نصوص أدبية

مرشدة جاويش: مئذنةُ الحبر

في عمق الصمت يولد المعنى وحيث يولد المعنى يُكتب الوجود ذاته

لَمْ أَكْتُبْكَ كما يَكْتُبُ العاشقونَ اعترافاً

بَلْ كما يَكْتُبُ النبيُّ دهشتَهُ الأولى

حينَ يكتشفُ أنّ النورَ امرأةٌ تُنصتُ للصلاةِ بعينينِ من طينٍ وماءٍ

لم تكن سريراً

كنتَ مئذنةً من شهقةٍ وجَسَدٍ

كنتَ الوردَ الذي تَعلّمتُ على نصلِهِ

أنَّ الجمالَ ليسَ رِقَّةً بل امتحاناً للدمِ

لم أكن شاعرةً تتكسّبُ بالقصيدةِ

كنتُ مجنونةً تُرمِّمُ جراحَها بالحبرِ

وتؤمنُ أنّ القصيدةَ أُنثى تُقيمُ في دمِها

تأكلُ من صمتِها وتشربُ من حنينِها

ولا تموتُ إلّا إذا نَسِيَت اسمَها

كتبتُكَ لا لأمتلككَ

بل لأخلُصَ من نفسي إليكَ

كنتَ خلاصي من اللغةِ

ومأوايَ من الرمادِ

ومعنى النورِ حينَ يضيعُ في الظلالِ

كلُّ ما فيكَ كانَ ميتافيزيقيا للحُبِّ

يدٌ تُنقِذُني من اليقينِ

وصوتٌ يُعيدُ صياغةَ الكونِ في أُذُني

كلُّ حرفٍ منك كانَ كوناً مُصغَّراً

وكلُّ لحظةٍ قربَكَ كانتْ خلقاً جديداً للعالمِ

الرِّجالُ يَكتُبونَني

وأنتَ وحدَكَ كنتَ مَن تُملِي علَيَّ نفسي

أنتَ الجملةُ التي لم تُكتَبْ في التوراةِ

والآيةُ التي نزلتْ على قلبي دونَ نبيٍّ

وفيكَ اكتملتُ

امرأةً تُؤمنُ أنَّ الخَلقَ يبدأُ من قلبٍ يُحبُّ

وأنَّ اللهَ حينَ يبتسمُ

يكتُبُها

***

مرشدة جاويش

 

في نصوص اليوم