نصوص أدبية
نجاة الزباير: سَيِّدةُ القِطَار
فَرْقٌ كَبِيرٌ بَيْنَنَا يا سيدي
فَأَنَا مُحَافِظَةٌ وَأَنْت جسور
سعاد الصباح
***
عبابُ البياض يجتاحني
كما قطرات حزنٍ
يسجنني بين خطى الريح
أنا المسافر...
إلى أرض بلا عنوان
وحده طينُ حلمي
ينتعلنِي
كي ألقاني.
1
بينِي وبينهَا نقطتَا ندًى
ـ "آسفة سيِّدِي .." قالت
وانقسمَ الهواءُ بيننَا
واحدٌ فيه عِشقي
والآخرُ لهَا
يتسكعُ فيه اندِثَاري
وأنا أذُوبُ في أحْدَاقِهَا.
2
مثلَ الشتاءِ تعبرُ خلايايَ
تنثُرنِي قمحًا للهواجسِ
وقلبِي قَدَحٌ
مُعَطرٌ بِبُنِّ الشوقِ
يشربُ منهُ صَمْتُهَا
كيف أُلَمْلِمُ ذُبولِي
وهيَ تجلسُ بينَ انكسَارِي
ومَلاَمِحي تُهَرْوِلُ نَحْوَها؟.
3
معطفُ الليلِ يرتدي وجعِي
وهذه القصيدةُ
تقدُّ قميصِي من قُبُلٍ
أصعَدُ فِي كُلِّ الصَّرَخَاتِ
مُهَاجِرًا فِي جَسَدِي
تَفِرُّ مِنِّي يَدَايَ نَحْوَهَا
هي الحيرةُ تحمِلُ حقائِبِي
تسْرقُ نهَاري مِنِّي
فأرانِي وَتَرًا بينَ كَفَّيْهَا.
4
مُسافِرٌ
أَرتَعِشُ من هَذَا التِّرْحَالِ
تتَّسِعُ أَزْمِنَتِي
وكأَنَّ حَبِيبَتيِ تَطْرُقُ بَابَ حَوَاسِّي
لكن الأرَقَ يُمْسِكُ بي
وأنا أهُمُّ بفتحِ أزْرَارِ المَاءِ
يَشْنُقُنِي عَطَشٌ
وأنَا أبحثُ عَنِ الظّلَال
فَتُغْلِقُ الأحْلاَمُ أبْوَابَهَا.
5
نَايُ المساءِ يُنَادِمُني
وهذا الأَنِينُ المنهمرُ من أصَابِعِي
يقرأُ ضوضاءهُ غُربَاء
عَبَرُوا أدغاَل الْعَتَمَاتِ
قالوا: ـ لا تَخَفْ...
كانتْ تأوهاتُ صَدْرِي
ألواح عِشْقٍ
اَربَكَتْنِي قَصَائِد مَنْ مَرُّوا
تَجَوَّلْتُ فِي تَضَارِيسِهَا
فَهَرَبْتُ إِلَيّ
أُصْغِي لِنَهْرِ دَمِي
يَكْتُبُنِي ظِلاًّ بَاهِتًا
لاَ أَرَى فِيهِ
غَيْرَ اُضْطِرَابِي وَحُسنِها.
6
وأنا أنسلُّ مِنِّي ذَات صباحٍ
قلت: ـ "سأمتطي صَهْوَةَ اعتِرافَاتِي
عَلَّها تسمعُ تنهيدةَ مُدُنِي"
تَأَّنَّقْتُ بِغُبَارِ الوَهْمِ
وَنَادَمْتُ عِشْقَهَا.
7
حَفظْتُ عنْ ظَهْرِ قَلْبٍ
كُلَّ شِعَابِ اُلْهَوَى
وَعَمَّتْ ضُلُوعِي سَكينَةٌ
وأَنَا أَقْرَأُنِي بَيْنَ سُطُورِهَا.
8
كَانَ القِطَارُ يَحْسُو شغَفِي
فَرَّتْ خُطُوَاتِي نَحْوَها
وأنَا أبْحَثُ عَنْ عَبِيرَها
لكِنِّي لَمْ أَجِدْ غيرَ عوِيلٍ
يضُجُّ بهِ مَكَانُهَا
ـ يا لَيْتَنِي اعترفْتُ
لِكُحْلِ عينيْهَا
بأنِّي أعْمَى يَقُودُنِي هَوَاهَا
فربَّمَا انبَلجَ نُورُهَا
وقالتْ: سَنَلْتَقِي...
***
نجاة الزباير - المغرب