نصوص أدبية
جودت العاني: اللحم البارد واظافر الوحش..
أنطفأ ضوء المصباح .. فأشعل عود ثقاب ولكنه سرعان ما أنطفأ عندها حل الظلام الدامس .. ترك يده تسترخي على مسند الكرسي الهزاز وغير جلسته متكئاً على طرف الكرسي يقراء نصا طويلا، فشعر بنوع من التعب وحين نظر الى يده تحت خاصرته وجدها أشبه بكائن غريب عنه لا يحس بها، كائن في نهايته أصابع تنتهي بأظافر.. اعتقد بأن هذا الكائن مجرد قطعة خامدة من اللحم تحسسها، فوجدها باردة وأيقن بأنها لا تمت له بصله وردد مع نفسه: كائن غريب مكسو بالشعر وله اظافر، ربما هي وحش نائم ولا أحد يعرف متى يستيقظ .. شعر بقشعريرة تسري في جسده المتعب حين تخيل ان هذا الوحش إذا ما أسيقظ ماذا سيفعل؟ ، ربما سينقض عليه ويلتهم جسده قطعة قطعة . إلا أنه أستدرك، بأنه سيقاوم ولن يدع هذا الكائن يؤذيه ، وعاد يهمس في ذهنه ماذا لو هاجمه خلسة تحت جنح الظلام عندما يكون نائماً؟ عند ذاك لا يستطيع فعل أي شيء سوى أن يقرر بتر هذا الوحش والتخلص منه .. وعاد يفكر من جديد لماذا لا يعقد معه صفقة صداقة حين يستيقظ ويتركه لحاله مجرد قطعة باردة من اللحم مكسوة بالشعر وفي نهايتها أصابع مملوءة بالأظافر تتحرك كما تشاء، ربما تكون ودودة وقد تتمرد، لا يهم ذلك ما دامت غير مؤذية . ولكنها حين تغضب قد تهاجم فتجرح وتخدش كأنها نمر متوحش .. أعتقد بأن قطعة اللحم هذه قد أصابها شيء من الإغماء ولا تستطيع أن تتحرك وبدت شاحبة لا تقوى على الحركة، لقد تمكن منها الخدر تماماً ولم تعد لديها القدرة على الحركة .. وحين اعتدل في جلسته واستفاق بدأت الحركة تدب في قطعة اللحم ولم تعد باردة وأيقن بأنها باتت جزءاً منه وحين أمرها بأن تمسك القلم أستجابت تخط ما يريده دون أن تعارض أو تتذمر أو تتكاسل إنها باتت مطيعة لا تأخذ أوامرها من أحد غيره.!!
***
قصة قصيرة
د. جودت صالح
6/ 7 / 2924