نصوص أدبية
مجيدة محمدي: إلى الشعراء مرة أخرى

أجلسُ على مقعدٍ من غيمٍ متشظٍّ،
أمامي غابةُ قصائدِ ناعسةٌ،
تغفو تحتَ ضوءٍ مُترفٍ،
كأنّها لا تسمعُ أنينَ الأرضِ،
ولا تلمحُ القهرَ يتدلّى من جفونِ الفقراءِ،
ولا تشمُّ دخانَ الجوعِ
حين يتصاعدُ من قدورٍ فارغةٍ.
*
الشعراءُ هناك،
يطرّزون أكمامَهم بألوانِ الطيفِ،
يُغنّون لعصافيرَ من زجاجٍ،
يُعلّقون أوتارَ القيثارةِ
على جدرانٍ لا تعرفُ صرخةَ السجينِ،
ولا زفرةَ المنفيِّ،
ولا عرقَ الأيّامِ على جباهِ العمالِ.
*
أمدُّ يدي إلى دفاتري،
أجدُها مثلَ عشٍّ مهجورٍ،
بيضُ المعاني فيه قد تعفّنَ
لأنّ الأجنحةَ تأبّت عن الحضانة.
أسألُ نفسي،
ما قيمة بيتٍ شعريٍّ
إن لم يضمدْ جرحًا،
أو يزرعْ قمحًا في حقلٍ يتيمٍ،
أو يُضيءَ نافذةً صغيرةً
في بيتٍ مبلّلٍ بالقهر؟
*
أيّها الشعراء،
تجرّدتم من دموعكم كأنّها أثقالٌ،
وركضتم وراءَ مرايا تلمعُ بالوهم،
لكنّكم نسيتم أنّ القصيدةَ بلا جرحٍ
إنّما هي غصنٌ مزيّفٌ،
لا ظلَّ له،
ولا عصفورَ يأتيه ليبني حياةً.
*
الكلماتُ.....
إن لم تتلوّنْ بماء الحقيقةِ،
فهي طير بلا ريش،
وتر بلا موسيقى،
وسطرٌ يتيهُ
في فراغٍ من زينةٍ باردةٍ.
***
مجيدة محمدي