نصوص أدبية
جواد المدني: رسالة الى قاسيون

تَرَكْتُ قلبي طِفْلًا
يَحْبو على سَفْحِكَ،
وغادرتُ صَوْمَعَتي…
*
هُناك، خَلْفَ الغوطة،
تُوَدِّعُني أشجارُ حَوْر،
وعَرائشُ كَرْمٍ،
وزَهْرُ ياسمين،
*
أَحْمِلُ على كَتِفي
حُلْمًا عَمَّدْتُهُ بالدموع،
و تعويذات عَفَّرْتُهُا بثرى الحوراء ..
***
غُرْبَتي تَفْتَرِشُني خلف أسوارها،
بِساطًا من شَوكٍ،
وأوراقِ صَبّار.
وبيوتًا تُحْرِسُها
شياطينُ نار،
*
والفَجْرُ فيها مَحكومٌ بالإعدام.
نهاري يَئِنُّ…
وليلي تَسَمَّرَ بالظُّلْمَة،
تَسَلَّحَ بالخوف.
*
وشَراييني يَسري بها دمٌ،
في قلبٍ أَقام خَيْمَتَهُ
عندَ أعتابِ رُباك…
*
يَعُبُّ مع النَّسمةِ الأولى
كَأسًا مِزاجُهُ
من سُوسَنٍ
تَعَتَّقَ شَذاك…
***
قاسيون…
لَيْتَكَ تُرْسِلُ لي معَ العصافير
نَسائِمَ تُداعِبُ وَجْهي،
وتَرانيمَ تُداعِبُ مَسامعي.
فأُغَنّي معها:
*
تَرَفَّقْ بعِشقي،
ولا تُسْرِجْ خُيولَكَ…
*
فإنَّ زمانَكَ،
ذلكَ الذي يَتَمَنّى النِّهاية،
لَم يَنْعَقِدْ بَعدُ..!
*
كيفَ أَغْفو؟
وقَلبي عندَكَ أَضْناهُ السُّهاد؟
*
هاتْ عَيْنَيْكَ بُحَيْرَةَ حُبٍّ
كَيْما أَرى..!
*
الغُرْبَةُ خَطَفَتْ ظِلّي،
وأَحْرَقَ جُفوني طُولُ البِعاد،
*
تَجَمَّدَ الدَّمُ في عُروقي،
فما عادَ يَجري فيها
سِوى صَهيلِ حُبّكَ،
واشْتِعالِ أشواقٍ لشآمِكَ،
مَعْجونةٍ بالثَّرى…
*
يا لَيْتَني سَحائبُ أُمْنِيات،
أُمْطِرُ على سُفوحِكَ،
وأُحَدِّثُكَ عن بَلْوى فِراقِكَ…
وما جَرى..!
***
جواد المدني