نصوص أدبية

حيدر كرّار: جورج تلو.. الذي تأخر قليلاً

في الصبحِ.. حين استفاقتْ البلادُ

على وقعِ نعْلِ العساكرِ،

كان الرفاقُ على العهدِ،

يحرسونَ المدينةَ

مثلَ السنابلِ،

مثلَ الخناجر.

*

وكان "جورجُ" هناكَ،

على دربِ فجرٍ تأخَّرَ

عن موعدِ الصاعقةْ!

وصرخَ..

لكنَّ صوتَ الحقيقةِ

ضاعَ بصمتِ الأزقَّةِ،

ضاعَ بصخبِ الحرائقِ

والبندقيَّةِ،

ضاعَ بصوتِ المدافعِ

حينَ ارتوتْ من دمانا

وضجَّتْ بنَخبِ القتيلِ

الذي ما استراحَ..

وما أغلقَ الحدقةْ!

*

آهٍ على الخطوِ

لو لم يتعثرْ قليلاً،

لو أنَّ الطريقَ الذي خانَهُ

لم يكنْ كاذبًا،

لو أنَّ الهواءَ الذي مرَّ

كان بريئًا،

لو أنَّ الحديدَ الذي لم يشأ

كان أكثرَ صدقًا،

لربَّما نامَ فجرُ المدينةِ

في راحتيهِ

وظلَّتْ بنادقُنا مشرعةْ.

*

لكنَّهُ القدرُ الفادحُ الحزنِ،

قد يسبقُ الطلقةَ

السوطُ،

قد تسبقُ الفكرةَ

المرجِعياتُ،

قد يسبقُ الحلمَ

بابٌ يُغلقْ،

قد يسبقُ المنتمي

نصلُهُ،

فينكسرُ الصوتُ

قبلَ الرجوعِ

إلى الحنجرةْ!

*

"جورج تلو.. رفرف جناحك ع السما"

"بفجر الحريّة انذبح وردك سدى"

"وسيوف الظلم... حدّت صداها"

"من جورج تلو، ومثلك.. فدوه!"

*

يا جورجُ..

لو كنتَ أسرعَ

لربما ظلَّ في الأرضِ

بعضُ الرفاقْ،

لربَّما لم يضمَّ الثرى

كلَّ هذا الصراخْ،

لربَّما ظلَّ للحزبِ نبضٌ يُغنِّي

على جثثِ العسكرِ الطامعينَ

بما ليسَ يُملَكُ..

لكنَّهُ المِعولُ الصاعدُ الآنَ

يكتُبُ تاريخَهُ

برصاصِ الوفاقْ!

*

"وتظلّ ذكراك بدمّن تسري"

"يا جورج.. يا حُرّ.. ويا أمثالك"

**

حيدر كرار

في نصوص اليوم