نصوص أدبية
أحمد بلحاج: أهبط في ماء أسمائها عاريا

أهبط في ماء أسمائها عاريا
من تواريخ ما كنت أو كان
***
1. فَائِرُ اُلتَّجَلِّي
مِنْ رِوَاقِ اُلْبُرُوقِ تَدَلَّتْ
ضَفَائِرُهَا مَلَكُوتُ اُشْتِعَالِي
اُرْتَدَيْتُ لَهَا بُرْنُسًا
نَسَجَتْهُ أَنَامِلُ سُهْدِي
وَ قُلْتُ:
(لَكِ اُلذَّاتُ صَلَّتْ عَلَى وَتَرِ اُلصَّحْوِ
مُنْذُ عُرُوقي اُرْتَوَتْ مِنْ ثُدِيِّ اُللُّغَهْ
وَ رَمَتْنِي بِأَنْفَاسِهَا رَقَصَاتُكِ
لَسْتُ أُجِيدُ اُلتَّشَكُّلَ فِي غَيْر كَأْسِ اُلزَّمَانِ
وَ فِي كَرْمَةٍ مِنْ وَهِيجِكِ
تَرْفَعُ مَكْرَ اُلْمَكَانِ،
تُسَبِّحُ بِاُسْمِكِ فِيَّ اُلْكَوَائِنُ؛
كَيْفَ أَرَاهَا إِذَا لَمْ تَكُونِي بِهَا؟.)
**
2. أَزِقَّةُ بَحْرِ اُلتَّشَابُه
خَدَرًا أَتَصَبَّبُ
خَطْوَتُهَا شَجَرٌ فِي دَمِي
مُثْمِرٌ بِيَوَاقِيتَ
بَاسِمَةٍ كَاُلْغَرَانِيقِ،
أَيَّ بِحَارٍ أُعَانِقُ
كُلُّ اُلْمِيَاهِ بلَوْنِ اُلْغَرَقْ؟
نَغْمَةً
مَوْجَةً
شُعْلَةً
أَتَلَوَّبُ
عَنْ تُرْبَةِ اُلنَّفْسِ هَجْسِي اُفْتَرَقْ
وَ اُلزَّمَانُ قَرَاطِيسُ
تَنْزِفُ فِيهَا اُللُّغَاتُ،
بَخُورُ اُلتَّآوِيلِ يَغْمِزُنِي بِاُلسَّنَابِلِ
هَلْ أَمْتَطِي اُلْبَقَرَاتِ اُلَّتِي اُنْدَلَعَتْ
فِي أَزِقَّةِ بَحْرِ اُلتَّشَابُهِ؟
أَمْ أُرْضِعُ اُلْوَقْتَ نَأْيًا؟
تَدَلَّتْ عَلَيَّ
اُنْبَلَسْتُ
فَوَاكِهُهَا جَنَّةٌ مِنْ عَبِيقِ اُلرُّؤَى
كُلَّمَا قَطَفتْنِيَ وَاحِدَةٌ
هَدَلَتْ أُخْتُهَا
بِسِلاَلِ اُلْغَوَايَةِ
حَتَّى اُشْتِبَاك اُلْفَضَاءاتِ فِي نُقْطَةِ اُلْمُنْتَهَى.
**
3. طَلاَسِمٌ تَتَفَيَّأُ اُلْجَسَدَ
وَرْدَةٌ صَوْتُهَا
تَتَقَطَّرُ فِي أُذُنِي
مِثْلَمَا لُؤْلُؤُ اُلْغَيْبِ
لاَ مُنْتَهَاهَا عُرُوجِي،
فَأَيُّ فَمٍ يَلْقُطُ اُلتَّسْمِيَّهْ
مِنْ لَهِيبِ اُنْفِتَالاَتِهَا
حِينَ يَنْشَقُّ عَنْهَا اُلزَّبَدْ؟
أَوْ تَلُفُّ غَيُومَ اُلصَّدَى؟
نَبْضُهَا لاَزَوَرْدُ اُمِّحَائِي
لَهَا اُلْحَدْسُ يَنْقُشُ أُخْيُولَةً
وَ أَسَاوِرَ مَجْلُوبَةً
مِنْ كُنُوزِ اُلْغَرَابَةِ.
أَعْرِفُ أَنَّ طَلاَسِمَهَا تَتَفَيَّأُنِي
مِثْلَمَا يَتَفَيَّأُ ظِلُّ اُلرَّدَى جَسَدِي
كُلَّمَا اُقْتَرَبَتْ شُلَّ حِسِّي
مَحَاسِنُهَا طَعْنَةٌ مِنْ عَقِيقٍ
وَ إِيقَاعُهَا طَلْعَةٌ مِنْ عُذُوقٍ
هِيَ اُلْأَرْضُ؛
فُسْحَتُهَا اُلْيُتْمُ
كَيْفَ إِلَى سِرِّ سُرَّتِهَا أَهْتَدِي؟!
**
4. تَبَرُّؤٌ مِنَ اُلدَّمِ
كمْ تَرَدَّى بُرُودَ اُلْخَسَارَةِ فِي دَرْبِهَا عَاشِقٌ
كَمْ لِجُوعِي رَمَتْ كِسَرَ اُلسُّهْدِ
حِينَ تَغَذَّتْ بِرُوحِي،
لِبَسْمَتِهَا جَمْرَةُ اُلظَّنِّ
وَاُلْعَبَقُ اُلْقُدُسِيُّ
تُسَرِّبُ فِي اُلدَّمِ خَيْلاً مِنَ اُلْحَيْرَةِ اُلْأَزَلِيَّةِ
إِنْ صَادَهُ وَرَلُ اُلْإِغْتِبَاطْ
هَلْ أُسَمِّي أَحَابِيلَهَا قُبْلَةً
وَ مَرَاوِدَهَا وَقْفَةً
ببَيْنَ أَعْرَافِ نَزْفِي؟!
إِذَا دَاهَمَتْنِي بِلَيْلِ اُلسِّيَاطْ؟!
فِي شِغَافِي شُمُوسُ شَذَاهَا مُعَرْبِدَةٌ
وَ عَلَى كَفِّهَا
أَتَقَرَّى اُنْشِطَارِي
وَ أَهْبِطُ فِي مَاءِ أَسْمَائِهَا
عَارِيًا مِنْ تَوَارِيخِ مَا كُنْتُ أَوْ كَانَ،
إِنِّي اُنْخِطَافٌ تَبَرَّأَ مِنْ دَمِهِ.
(دَمُهُ
كَاُلتَّوَاطُؤِ
يَصْعَدُ هُوِّيَّةً مِنْ عَمَاءْ
وَ اُلْفَضَاءَاتُ كِبْرِيتُ فَجْعٍ
يُلَوِّحُ مِنْدِيلُهَا لِلْخوَاءْ)
لاَ سُلاَلَةَ تَرْبِطُنِي بِجُذُورِ اُلدَّياجِي
اُشْتِهَائِي مَحْوٌ
وَ خَطْوِي مَغَازِلُ
(مَنْ يَكْسُ سَوْءَةَ هَذَا اُلْوُجُودْ
اُلْوُجُودُ اُلَّذِي يَتَلَأْلَأُ بُؤْسا
عَلَى حَافَةِ اُلْوَقْتِ؟
جُمْجُمَةُ اُلرُّعْبِ تَضْحَكُ
مِلْءَ اُغْتِبَاقِ اُلْمَدَى)
كَيْفَ مِنْهَا أَفُكُّ مِنْهَا عُرُوقِي
إِذَا نَاوَشَتْنِي؟
وَ أَلْقَتْ عَلَيَّ بِأَسْبَابِهَا؟
سِحْرُ سُلْطَانِهَا نَفَسِي
بِهِ أَدْرَأُ غَائِلةَ اُلْكَوْنِ عَنِّي
وَ أَمْضِي
إِلَى سُبُلٍ
أَوْرَقَتْ فِي اُلْبَصِيرَةِ
لاَ مُنْتَهَاهَا بَهَاءٌ وَلُودْ.
**
5. مِسْمَارُ ضَوْءٍ
خَرَقَتْنِي كَمِسْمَارِ ضَوْءٍ
عَلَى شَفَتِي طَائِرٌ مِنْ تَلاَوِينِهَا
يَنْقُرُ اُلْكَلِمَاتِ اُلَّتِي أَنْبَتَتْهَا جِرَاحِي
اُلْأَصَابِعُ تَشْرَبُ مِنْ صَدْرِهَا وَهْوَهَاتٍ
كَمَا نَارُهَا تَشْرَبُ اُلْعُمْرَ مِنِّي
اُمْتَزَجْنَا كَقَطْرَةِ نُورٍ
عَلَى حَافَةِ اُلْمُشْتَهَى.
**
6. جُؤَارُ اُلسَّرِيرِ
فِي اُلضُّحَى
اُسْتَيْقَظَتْ خَلَجَاتُ سَرِيرِي
رَأَتْ فِيهِ بَعْضِي
وَ بَعْضِي اُخْتَفَى
جأَرَتْ
(يَا اُلَّتِي مِنْ رِوَاقِ اُلْبُرُوقْ؛
هَلْ تُسَمِّينَ هَذَا سَنَاءْ؟.)
***
د. أحمد بلحاج آية وارهام