللعلاقات الإنسانية وللقيم الأخلاقية، وبأنه ينطوي على إساءة لسمعة النساء في مصر"، وأطلق مدونون مصريون هاشتاغا للمطالبة بوقف المسلسل ومنع عرضه وشاركهم مدونون سوريون وجدوا أن خطاب الكراهية واضح في هذا المسلسل.
وقد نأت وزارة الإعلام الكويتية بنفسها عن الموضوع وبرأت ذمتها منه بأن أعلنت أن "اللغط المثار حول أحد الأعمال التلفزيونية الذي يبث من قبل إحدى المحطات هي من إنتاج شركة غير كويتية، وأنه لم تتم إجازة العمل من قبل وزارة الإعلام، كما أنه تم تصويره خارج الكويت ويعرض على منصّات خارج البلاد". في المقابل، هناك نساء كويتيات أشدن بالعمل الفني الذي يلقي الضوء على حقوق النساء والمشاكل التي يعانين منها، مبينات أن تفاصيله هي من تفاصيل حياة الكثير من العائلات الخليجية.
أما في مصر فالأعمال الفنية التي أثارت ضجيجاً وصخباً ووصل بعضها الى ساحة القضاء كثيرة، ومنها على سبيل المثال فيلم "أريد حلا" الشهير، رغم أنه أثمر تعديلا قانونيا لمصلحة النساء. ومسلسل "فاتن أمل حربي"، الذي طاله الانتقاد من مؤسسة الأزهر التي أصدرت ضده بيانا شديد اللهجة، رغم الإشادات الواسعة التي نالها، ثم وجد أصحاب المسلسل أنفسهم موضوع شكوى أمام القضاء بعد بلاغ مقدم إلى النائب العام من طرف المحامي المصري، سمير صبري يتهم المسلسل فيه بازدراء الأديان وتشويه صورة علماء الأزهر وإنه يصنف "تحت جريمة استغلال الدين في الترويج لأفكار متطرفة المنصوص عليها في المادة (98) من قانون العقوبات"، ورغم ذلك فلم يصل الأمر إلى منع المسلسل من العرض ولم يعاقَب أصحابه من قبل القضاء حتى الآن.
وقد اعتبرت هذه الأعمال من قبل المحافظين نوعاً من "دراما خراب البيوت" كما وصفها الناقد محمد عبد الشكور. لنقرأ هذه الفقرات من تقارير صحافية مصرية متنوعة حول هذه الظاهرة:
* لنبدأ بفيلم «الأفوكاتو» بطولة عادل إمام والذي كتب قصته وأخرجه رأفت الميهي، وهو فيلم كوميدي من النوع التهريجي السطحي كأغلب أفلام عادل إمام، "وبسببه أقيمت أكثر من مائة دعوى قضائية ضد عادل إمام وحده من محامين كبار اعتبروا ان بطل الفيلم استهزأ بهم ومسح بكرامتهم الارض حين تقمص دور محام «أونطجي»، مهرج، يلعب بالبيضة والحجر، يتحايل على القانون".
وقد أصدر القاضي مرتضى منصور حكما على عادل إمام بسبب الفيلم "بالسجن لمدة عام مع الشغل والنفاذ". وأشار منصور لاحقا في لقاء تلفزيوني "إلى أنّه غضب كثيراً عند مشاهدته فيلم "الأفوكاتو" لكونه يتعرّض وبشكلٍ عام إلى قدسيّة مهنتي القضاء والمحاماة (لاحظت هنا تقديس المهنة كبوابة لمنع نقدها)، الأمر الذي دفعه إلى إصدار حكمٍ بسجن عادل إمام لمدّة سنة. وعلى إثر ذلك، تعرَض مرتضى لهجومٍ كبيرٍ من قبل الصحافة التي دعمت عادل إمام. وعندما ذهب ليشتكي إلى وزير العدل أحمد ممدوح عطية، فوجئ بخبر إلغاء الحكم الذي أصدره؛ الأمر الذي دفعه إلى تقديم استقالته لشعوره أنّ العدالة لا تُطبّق إلّا على الفقراء الضعفاء".
ثم قام "منصور" برفع قضية أخرى على عادل إمام يتهمه بسبه وقذفه حصل بمقتضاها على حكم بحبس الزعيم لمدة 6 أشهر، وتعويض مليون جنيه؛ إلا أن الخلاف انتهى أيضا بعقد صفقة يتنازل بموجبها مرتضى منصور عن بلاغه في مقابل قيام عادل إمام بنشر اعتذار بالصحف لمرتضى منصور وتقديمه شيكا بمليون جنيه لمرتضى منصور بحضور الممثل صلاح السعدني.
* في عام 1983 منع عرض فيلم "الغول" لعادل إمام بسبب اتهامه بالتواطؤ مع رجال الأعمال، ومنع عرض الفيلم جماهيرياً رأت لجنة الرقابة وقتها بأن الفيلم يُعد مظاهرة سياسية مضادة للنظام القائم، ويدعو إلى الثورة الدموية ضد أصحاب رؤوس الأموال، إلى أن اتخذ قرار وقتها بمنع عرضه.
* وحدثت الضجة ذاتها بعد عدة أفلام ذات نزوع أيديولوجي مدعوم من نظام الحكم ومناهض لجماعة الإخوان المسلمين ومن تلك الأعمال "طيور الظلام" و"الإرهاب والكباب".
* و"حين قدم عادل إمام فيلم "عمارة يعقوبيان"، ثارت ضجة بسبب مشهد "الشذوذ"، حيث شكل مجلس الشعب عام 2006 لجنة برلمانية لتقييم الفيلم أثناء عرضه للجمهور، بعد أن تقدم 112 نائبًا بطلب إحاطة، يطالبون فيه بوقف عرضه".
* "عاد الجدل مرة أخرى حول أفلام عادل إمام، وعمل العديد من المحامين التابعين لجماعة الإخوان، على رفع أكثر من قضية ضده يتهمونه بازدراء الأديان من خلال أعماله الفنية السينمائية والتي كان من ضمنها "مرجان أحمد مرجان".
* في عام 1976، شن بعض أعضاء مجلس الشعب حملة قوية على المخرج سعيد مرزوق بسبب فيلمه (المذنبون)، الذي اتهموه أنه يسيء إلى سمعة مصر ونجح ضغط النواب في دفع وزير الثقافة وقتها لتشكيل لجنة سباعية للبحث في منع الفيلم بعد أكثر من شهرين من عرضه عرضاً عاماً.
* من أوائل الأفلام التي تعرضت لهذه التهمة فيلم (درب الهوى) للمخرج حسام الدين مصطفى وكانت المفارقة أن أول من شنَّ عليه حملة صحفية شرسة كان سينمائياً ممن دأبت الصحف على تسميته بزمن الفن الجميل، هو الكاتب والزجال ومسؤول الدعاية السينمائية لعدد من الأفلام الشهيرة في تاريخ السينما عبد الله أحمد عبد الله.
* في عام 1984 تعرض المخرج التسجيلي مختار أحمد للاتهام بالإساءة إلى سمعة مصر، حين بدأ عرض فيلمه القصير (إنقاذ) في مهرجان سينمائي دولي بمدينة أسوان في حضور وزير الثقافة ، وحين بدأ عرض الفيلم الذي يصور الحياة في أحد مساكن الإيواء في منطقة الدويقة بالقاهرة، دوى صوت أحد الصحفيين في قاعة العرض صارخاً: "ولعوا النور، أوقف العرض يا سيادة الوزير، ده واحد بيشوه سمعة مصر"، ليتوقف عرض الفيلم ويعتصم بعض الفنانين في بهو الفندق الذي أقيم به المهرجان مدافعين عن الفيلم الذي قال مخرجه للكاتبة منى فوزي في مجلة صباح الخير "أنا لم آت بشيء غير الواقع، ولم أقدم على هذا الفيلم إلا للتنبيه إلى أن هناك خطراً فظيعاً قادماً"، وهو ما جعل منى فوزي تذكر بما جرى قبلها للمخرج سامي السلاموني حين تم منع عرض فيلمه (الصباح) في التلفزيون لأنه أظهر المصريين وهم يأكلون الفول في الصباح بصورة تسيء إلى سمعة مصر، وما جرى لمسرحية (العسل عسل والبصل بصل) للمخرج سمير العصفوري في مهرجان قرطاج المسرحي الدولي عام 1984، "حين طالب بعض الصحفيين بالتحقيق في ملابسات خروج المسرحية من البلد، ليشكل وزير الثقافة لجنة خرجت بقرار ينص على مراقبة المسرحيات قبل سفرها إلى مهرجانات خارجية حتى لا تسيء لسمعة مصر".
* عادت تهمة "الإساءة إلى سمعة مصر" لتنبعث بشكل صاخب وحاد، كان هدفه هذه المرة المخرج يوسف شاهين، بعد أن عرض فيلمه التسجيلي (القاهرة منورة بأهلها) في افتتاح أسبوع المخرجين في مهرجان كان السينمائي الدولي عام 1991، برغم أن الصحافة المصرية احتفت بالفيلم حين أعلن عن عرضه في المهرجان، واعتبرته نصراً لمصر، لكن رد الفعل اختلف بعد مشاهدة الفيلم الذي تم اعتباره أكثر الأعمال إساءة إلى سمعة مصر على الإطلاق، لدرجة أن هناك سياسيين وصحفيين طالبوا بسحب جواز السفر المصري من يوسف شاهين.
وحول هذه الحادثة كتب مصطفى أمين في عموده اليومي (فكرة) بصحيفة (الأخبار) بتاريخ 3 يونيو 1991 قائلاً: "لم أفهم الضجة القائمة على فيلم يوسف شاهين، واتهامه بالخيانة العظمى لأنه أظهر مدينة القاهرة بكل عيوبها، كأن المفروض أن يقول إن القاهرة أنظف بلد في الدنيا وأن سكانها يعيشون في فنادق ماريوت وسميراميس وهيلتون. خاتماً فكرته بالقول "الوطنية أن ننظف القاهرة لا أن نمنع نشر صور أكوام القمامة"!
خلاصات: بالعودة إلى موضوع مسلسلي "الكاسر" و"دُفعة لندن" ورغم أنني وعدت القارئ بأني لن أتحدث حول مضمون أو إخراج هذين العملين لأنني لم أشاهدهما، ولكني سأطرح الملاحظات والخلاصات التالية حول الضجة التي أثيرت حولهما فتحول هذا الحدث الى ما يشبه الظاهرة السنوية:
* هذه الظاهرة لا تتعلق بتخلف هذا المجتمع وتقدم ذاك، فالتخلف والتقدم حالات نسبية وهي نتيجة لسبب أو لحزمة أسباب، بل تتعلق بنمط متشابه من المجتمعات المغلقة والمقموعة، والتي يتناوب ويتعاون نظامُ حاكم تابع ولاديموقراطي مع نخبة ثقافية محافظة ومنحطة تشتغل في خدمته سواء كانت ذات نزعة دينية أو عشائرية محافظة أو متغربنة تزعم الليبرالية، ومهمتها تغييب وعي الجمهور وقمعه وتضليله واستغفاله وقطعه عن جذوره وهويته الحضارية، وهي تتعلق، ثانياً، بالتقصير الهائل لدى النخبة المثقفة النقدية التقدمية والمشلولة بفعل القمع الحكومي الشرس أو شراء الذمم في القيام بدورها التحرري والتغييري.
* ثم إن النظرة الإفلاطونية القاصرة للمجتمعات بوصفها تجمعا للملائكة أو للشياطين هي التي تؤدي إلى هذه النزعة الخاطئة في تقييم الأعمال الفنية والثقافية عموما. فبموجب هذه النظرة فإن العشيرة أو المهنة أو الجنسية الفلانية كريمة ونبيلة ومقدسة والأخرى العلانية شيطانية وفاسدة ومنحلة، وهذا محض هراء فالمكونات المجتمعية والثقافية هي تجمعات من البشر لا من الملائكة ذوي الأجنحة ناصعة البياض وفيها الصالح والطالح والبين بين، وفيها الجيد والسيء والبين بين، ولا يمكن بالتالي إطلاق الأحكام القيمية والأخلاقية الباترة والمزاجية على العشيرة الفلانية أو ذوي المهنة الفلانية أو على النساء الفلانيات لا في الحياة العادية ولا في الأعمال الفنية.
* وإن استسهال طريق القمع والحظر لكل ما لا نرغب فيه لا يؤدي الى شيء، بل يزيد من تعقيد الأمور، خصوصا وقد أصبح منع نشر وبث الأعمال الفنية في عصرنا شبه مستحيل بوجود منصات البث الرقمي المستقلة، وإن الأفضل من القمع والحظر والمصادرة توسيع دائرة النقد الحر التقدمي والتثقيف الذاتي والجماعي لبناء مصدّات وحواجز حماية ضرورية أمام الأعمال الهابطة والهدامة الحقيقية وليكون بمقدور الجمهور المشاهد ان يقرر بإرادته الحرة نوع الأعمال التي يحبذها أو تلك التي يجب مقاطعتها وفضح مضامينها نقديا.
* إن ظهور بعض الشخصيات الاجتماعية في المسلسلات والأفلام ينبغي أن يؤخذ في إطاره الشخصي، أي إطار الحالة الإنسانية المفردة التي يدور حولها العمل الفني - وهو عمل خيالي أصلا - من دون تعميم، إلا إذا أعلن كاتب العمل الفني ذلك بوضوح. إن الخطأ الفادح إنما يكمن في التعميم، وجعل الفرد ممثلا للجماعة وناطقا باسمها فبموجب هذا الخطأ يتحول المحامي الفاسد فلان إلى ممثل رسمي ينطق ويتصرف باسم جميع المحامين، والمرأة المتحللة أو الفاسدة فلانة تصبح نموذجا لجميع النساء من جنسيتها، وغني عن القول والتكرار أن عمل المرأة "خادمة أو معينة منزلية" ليس منقصة إلا في أذهان الارستقراطيين الكسالى والمتشبهين بهم بل هو عمل كدحي شريف! وأن يكون الشيخ الفاسد والمتحلل فلان نموذجا لجميع شيوخ العشائر، خصوصا وإن غالبية مفردات المؤسسة العشائرية في عراق اليوم كما قلنا بلغت الدرك الأسفل من الانحلال والتفسخ والارتزاق حتى أصبح لكل عشرة أشخاص مشيخة وشيخ وربما أكثر من شيخ، ويبقى القابضون على جمر الكرامة والتقاليد العشائرية الإيجابية قلة نادرة في أيامنا!
وأخيرا، فإن من بديهيات حرية التعبير أن يتكلم الجمهور بحرية وأن يقول رأيه في هذا المسلسل أو ذاك الفيلم، رفضاً أو قبولاً، إنما من دون الدخول في مطبات التحريض والدعوة الى القمع والحظر والتكفير وإهدار الدم، وبعيدا عن الإساءة العنصرية أو الجهوية أو الطائفية الى شعب البلد الذي أنتج فيه العمل أو التنمر على أصحاب العمل والقائمين عليه من منطلقات ذكورية أو طبقية. إنها نوع من النرجسية الشعبية البلهاء تلك التي يسخر المصابون بها من كادحة تعمل خادمة بيوت أو مدبرة منزل ولكنهم يحترمون ويوقرون قواداً يعمل خادماً ومترجما وجاسوسا لقوات الاحتلال الأجنبية ويلتقطون الصور معه للتباهي!
* * *
علاء اللامي - كاتب عراقي