نصوص أدبية

مجيدة محمدي: السراب

كراقصٍ على أوتار العدم،

يدعوني بنداءٍ خافت،

أشبه بترنيمة حلمٍ يُحتضر،

وأنا، المُتعطشة لليقين،

أركض خلف ظله الذي لا ظل له.

*

في كل خطوةٍ، يزداد البُعد قُربًا،

والقربُ يتبدد في غبارِ الخداع.

رمالٌ تتراقصُ حول قدمي، تعزف لحن التيه،

والشمسُ فوق رأسي تُغني أغنية الاحتراق.

*

أيها السراب، أأنت ماءٌ يختبئ في قلب الوهم؟

أم أنك مرآةُ رغباتي، تعكس شوقي ولا تُطفيه؟

كيف يكون للحقيقة وجهٌ يشبهك،

وأنتَ لا وجهَ لكَ إلا الخديعة؟

*

الطريقُ طويلٌ كأبديةِ الجهل،

والأرضُ عطشى كقلوب المهاجرين.

أنا أسيرٌ بين ماضٍ لا يمضي،

ومستقبلٍ يُعانق الفراغ بلا اكتراث.

*

رأيت في عينيك مدينةً من وعودٍ،

بواباتها من نور، وقصورها من حلم.

لكن حين اقتربت،

وجدت الظلال تُلقي ظلالها،

والنور يتلاشى كأن لم يكن.

*

كذبةُ لا تموت، أنت!

الحقيقة التي لا تُمسك،

حُلم يوقظني على ألمِ الصحو،

والغيمة التي لا تُنجب المطر.

*

كالهائمة في مملكتك.

أُطاردُ خيوطًا من ضوءٍ يتبدد،

في كل خطوةٍ، أتعلم أن الطريقَ ليس طريقًا،

وأن الماءَ ليس ماءً،

وأن السرابَ ليس إلا أنا،

وجهي المنعكسُ في مرايا الفقد.

*

كيف تكون بكل هذا الحضور،

كأبديةٍ قاتمة،

كوهم أبدي،

***

مجيدة محمدي - تونس

في نصوص اليوم