نصوص أدبية

جاسم الخالدي: وحدي في مدارك

إلى أمي "رحمها الله تعالى"

***

غابتْ فأظلمَ في عينيَّ نورُ غدِي

وأسدلَ الحزنُ أستاراً على كبِدي

*

قد كنتُ أحيا بنبضِ الحبِّ يغمرُني

واليومَ أضحتْ بقايا الروحِ في خَلَدِي

*

كم كنتُ أشعرُ أنَّ الكونَ مُتسعٌ

واليومَ أضْحى كضيقِ القبرِ في المَدَدِ

*

يا مَن رحلتِ وقلبي في هواكِ غوى

هل تعلمينَ جراحَ الروحِ في الجسدِ؟

*

كم لي أحنُّ إلى عطرٍ يُحيطُ بنا

وهمسةٍ منكِ تطفي نار متقدِ

*

ما كنتُ أدري بأنَّ الحُبَّ مؤلمنا

حتى ارتحلتِ ودمع العين بلَّ يدي

*

إني أعيشُ على ذكرى ملامحِكِ

كأنَّ روحَكِ لا زالتْ على بُعدِ

*

عُودي فإني ضعيفٌ دونَ رؤيتِكِ

كغصنِ وردٍ ذوى في بُعدِ مُفتقِدِ

*

إنَّ الحياةَ إذا ما غبتِ باهتةٌ

لا لونَ فيها سوى الأشجانِ والكمد

*

غابتْ وضاعتْ مع الأيامِ بهجتُها

وغابَ عن دربيَ الموصودِ معتقدي

*

كانتْ لقلبيَ سلوى في مصائبهِ

واليومَ صارتْ لظىً في كفِّ مُتَّقدِ

*

كم كنتُ أرجو دوامَ الوصلِ مرتقبًا

لكنْ جفاني حبيبٌ غابَ عن سُجُدي

*

يا امّتي، يا حياةَ القلبِ، يا أملي

هل تسمعين نداءَ الشوقِ في الكبدِ؟

*

كلُّ الزمانِ حزينٌ بعدَ غيبتِكِ

كأنَّهُ باتَ أطلالاً بلا عَمَدِ

*

إني لأدعو إلهَ الكونِ منكسِرًا

أن يجمعَ الشملَ بعدَ البُعدِ في سَعَدِ

*

هذي الحياةُ بلا عينيكِ موحشةٌ

ليلٌ ثقيلٌ يُغشِّي الروحَ في كمدِ

*

إنْ كانَ للفقدِ نارٌ في جوانِحِهِ

فالحُبُّ نورٌ يضيءُ الدربَ للأبدِ

*

قد كنتِ سرَّ ابتهاجي في ابتسامتِكِ

واليومَ أبحثُ عن أنسٍ ولم أجدِ

*

ما للنجومِ التي كانتْ تُضيءُ لنا

قد أرختِ الأُفْقَ في أثوابِها الرَّمَد.ِ

*

أحيا كطيرٍ غريبٍ، ضاعَ مَوطنُهُ

يبكي على فرحةٍ غابتْ ولم تعدِ

*

ذكراكِ تسكنُ في أرجاءِ ذاكرتي

كأنَّها تَسمعُ الآهاتِ من صَدَدي

*

ما زلتُ أحفظُ في قلبي ملامحَها

وكلَّ حرفٍ جرى منها على خَلَدي

*

فكيف أشفى وذاك الدهر يؤلمني

من الودادِ الذي أحييتِهُ بيدي؟

*

عُودي فإني أسيرُ البعدِ في ألمٍ

لا ينتهي غيرَ أن ألقاكِ في الأبدِ

*

إني لا سمع في روحي صدى ألمي

حتى أراكِ وأُحيي الوصلَ بالرغد

***

د. جاسم الخالدي

في نصوص اليوم