نصوص أدبية

جودت العاني: منافي العقل..

لا منفى،

حينَ يغادرُ جلده

يمشي في الظلِ بعيداً

يتراءى وهمٌ

يسحبُ جثته

ويغني في آخرِ ساعاتِ الليلْ

ويعوي كالذئبِ

ينصتُ للريحِ تغني

تُصْفِرُ

إنذاراً للويلْ..

**

ذاتُ مساءٍ

كانَ العبءُ ثقيلاً،

رَكنَ الوهمُ جثته تعباً

خلفَ الأسوار المهدومة..

لكنْ، هو لا يدري

إنَ منافي العقل

تعبسُ في وجهِ الأمة المهزومة..

باتت تتقيئ سخطاً

من جوفِ المنفى

يحاكي عقولُ المدن المجذومة..

**

ضحكت جثته

عند حدود الأسوار المزعومة..

وتمادت

لا أحداً يسمعُ ضحكتها

غير الموتى

عند تخوم الوجع القابع

في قلب

الكلمات المكلومة..

**

(2)

ما زالت جثته

تسند قامتها

عند السور الطيني

تغني للزمن الرائح والغادي

وترقب عودة " أنكيدو "

يحمل عشبته من جوف اليمْ..

ليقتلع الهمْ..

يداوي جرحاً بالملحِ

ويختصرُ الزمن الغافي

تحتَ ركام المدن المهجورة..

**

لم يبقْ غير رهان للصحو

عندَ الفجرِ

حين تهادى الوهْمُ

يسحب جثته،

يلملمُ مشيتَهُ

يترنحُ بينَ الجنةِ

والنار المسعورة..

**

(3)

لا يدري إن كانَ الوهمُ

يسايرُ

وجه العالم وعبوسه..

لم يبقْ غيرَ عويل

المنفى وطقوسه..

رغم صفير الريح المسحورة..

ما انفكتْ

تتوجسُ خطوته

ومشوار كؤوسه..

يسفكها غضباً

عندَ النوم

وعند اليقظة

في حضرة منفاه

وطقوسه..!!

***

د. جودت العاني

18-5-2024

في نصوص اليوم