نصوص أدبية
رسول عدنان: أنتِ حُفرتي التي سقَطتُ فيها

أمُدُّ يديْ ولا فراشةٌ تنقُذُني منكِ، حتّى خلعتُ من الصدفةِ قميصَها؛ ومنحتُ الأتاواتِ للفراغِ الذي أرسُمكِ عليهِ، وأنا أحدِقُ بالنرجسِ الذي أظنُكِ فيه؛ مَنْ يدري قد أصحو ذاتَ يوم وأَجدُني أنتِ؛ فأنتِ المتاهةُ التي تقودُني اليكِ، وأنتِ حُفرتي التي سقطتُ فيها، ولا سُلّمٌ يقودنُي لأحضانكِ، ولا إشارةٌ تدُلُّ أسايَّ وتأخُذّ حَيرتي الى مثواها،
كمْ عليَّ أنْ أبتهجَ وكم عليّ أنْ أصرخَ بالفراغِ الذي يحدِثني عنكِ؟
لستِ الأ امرأةً مِن زَبَدٍ يذهبُ جفاءاً وأنظرُ أليهِ، يا شِباك تورتي كُلِّها وبدءَ خاتمتي؛
أشُّم رائحةَ أنوثتكِ في ثيابِ المآرةِ وأحجارِ الطريقِ؛ وأتربصُ بأسمكِ كلمّا أستلُّ من خاطري بقايا انوثتكِ وألصقُها على الزجاجْ ؛ فأنتِ ضياعي الذي قادنَي اليكِ؛ وأنتِ جائزتي التي ذهَبتْ للآخرين؛ كيفَ سقطتُ فيكِ وليْ جناحان من أظافرك المطليّة بالحنّاء ؟
كنتُ أحلّقُ على حقولِ صدركِ كلّما أشتهيكِ؛ وأصرخُ بالمفازاتِ الجبانةِ؛ أرى الفراغ َ يمتشقّ سيوفَه ويقاتلُ صفناتي التي تقودُني اليكِ؛ يا حُفرتي التي سقطتُ فيها؛ يا خواتمي التي بحثتُ عنها في الظلام؛ يا شريطَ سِنّيّ الذي أضعتُه ذاتَ منفى؛ وقادني اليكِ ذاتَ وهمْ؛
لعلّي ابدأ بكِ؟ يا رائحة تورتي التي تركتُها في خاطري ولجأتُ اليكِ، دحْرجتُ خيبتي في البراري وذهبتُ أنثرُ الأقحوانَ حول أسمكِ؛ وأصنعُ من الضباب أساوراً لمعصميك،
أستلقي على حروفِ أسمكِ كلّما شعرتُ بالوحشةِ؛ وكلُّما تأخذني الحيرةُ الى حيرتي بكِ، ها هو مزاجي يرتطمُ بالتفاصيل الصغيرة التي تقودنُي اليكِ، فأراكِ أنثى من عبثْ؛ تجتازُ النقاطَ والفواصلَ وتعبثُ برجولتي التي صنعتُها من طرازٍ أنيقْ، ها هو الفراغُ يتّسّعُ بعينيك وأنا أتحدرجُ بهما، كلّما ذكرتُكِ تحوّلتِ الأشياءُ الى هواجس مصلوبةٍ على الجدارِ الذي يفصلنُي عنكِ، وأنا أرتبُّ الضياعَ الذي يُوصلنُي اليكِ، وألتقطُ الأصدافَ وأرسُمكِ فيها؛
أيُّ عبثٍ قادني اليكِ؟ وساقني الى ممراتكِ الضيّقة، يا حُفرتي التي سقطتُ فيها، وتنوّري الذي أصطلي بجمره ، يا عشقي الذي ألوّح له في الملاءآت، وقمري الذي غلبَه النعاس،
دعيني أعُدّ لك وليمةً دسمةً من العِناق، كلّما أرتقي سلّمَ صدركِ وأملأُ جراري،
وحيثما تطرقُ الريحُ بابي ألحتفُ بكِ، وأنظرُ للأبديّةِ وأصطلي بجمرتكِ، طالما انشدتُكِ شعراً على مسامعِ الفراشاتِ التي تصفقُ لك بأجنحتها، وراقصتُ طائرَ الكناري الذي يقودنُي صفيرُه الى خريفكِ الموحش، كلُّ ما بقي منكِ، تلك الإبتسامةُ الساخرة، وعودُ ثقابٍ واحد يوقد النارَ في قلبٍ يتقّدُ بحبٍّ أنزلقتْ ساقاه على أعتاب قلبكِ، تركتُه يلتفُّ بأنوثتكِ وصحوتُ من عبثي بكِ، يا آخرَ الأشياءِ التي تركتهُا هناك، قبل أنْ تنطفئَ الأبجورةُ ويبدأُ كلُّ شئ، عينُكِ التي تلتمعُ فيها بركةُ ضوء، وثوبُك الذي يغفو فيه قمرُ ملفّقُ، قمرٌ يخدعُ ذاكرتي التي ألِفتْ خُصلاتِ شعركِ الذي يخبئُّ تحت بُرقعهِ وقاحةً تُسِرُّ إليّ ما يُأنسُ وحشتي ويختصرُالطريقَ، ذاتُها عينُك التي كانت تُطِلُّ عليّ من نافذةٍ كأنّها طيورٌ نافقة، وما زلتُ أبدأُ بكِ كلمّا تنتهي الحكايا، وأنظرُ لعينيكِ اللتين تلتمعُ فيهما بركةُ ضوءٍ، وأُصدّقُ ما ينقلُه إليّ طائرُ الكناري الذي غادرَ نافذتي التي تهشّم زجاجُها من النقر، كان يشي لي عن أُنوثتكِ التي تكسَّرتْ بين أصابعي، وأنا أقيسمُ الفراغَ الذي يفصلُني عنكِ، قمري الذي تهشّمتْ نوافذُه سيحوّلُ ابتساماتكِ زُجاجاً من معدنٍ أنيق، ويعلّقكِ تعويذةً بقلبي، لا تدعي تجاعيدَ وجهكِ تمنَعكِ من الحبْ، من افتراش قلبي، فقط انظري بعينيّ لأغيّر الزمنَ وأكسر المرايا التي خَذلتْ جمالَك وأعيدُكِ إليّ، أُطلي وجهكِ بقصائدي، وأعلّقها تميمةً لحبّكِ، سأكتسحُ العالم بالقبلاتِ كلمّا تبتسمين إليّ، فليس أمامكِ من حلّ سواى، ستجدين جمالكِ عالقاً كتميمةٍ على شفتي، وانتِ تفترشينها كحقولٍ من كرز، وأهيّأ طيوري لأستقبالك، وأطلبُ منها أنْ تلتقط حاشيّة ثوبكِ بمناقيرها خشية الإتساخ، يتطّافر البلّورُ من أردان ثوبكِ وأنتِ تمسكين بي، كأنّكِ مصباحٌ في زجاجة، والزجاجة تكسّرت بنهرٍ ترك مجراه وتقرفصَ أمام بهائكِ، لم يعد يفصِلني عنكِ غيرُ العبث، يا عناقيدي المتدليّة في النهر الذي تقرفصَ أمام بهائكِ، غيرُ أنايَ التي تبعثّرت أمام خطواتكِ، وانتِ تمرّين بإهابٍ بابلٍ مُمرّد، على شُقوق يدي وهي تُلّوح اليكِ،
***
د. رسول عدنان / أمريكا