نصوص أدبية

مصطفى علي: لا... لم تَعُدْ بديارِنا (الأزهَرا)

لا...

لم تَعُدْ بديارِنا (الأزهَرا)

***

أنا لا أُحِبُّ مَدائِحاً وَ مِراءا

وَأُجيدُ في نَعْيِ العزيزِ رِثاءا

*

كَرِهَتْ تقاليدَ الهِجاءِ قصائدي

فَإذا بِشعري يَستفيقُ هِجاءا

*

وَعلى صُراخِ صغارها ونساءها

نَصَبَ القصيدُ سُرادِقاً وَ عَزاءا

*

وَمَآتِماً للصابرينَ على البَلا

لِيَزيدَني خَرَسُ الشيوخِ بَلاءا

*

عَتَبي على أعلى المنائِرِ أُخْرِسَتْ

وَبَدتْ وَأدْيِرَةَ الفلاةِ سَواءا

*

أَتَهَدّمتْ أرْكانُها وَتَصحَّرَتْ

وَأحالَها ذَنَبُ الطُغاةِ سِواءا ؟

*

أرثيكَ أم أرثي الكِنانَةَ بعدما

هَجَرتْ بواسِلَ أهْلِها القُدَماءا

*

فَبِها وَليُّ الأمْرِ غِرٌّ سادِرٌ

بِفجورِهِ قد أخجلَ العُملاءا

*

وَكِلابُ طاغيةِ البلادِ تَسعّرتْ

وَنُباحُها سَحَرَ الفُلولَ فضاءا

*

هُمْ ينبحونَ على الشهيدِ وأهْلِهِ

وَيباشرونَ مع الظلامِ عُواءا

*

شَتَموا الأعاجِمَ جاحِدينَ لِأنّهم

رَفعوا لِغَزّةَ رايَةً وَ لِواءا

*

طَعَنوا بإيمانِ الأُلى بَذلوا الدِما

وَتَعهّدوا أنْ ينصروا الضعفاءا

*

شَطَبوا الشهادةَ من معاجِمِنا كما

بصلاتِهم لم يَذْكروا الشُهداءا

*

عَربُ الهَوانِ تخلّفوا حينَ إرتقى

جُلُّ الأعاجمِ نخْوةً وَسَخاءا

*

وَلِأزهرِ الإسلامِ قُمْتُ مُعاصِياً

عَجَباً أراكَ تهادنُ الطُلَقاءا

*

أَتَرى الجياعَ تلوكُهم نارُ الوَغى

وتظلُّ تلهجُ خُطْبَةً وَدُعاءا.

*

خَلَعوا عِمامَةَ خائِفٍ مُتَوَجِّسٍ

لِيَصيرَ في قَدَمِ الخَئونِ حِذاءا

*

طَفَقَ المُعَطَّلُ خاصِفاً وَرَقَ الخَنا

وَمَضى يُوارِبُ سَوْءةً فَأساءا

*

رَهَباً إلى عَتَباتِهِ وَأصولِهِ

فَبَدا المُبَجّلُ للأنامِ خَواءا

*

أَسَفي على وَهَجِ الأشاعِرَةِ الذي

وَهَبَ العَقيدَةَ هَيْبَةً وَبَهاءا

*

خَرِستْ طيورُكَ لا تُغرّدُ مُذْ رأتْ

سَحَراً غُصونَكَ كالهَشيمِ هَباءا

*

ذَبُلَتْ زُهورُكَ والجُذورُ تَيَبّسَتْ

وَبَكتْ دِلاءُكَ في الرُواقِ جِباءا

*

زَبَداً طَفوْتَ على المياهِ بِنيلِها

وَذَهبْتَ إذْ عَطشَ الصِغارُ جُفاءا

*

كَثُرَ الشيوخُ على المنابِرِ إنّما

ظَهروا لِطوفانِ الكِرامِ غُثاءا

*

حِمَمُ القِيامةِ خَلْفَ سورِكَ تَرْتَمي

وَحَفَرْتَ في كَنَفِ الدُهورِ خِباءا

*

حَسَبوكَ إِذْ وَجَبَ النَفيرُ أمامَهُمْ

فَغَدوْتَ مُذْ غَدَرَ الفُلولُ وَراءا

*

دَفَنوا رُفاتَكَ عندَ آخِرِ كَبْوةٍ

وَعلى المُقطّمِ أسكنوكَ عَراءا

*

تَهِبُ الفَتاوى في الصغائِرِ حاذِقاً

وَعَنِ المَجازِرِ سادراً تَتَناءى

*

دُرَرَ الصِحاحِ تَلوكُها مُتَوارِياً

وَمُفَسِّراً سُوَرَ الكِتابِ حَياءا

*

فَكَأنَّ ذاكرَةَ الشُيوخِ تَصَدّعتْ

وَمَحَتْ بُراقَ رَسولِنا وَحِراءا

*

هَتَفَ الخطيبُ اللوْذَعِيُّ مُجَلْجِلاً

وَحَشا الحَواصِلَ غَبْرةً وَ هَواءا

*

وَكَسا العُراةَ بَلاغَةً مَثْقوبةً

وَلِسانُهُ مَنَحَ العُراةَ كِساءا

*

وَإمامُ أزهَرِنا الوديعُ مهابةً

غَفِلَ الشدائدَ واستطابَ رَخاءا

*

يخشى الفراعِنَةَ الصِغارَ ويَتَّقي

فمتى يُلبّي للجهادِ سَماءا

*

وَوزيرُ أوقافُ البلادِ مُباهِياً

جعلَ التَمائمَ للجياعِ دواءا

*

مَسَخَ التصوّفَ خِرْقةً وَعَوائداً

لِيُحيلَ نابِتةَ البلادِ جِراءا

*

قُتِلَ الأُلى حفظوا العهودَ وَشُرِّدوا

فَلِمنْ تُردّدُ يافُؤادُ نِداءا.

*

فَدِماءُ غزّةَ عندَ (رابِعَةَ) إبتدا

فتفجّرتْ كَبدُ الجِوارِ دِماءا

***

د. مصطفى علي

 

في نصوص اليوم