نصوص أدبية
عبد الرزاق اسطيطو: الطيف الذي يسكنني

(إلى روح أمي أينما رفرفت)
***
ذكريات هائمة
يتذكر طفولته تحت المطر
فيشده الشوق لوجه أمه
تحت ظلال الأشجار الوارفة
ينتظر صوتها
انتظار عاشق لحلمه المنتظر
ينسيه المطر أحزانه
ينسيه فيض النهر آلامه
تنسيه ظلال الأشجار
وهي تعانق غربته خيباته
تنسيه السحب المثقلة بالذكريات جراحه
يتذكر وجه أمه تحت المطر
فتعود إليه روحه
يشده الحنين لخبزها
وشايها وعطرها وترابها
فتهفو روحه كجدول إلى روحها
فراشا تصير روحه في عليائها
رعشة تصير يده وهي تمسك بيدها
طيف الحياة
أمي يا أجمل امرأة
تربعت على الفؤاد والكلمات
والقصائد والحروف والذاكرة
أمي يا طيف طفولتي
الذي صيرني قبالة النهر متاهة
أمي يا فيض حب
شردني كالغزلان دفئه وحنانه
وحيدا أنا الآن يا أمي بلا مركب
وبلا زاد وبلا بوصلة
كأندلسي شرده الحنين
إلى جنان قرطبة
ذكرى
يتذكر رفاق الأمس وحكاياتهم
فتعود إليه ذكرياته ونوافذه
يمضي إليهم كجدول تحت المطر
فتعود إليه من الشوق أيامه
تراوده أغاني الشيخ فتثور ثائرته
يتذكر لوركا ونيرودا ودرويش
فتخنقه أشعاره وأوتاره
وحيدا كجدول بلا مظلة
تشرده رؤاه وأفكاره
غريبا كفزاعة الطير
تخنقه غربته
يتذكر وجه أمه
فينادي ملء الفؤاد يا أمي
يا طلعة البدر فوق صحرائي المقفرة
فتفيض كالأنهار أشواقه
دفعة واحدة كالينابيع
تفيض على حدائقه ذكرياته
يتذكر تحت نور الشمعة
قصصها.. وقهوتها
ولمعان عينيها.. وشعرها
وشرفاتها.. ولمستها
فتذوب من الحنين أوصاله
فسلاما عليك يا أمي يوم ولدت
وسلاما لروحك الوهاجة
التي تشبه ضياء القمر
***
عبد الرزاق اسطيطو