نصوص أدبية
مجيدة محمدي: أأنا مَن ابتكرَ خرافته؟

هل كنتُ أنا نفسي،
عندما مشيتُ في طُرُقٍ من طينٍ وذكريات،
أحمل جسدي كأنه وثيقةُ نفي،
وأقدامي تُعاني من سُكرِ الجهات؟
*
هل كنتُ أنا نفسي،
حين لامستُ خدَّ الغيم،
واعتذرتُ من النهر لأنني لم أكن ماءً؟
حين قبّلتُ المرآة،
فانشقّ وجهي عن وجهٍ آخر،
أغرب من الحُلم،
أصدق من الكذبة التي ألبستني اسمي؟
*
أأنا مَن ابتكرَ خرافته؟
أم كنتُ المروِيَّ في الأسطورة؟
مجرد بطلٍ تخلّى عنه السردُ في المنتصف،
فسقطَ من الورق؟
*
هل كنتُ أنا نفسي،
عندما قلتُ، "أنا"،
وصوتي خرجَ من فمِ الغياب؟
كأنّ اللغة خانتني،
كأنّ الحروفَ تبخّرت في حلقي،
وتركتني مجرّد صدىً يبحثُ عن كهف.
*
هل كنتُ أنا،
أم كنتُ إرثًا لعابرين نسوا أن يُطفِئوا الشمعة،
فاشتعلت بي الأزمنة؟
*
في الصباحاتِ التي لم تأتِ،
وفي الليالي التي لم تذهب،
كنتُ أعدُّ صمتي حجارة،
وأبني منها سلّماً إلى ذاتي.
فإذا بي أصلُ إلى لا أحد.
إلى لا أنا.
إلى ما قبل الاسم.
إلى الطين الأول،
*
هل كنتُ أنا نفسي،
حين خانتني الصور،
وأصبحتُ تأويلاً لمجازٍ ضائع؟
و سؤال مشاة الأبدية الذي لا يجيبون عنه.
*
هل كنتُ أنا نفسي،
أم كنتُ كلّ من رآني
ووضع في عينيّ حلمًا لا يخصني؟
*
هل كنتُ أنا نفسي،
حين نظرتُ إلى الطفل في داخلي
ووجدته يشبهني أكثر مني؟
*
يا ذاتي،
يا مُراوغةً كالغيم،
هل أستطيع أن أحبكِ،
وأنتِ لا تستقرّين في أي مرآة؟
*
سأظلّ أسأل،
كلّما انقسمَ الصباح إلى وجوه،
وكلّما ناداني شيء من بعيدٍ يشبهني،
هل كنتُ أنا نفسي،
أم كنتُ شبحًا يتقن التقمّص،
*
وهل…
في كلّ ما عبرتُه من لحظات،
كانت الحياة تمشي بي
أم كنتُ أنا مَن يَحلم بالحياة؟
..........................
ذلك الشيخ كوّم الأسئلة،
ثم، مضى .................
***
مجيدة محمدي - تونس