نصوص أدبية

أحمد بلحاج: لَوْحَاتٌ بِلَوْنِ الْمَاءْ

يَفْتَحُ دُرْجَ عُمْرِهِ،

يُدْخِلُ فِيهِ جَوْرَباً مِنَ الْكَلَامْ

وَخَاتَماً مِنْ لُؤْلُؤِ الْوِجْدَانْ

إِذَا أَتَاهُ ظِلُّهُ

مِنْ غَابَةِ النِّسْيَانْ.

2

يَعْبُرُهُ الْوَقْتُ، وَلاَ يَعْبُرُهُ

يُسَاعِدُ الْجَنَائِزَ الْحَيْرَى لِتَبْتَسِمْ،

وَفَوْقَ رَأْسِهِ

تَبْنِي الْعَصَافِيرُ وَصِيَّةَ الضِّيَاءْ

تَقُولُ لِلْوَقْتِ:

ابْتَسِمْ كَحَبْلِ النُّورْ

وللِنٌهْرِ:

اخْلَعِ الثِّيَابَ

وَاتْبَعِ النَّشِيدَ

لَيْسَ نَبْضُكَ الَّذِي يُنْبِتُ عُشْباً فِي السَّمَاءْ

لِتَعْصِرَ الْأَضْوَاءَ

فِي جِرَارٍ

طِينُهَا بُكَاءْ

فَكُلُّ مَا تَسْطِيعُهُ

أَنْ تَحْمِلَ الرُّوحَ إِلَى نُقْطَتِهَا.

3

فِي ذَاتِهِ

تَشْتَعِلُ الْأَحْرَاجُ شَهْوَةً

إِذَا

مَا لَيْلُ صَمْتِهِ مَشَى

عَلَى حِبَالِ أَمْسِهِ،

يَأْخُذْ قَبْضَةً مِنَ الْحُدُوسِ

يَلْتَقِي بِوَجْهِهِ

فِي حَانَةِ الغُيُومْ،

هُنَاكَ نَدْهَةٌ تُغَازِلُ اسْمَهُ

يَمْنَحْهَا مِنْ جِسْمِهِ

جَامَ اشْتِهَاءْ

وَ قَطْرَةَ الْحَظِّ الْمُذَابِ فِي الْوُجُومْ

4

يَغْسِلُ حُلْكَةَ الْأَرَقْ

عَنْهُ بِلِيفَةِ الْقَلَقْ

وَفِي عُطُورِ الْوَهْمِ يَغْمِسُ الْحَنَايَا

وَعُشْبَةَ الرِّغَابِ

فِي قَعْرِ الْمَنَايَا،

لَمْ تَرَهُ الْمِيَاهُ غُصْناً

حِينَ أَعْلَنَ عَلَيْهَا عُرْيَهُ،

وَفِي إِهَابِهَا

أَذَابَ مَعْنَاهُ

فِي زُرْقَةِ الْمَسْعَى

كَزَهْرَةٍ وَحْشِيَّةٍ

تَمْشِي بِحَافَةِ الْعِنَادْ

مَخْفُورَةً بِأَنْجُمِ الْأَحْلَامْ،

تَذَوَّقَ الْوُجُودْ

فِي بَسْمَةِ الْأَشْيَاءْ

وَخَبَّأَ الْأَنْفَاسْ

فِي دُكْنَةِ الْوُعُودْ.

رَائِحَةٌ خُطْوَتُهُ

تَفْتَحُ دَرْباً فِي جِبَالِ اللَّيْلْ

كَأَنَّهَا الْكُلُومْ

مَنْكُوشَةً بِعَوْسَجِ النَّدَمْ،

يَافُوخُهُ قِنْدِيلُ حُمَّى

يَفْرِشُ الْأَمْدَاءْ

بِطُنْفُسِ الْهُذَاءْ

مَنِ اسْتَضَاءَ بِاسْمِهِ

يَأْكُلُ مِنْ مَائِدَةِ الْبَهَاءْ،

مِنْ صَوْتِهِ تَسْتَقْطِعُ الْأَوْقَاتْ

أَشْوَاقَهَا

مُبْتَلَّةً

كَمِثْلِ عُصْفُورٍ

يُغَازِلُ السَّمَاءْ.

5

يَقِفُ فِي شُرْفَةِ مَوْتِهِ

وِعَاءً ضَاحِكاً

لِمَطَرِ الْغُيُوبْ

يَسْأَلُ عَنْ ذَرَّاتِ لَوْنِهِ

بِأَحْرُفٍ مُضَاءَةٍ بِأَلْسِهِ،

لَهُ الْأَنْفَاسُ أَسْرَجَتْ حِكَايَةً

تَمِيسُ تَحْتَ أَشْجَارِ الشَّجَنْ

لَابِسَةً قُبَّعَةَ الذُّهُولْ

وَمِعْطَفَ اللَّيَالِي.

6

فِي قَلْبِهِ شَمْسٌ

تَخِطُ جُرْحَ وَطَنٍ

يُقْمِرُ فِيهِ مُعْجِزُ الْخُسْرَانْ،

هُوَ سَمَاءٌ

يَكْرَعُ الرَّغْبَةَ مِنْ أَحْدَاقِ حُلْمِهِ

وَيَمْضِي

مُسْنِداً دِمَاءَهُ

عَلَى ضِيَاءِ قَلْبِهِ،

تَشْهَقُ خَلْفَهُ الْيَنَابِيعُ ظِبَاءً

وَالسُّبُلْ

تَقْتَاتُ مِنْ خُطَاهْ.

***

أحمد بلحاج آية وارهام

في نصوص اليوم