نصوص أدبية
عبد الله الفيفي: الفاتح!
(قِصَّةُ حُنَيْنٍ ما)
مِن حَبْلِهِ السُّرِّيِّ مَدَّ مَشانِقَةْ
مَن ذا يُعِيْدُ عَلَى الغُروبِ مَشارِقَهْ؟
يَبكي الظَّلامُ بِهِ عُصورًا أَدْلَجَتْ
كانت تَفِي فيها النُّجومُ مَواثِقَهْ!
**
شَبَقُ الفُتوحاتِ انتهَى.
وبِغَيرِ أَقدامٍ (حُنَينٌ) عادَ
يَحمِلُ خافِقَهْ
في الوَحْلِ غاصَ جَبينُهُ،
مِن بَعْدِ ما رَفَعَ السَّماءَ بِكَفِّ شِعْرٍ شاهِقَةْ!
**
كَمْ أَرهقَتْ أَفلاكُهُ ماءَ الشَّواطئِ!
والقُرَى رَفَّتْ إليهِ مُراهِقَةْ
تَصْطَكُّ فيها، في الأَجِنَّةِ، أَعْظُمٌ
إنْ مَرَّ ذِكْرُ خُيُولِهِ المُتَسابِقَةْ
ويُطارِدُ الجاثُومُ كُلَّ طَريدةٍ
مِن أرضِها بِرُؤَى لِواهُ الماحِقَةْ!
**
رَسَمَ الخَرائطَ بالدِّماءِ حَدائقًا
ما كانَ أَشْهَى كالحَريقِ حَدائقَهْ!
وعَواصِفُ الثَّلجِ التي جَبَهَتْهُ،
واستَضْرَتْ بهِ،
أَضْرَى بهنَّ صَواعِقَهْ!
**
فتَرمَّدتْ عَيناهُ،
واستَكْراهُما حَوَلٌ قَديمٌ في العُيونِ النَّافِقَةْ
وعَراهُ في تلكَ المَعارجِ فالِجٌ
أَغْرَى بحَمْلِ المُوبِقاتِ عَواتِقَهْ
كصَفيحةٍ أَمْسَى:
المُدامةُ نِصفُها،
والنِّصفُ ماءٌ يَستَرِقُّ فَيالِقَهْ!
**
ويُفَكِّكُ الطَّيرُ المُهاجِرُ أَمْسَهُ
فمَتَى (ابنُ فِرناسٍ) يُفُكِّكُ خانِقَهْ؟
اللَّيلُ يَزحَفُ كالجَريحِ بأُفْقِهِ
وعَماهُ يَزحَفُ في العُيونِ الرَّامِقَةْ
والرِّيحُ تَصْفِرُ بَينَ جَنْبَيهِ
كما صَفِرَتْ يَداهُ مِنَ المرايا الصَّادِقَةْ!
**
وهَوَى الكِلابُ نَواهِشًا في قَلْبِهِ.
وَسْمُ الجِباهِ المُشْرِقاتِ:
"زَنادِقَةْ"!
ما مِنْ حِجابٍ؟
لا تَمِيْمَةَ أُلْفِيَتْ؟
يا كُفْرَ عَصْرٍ يَستبيحُ خَلائِقَةْ!
والطِّبُّ؟
ماتَ الطِّبُّ،
شَعبيًّا ورَسميًّا،
وأَهرقَ في الجَحيمِ دَوارِقَهْ!
**
في الغابةِ السَّوداءِ
لا يَبْقَى عَلَى التَّاريخِ غَيرُ فَرائسٍ وأَفارِقَةْ
سادُوا بِعَصْرِ السَّيْفِ والرُّمْحِ الوَرَى
واستُعبِدوا بالعِلْمِ سَلَّ حَقائقَهْ
أَكَلُوا الفَراغَ،
وناكَحُوا، في أَمسِهِمْ،
وكَيومِهِمْ،
رِجْسَ الجِراءِ الطارِقَةْ
سَفِهُوا ثَراهُمْ ،
فاستقالَ سَحابُهُمْ،
لا أَمطَروا أو أَخْلَبُوا مِنْ بارِقَةْ!
**
هذا (حُنَيْنٌ) ضاعَ خُفَّاهُ،
وها انْتَعَلَتْ خُطاهُ بأَخْمَصَيْهِ بَيارِقَهْ
والأرضُ ضاعتْ تحتَ رِجلَيْهِ..
أَلا بِئْسَ السَّروقُ وما يُمَنِّي سارِقَهْ!
***
أ. د. عبدالله بن أحمد الفَيفي