أوركسترا

عدنان حسين أحمد: عبور الغبار.. روائي كوردي تعوزه ثقافة التسامح

يتحمّل الكاتب والمخرج شوكت أمين كوركي الأخطاء والهَنَوَات التي ارتكبها في فيلمه الروائي الطويل الأول الذي انضوى تحت عنوان "عبور الغُبار" الذي أنجزه سنة 2006؛ أي بعد ثلاث سنوات من سقوط نظام القمع والدكتاتورية والاستبداد في العراق. وعلى الرغم من واقعية العنوان من حيث الصياغة اللغوية ونبوّه عن المعنى المجازي فالغُبار هنا هو غُبار الحرب والمعارك التي شنّتها قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية على العراق لإسقاط نظام صدّام حسين من سُدة الحُكم واجتثاث حزب البعث الدموي من المَشهد السياسي العراقي وتغييبه عن ساحة العمل العلني لأنّ الأفكار لا يمكن اقتلاعها واجتثاثها بالمطلق. قد تبدو ثيمة الفيلم بسيطة وسطحية فهي تقوم بالمجمل على  عثور شخصين من البيشمركة على طفل عربي عمره خمس سنوات ضائع في أثناء الحرب الأمريكية على العراق. ومما يفاقم هذه الأزمة أن الطفل اسمه "صدّام" وهذا الاسم يثير حفيظة الناس وخاصة المقاتل رشيد الذي فقد ساقه اليسرى بسبب المعارك التي شنّها صدام حسين على الشعب الكوردي وعلى رأسها الأنفال. أمّا البيشمركة الآخر آزاد الذي فقَد هو الآخر شقيقه الذي يصغره بسبعة أعوام فيتعاطف معه ويحاول إيصاله إلى عائلته وذويه لأنه طفل بريء ولا علاقة له بالأنفال وغيرها من الفظائع التي ارتكبها صدام حسين منذ وصوله إلى السلطة وحتى الإطاحة التاريخية به.823 cinema film

فيلم روائي مُرصّع بلمسات وثائقية

يستهل كوركي فيلمه الروائي المرصّع بلمسات وثائقية بمقتَبس يقول:"في أثناء حقبة نظام صدام حسين في العراق كل عائلة تُطلق على مولودها الجديد اسم صدّام تُكافأ بسخاء". ثم يضيف: "بأنّ هذا الفيلم يرتكز على قصة حقيقية" قد يكون سمعها بنفسه أو رآها رأي العين. يبدأ الفيلم بمجموعة من النساء اللواتي يهيئنَ الطعام والخبز إلى المقاتلين البيشمركة وفي الوقت ذاته ثمة مجموعة من الشباب الكورد يشاهدون التلفاز ويترقّبون لحظة إسقاط تمثال صدام حسين في ساحة الفردوس ببغداد يوم 9 أبريل 2003 من قِبل مشاة البحرية الأمريكية. ويبدو الكورد فرحين مثل بقية أطياف الشعب العراقي في الوسط والجنوب، والدليل أنّ المخرج وظّف اللقطة الشهيرة التي يظهر فيها "أبو تحسين" وهو يضرب بنعله صورة لصدام حسين بزيّه العسكري ويكرر عباراته المشهورة من بينها:"شسوّى بالعراق؟" كما شاهدنا عددًا من العراقيين العرب وهم يحتفلون بسقوطه راقصين مثل الكورد وبقية مكونات الشعب العراقي الأخرى التي تضررت بسببه وقد رأينا غبطة القس المسيحي وهو يبحث عن رفات أخيه المدفون في مقبرة جماعية. وعلى الرغم من وجود شخصيات كثيرة في الفيلم إلّا أنّ القصة السينمائية تتكئ على خمس شخصيات رئيسة وهي رشيد "عادل عبدالرحمن" وآزاد "حسين حسن" وكلاهما ينتمي إلى قوّات البيشمركة، والطفل الضائع صدام "عبه رش" الذي يبلغ عمره خمس سنوات لا غير. إضافة إلى والديه "أَيام أكرم" و "أحلام نجاة". أمّا بقية الشخصيات فهي تؤثث النص السردي وتديم زخمه وتوصله إلى النتيجة المُرتَقَبة التي أرادها كاتب النص ومُخرجه شوكت أمين كوركي.

أشرنا في بداية هذا المقال إلى بساطة القصة السينمائية أو حكاية الفيلم التي تقوم على مفارقة الاسم فلو لم يكن اسم هذا الطفل "الأُسَيْوِدٌ" صدّام لفرغت القصة من محتواها ولم يعد لها أي معنىً يُذكَر لأنها تتمحور على الدكتاتور وما سبّبه من إحن ومِحن للشعب العراقي وبعض البلدان المجاورة. وإذا كان بالإمكان تجاوز الخسائر المادية أو غضّ الطرف عنها فإن الخسائر البشرية والمعنوية لا يمكن أن تُعوّض. وهنا تكمن أهمية الفيلم الذي راهن على الحرية والكرامة الإنسانية وإن وقع المخرج في بعض الأخطاء التي اعتبرها بعض النقاد العراقيين والعرب لا تغتُفر لأنها تُقلل من أهمية المكوّن العربي على وجه التحديد. فمن  غير المعقول أن يتعامل فرد من أفراد البيشمركة بهذا الحقد الدفين مع طفل صغير لا ذنب له فيما جرى بطول البلاد وعرضها لمجرد أنه يحمل اسم صدام.

يُعتبر "عبور الغبار" من أفلام الطريق Road Movie إذ رأينا العجلة العسكرية البيك آب التي يقودها آزاد وهي تتحرك من منطقة كوردية بالمطلق إلى مدينة مختلطة قد تكون كركوك التي تضم غالبية المكوّنات العراقية قوميًا ودينيًا ومَذهبيًا لكن الفيلم الذي تبلغ مدته 74 دقيقة ينتهي قبل أن يصلا إلى هدفهما النهائي فيعود رشيد إلى نقطة انطلاقه مخذولًا مكسورًا لا يلوي على شيء.824 cinema film

دراسة الشخصية

يبدو الفيلم من جانب آخر كأنه دراسة لشخصيتيّ البيشمركة Biopicture وما ينطويان عليه من تناقضات حادة فآزاد شخص فرح يعزف على آلة الناي غير مرة في إشارة إلى حُبِّه للموسيقى وولعه بها، بل أننا رأيناه يعزف وهو ميت في حركة سُريالية تنطوي على قدر كبير من الغرائبية مع أنه فقدَ شقيقه الذي يصغره بسبعة أعوام ولا يريد أن يتزوج قبل العثور عليه، فقد يكون سجينًا أو مفقودًا أو مُغيّبًا أو ميتًا ارتقت روحه إلى جوار ربّه الكريم. أمّا رشيد فقد خسر هو الآخر ساقه اليسرى في عمليات الأنفال، سيئة الصيت والسمعة ولهذا فهو مشحون بالغضب والحقد، ليس على العرب فحسب، وإنما حتى على هذا الطفل العربي الذي يحمل اسم صدّام الذي لم يخترهُ بإرادته وإنما اختارتهُ الأم طمعًا بالمكافأة المادية. الأب والأم كلاهما خاسر ومُشرّد، والطفل تائه وسط غبار المعارك ولا يستطيع الاهتداء إلى أهله وذويه وأصدقائه المُنهمكين بالسلب والنهب وإفراغ دوائر الدولة ومقرات حزب البعث من محتوياتها وأثاثها وكأنهم ينتقمون من ثلاثة عقود ونصف العقد من القمع والظلم والاستبداد. يتجاذب آزاد ورشيد أطراف أحاديث شتّى لكن الأول يجد ضالته في العزف على الناي أو سماع الموسيقى والأغاني عمومًا وقد شارك المحتفلين الكورد بالرقصة الجماعية لحظة سقوط "الصنم" كما تفاعل روحيًا مع العرب الذين يعبّرون عن غبطتهم بغياب الدكتاتور وحزبه الحاكم الذي لم يجنوا منه سوى الشعارات الطنّانة الزائفة التي لم تجد طريقها إلى التطبيق العملي بعد 35 سنة من البِدع والأكاذيب التي ضلّلت الوطن العربي برمته. كان على آزاد أن يكون موسيقيًا وليس بيشمركة أو مُقاتلًا من أجل الحرية كما يذهب رشيد، رفيقه في النضال والعمل العسكري الذي قد ينتهي غالبًا بالتضحية بالنفس من أجل حرية الشعب الكوردي واستقلاله. وفي مقابل هذه الفئة الكوردية المُضحية هناك مجاميع إرهابية تنضوي تحت عنوان "فدائيي صدام" الذين أغدق عليهم القائد المختبئ الذي توارى عن الأنظار لمدة تسعة أشهر تقريبًا منذ 9 أبريل حتى 13 ديسمبر 2003 حيث قبض عليه الجنود الأمريكيون من دون أن يطلق رصاصة واحدة من مسدسه الشخصي الذي كان يتباهى بحمله أمام أعين العراقيين فقط.825 cinema film

الصورة السلبية المنافية للواقع

ثمة لازمة تتكرر عبر جهاز اللاسلكي على مدار الفيلم مفادها:"أين أنتم الآن؟ وما الذي أخرّكم؟ ومتى تصلون؟" فآزاد ورشيد هما المسؤولان عن إيصال الخبز والطعام إلى بعض وحدات البيشمركة الموزعة على مسافة بعيدة من المقر الرئيسي. تحدث الانعطافة الأولى للقصة السينمائية في الدقيقة الحادية عشرة حينما ينتبه آزاد إلى وجود طفل صغير عمره خمس سنوات تقريبًا يقف أمام السيارة لكي ينتشلاه من محنة الضياع والتشرّد حيث يتعاطف معه آزاد رغم أنه وصفه بـ "الأُسيْود" الذي لا تستطيع أن تراه في الليل بسبب سحنته الدكناء بينما يمقته رشيد ويصفه بالمخلوق القذر وما سواها من الصفات الازدرائية التي تحتقر الطفولة وتحطّ من شأنها. يمشي هذا الطفل حافي القدمين ويرتدي ثوبًا بسيطًا يدلل على الطبقة الاجتماعية الفقيرة التي ينتمي إليها. يصحبه آزاد إلى البيوت المجاورة للشارع الرئيس لكن أحدًا لم يعرفه والغريب أنّ ردود الرجال والنساء في تلك البيوت العربية فظّة وجافة إلى أبعد الحدود وهذا الأمر منافٍ للحقيقة والواقع، فغالبية العرب يمحضون الكورد حُبًا من نوع خاص ويتعاطفون معهم إنسانيًا واجتماعيًا وروحيًا، أمّا النفر الشاذ والقليل فهم المحسوبون على بطانة النظام السابق وحاشيته المريضة. يتفاقم حقد رشيد غير المبرر على هذا الطفل العربي التائه ولا يسمح له بالجلوس إلى جواره فيضطر آزاد لأن يضعه في الحوض الخلفي للسيارة لبعض الوقت ثم يُجلسه إلى جواره على الرغم تذمّر رفيقه واستيائه المتواصل. يحاول آزاد أن يغيّر الموضوع ويفتح كوّة جديدة بعيدًا عن حالة السخط والتشكّي من هذا الطفل اليائس والمُمتَحن الذي لا يجد الراحة إلّا في ظل والديه فيقترح عليه أن يحصل على جواز سفر ويذهب إلى خارج العراق حيث يمكنه أن يقتني ساقًا اصطناعية مطاطية تتيح له أن يقفز مثل الكنغر في رشاقته وخفّة حركته.826 cinema film

يوبّخ والد صدام زوجته دائمًا لأنها، هي وشقيقها البعثي، قد أصرّا على تسميته بهذا الاسم الذي جلب لهم الويل والثبور بعد سقوط النظام وكشف عن ريائهم أمام المجتمع وعليهم أن يتحملوا وزر نتائجه، فرشيد لا يُطيقه ويرفض وجوده حتى في السيارة التي ينقلون فيها الخبز والطعام ويصفه غالبًا بصفات تحقيرية ثقيلة الوطأة على الأذن، وأكثر من ذلك فإن الجندي الأمريكي يرفض استلامه. ومما يفاقم الأمر أنّ إمام أحد الجوامع رفض الاحتفاظ وطلب من المُقاتلَين البيشمركة أن يبحثوا عن أهله في ظل هذه الحرب الكونية الضروس ويسلّموه لهم متذرعًا بانقطاع الكهرباء واستحالة الإعلان عن اسمه الكامل الذي يلفت الانتباه إلى وجوده واستدعاء أهله وذويه لإنقاذه من المحنة التي يعيشها هذا الطفل القاصر المغلوب على أمره. يبدو أن مشكلة السيناريو هي التي شوّشت على الرؤية الإخراجية لصانع الفيلم فانسحبت من القصة إلى السردية البصرية القائمة على السردية اللغوية المخطوءة التي يصعب أن تقنع المتلقي وهو يرى جميع من التقى بهم آزاد يرفضون مساعدته أو مجرد الاستماع إليه وكأنّ هذا الطفل الضائع محنة كبرى لا يريد الجميع الاقتراب منها.

ينتقد والد صدام زوجته ويلومها في كثير من الأحيان لأنها كانت تقف وراء هذا الاسم، فهناك عشرات الأسماء الجميلة من وجهة نظر الأب مثل عبدالله وحسن وحسين ومحمد لكنها أصرّت على اسم صدام طمعًا بالمكافأة المادية التي يدفعون ثمنها الآن. فلا أحد يطيق سماع هذا الاسم حيث يظنون بأهله التبعية والولاء للرئيس المخلوع الذي توارى عن الأنظار بعد 35 سنة من الشعارات الكاذبة.

تتفاقم أزمة المُقاتلَين حينما تُسرق سيارتهم لتقف أحداث الفيلم برمتها أمام منعطف جديد فآزاد له مبرراته التي تدعوه للتعاطف مع هذا الطفل المسكين الذي لا حول له ولا قوة حيث يتلقى الضربات والصفعات المستمرة ولا يردّ عليها إلّا لماما. وسوف نكتشف أن السبب وراء سرقة السيارة هو نقل جريح إلى أحد المستوصفات. يصادفان سيارة على جانب الطريق لكنهما سرعان ما يتركانها لأن سائقها قد قُتل في الداخل بينما نسمع من مذياعها أغنية تمجد صدام حسين " يَعيني أبونا صدام / حتى النجم سهران ويغنيلك". في مكان ما من المدينة يبحث الأب والأم عن ابنهما الضائع صدام وما إن يُصادفا قدورًا مملوءة بالطعام الساخن حتى يتناولا منه ما يسد الرمق، وهو ذات الطعام الذي جلبه آزاد ورشيد ولم يجد الأبوان أفضل منه في ظل الحرب الدائرة على أرض العراق.

سيناريو مصنوع من قصص متناثرة

يبدو أنّ السيناريو مصنوع من نتف صغيرة جمعها السينارست في فضاء سردي فهو ينتقل من الجنود الأمريكان إلى إمام الجامع إلى السيارة المقتول سائقها ثم يتوقف عند شخص عربي يبدو فرحًا جدًا بإسقاط صدام حسين ويقترح على المُقاتلَين البيشمركة وثالثهما الصبي الضائع أن يُقلهم على الطريق الذي يسلكه حيث يرفضان المقترح أول الأمر لكنهما يوافقان لاحقًا ويطلبان منه التوقف ما إن يريا سيارتهما المسروقة. ثم يصادفان قسًا مع شقيقته تعطلت سيارتهما على قارعة الطريق ويرومان الوصول إلى مقبرة جماعية في تلك المضارب علّهما يعثران على رفات أخيهما المفقود حيث تُوقظ هذه المقبرة الذكريات الأليمة عند رشيد الذي تعرّضت قريته لقصف القوات الصدامية وفقدَ فيها ساقه اليسرى كما يتذكر آزاد قصة شقيقه الغائب الذي توارى منذ سنوات طوالًا. وفي نهاية المطاف يعثر القس على صليب أخيه وينخرط في البكاء. تساهم الأخبار التي نسمعها من الراديو أنّ عملية التحرير ما تزال مستمرة وأنها سوف تُنجز خلال أيام معدودة وقد ركّز مخرج الفيلم على عمليات السلب والنهب لغالبية بنايات الدولة ومقرات الحزب في إشارة إلى انعدام الأمن وشيوع الفوضى في وسط وجنوب العراق.

اختار المخرج نهاية إشكالية لقصة فيلمه حيث أوهمَ المُشاهدين أنّ والديّ صدام كانا بانتظاره في مكان قريب من بيتهما حتى أنّ الطفل كان يردد كلمة "أمي" لكن ما أن نُدقق في البساطيل العسكرية الحمراء التي يرتديها الوالدان المزعومان حتى نكتشف أننا أمام خدعة كبيرة. فهذا الشخصان المتنكران هما من "فدائيّي صدام" الذين نشطت خلاياهم بعد السقوط مباشرة حيث أطلقا النار على عنصريّ البيشمركة وأرديا آزاد قتيلًا في الحال وعبّرا موقفًا بالعملية التي نفّذاها بضمنها تحرير صبي عربي لكن المتحدث على الطرف الآخر من الخط أمرهما بترك الصبي والعودة الفورية إلى القاعدة التي انطلقا منها.OLYMPUS DIGITAL CAMERA

دلالة البداية والنهاية

لا بدّ من الإشارة إلى أن البداية والنهاية مرسومتان بشكل دقيق، فإسقاط التمثال له دلالة كبيرة في هذا النمط من الأفلام، أمّا النهاية فتتمثل بالصبي الصغير الذي تركاه فدائيا صدام على قارعة الطريق يبكي وينتظر مصيره المجهول. وما إن يعود رشيد بسيارة البيك آب وهي تحمل في جوفها الخلفي جثة آزاد حتى يتوقف ويتأمل الموقف قليلًا، ثم يقرر في لحظة إنسانية فارقة أن يرجع إلى الوراء قليلًا ويتوقف ليحمل الطفل الباكي والمغلوب على أمره وكأنه يحمل عراقًا تائهًا وسط الحرب والدمار والخراب. يلتفت صدام إلى الوراء وكأنه يبحث عن آزاد الذي تعاطف معه طوال هذه الرحلة المحفوفة بالمخاطر فيكتشف جسده المسجّى في الحوض الخلفي للسيارة بينما تتساقط عليه قطرات المطر التي تخفّف من حدة الغُبار الذي يتصاعد في ساحة المعركة. وكمن يلتقط أنفاسه من جديد يمدّ يده اليمنى إلى آلة الناي التي رافقته طوال الرحلة ويبدأ بالعزف عليها بينما يبتسم صدام الضائع الذي فقد أهله وذويه وذاكرته المكانية التي استعادها في اللحظات الأخيرة لكن فدائيّي صدام حرموه من هذه الفرصة الذهبية التي كان يمكن أن يعود فيها إلى أحضان أبويه اللذين شرعا في رحلة أوديسيّة طويلة وهما يبحثان عن ابنهما الضائع الذي أصرّ الوالد على تغيير اسمه من صدام إلى عبدالله كي يتخلص من لعنة هذا الاسم الذي يتحسس منه الغالبية العظمى من الشعب العراقي غِبّ سقوط صدام حسين وانهيار حزب البعث الذي مرّ على تأسيسه 56 سنة مشؤومة لم نجنِ منها سوى الشعارات الرنّانة والادعاءات الزائفة التي أكل الدهر عليها وشرب.

جدير ذكره أنّ شوكت أمين كوركي قد وُلد في إحدى قرى زاخو التابعة لمحافظة دهوك 1973، وكان والده مقاتلًا في صفوف البيشمركة، لذا اضطرت أسرته لترك كوردستان العراق والنزوح إلى إيران لتقيم فيها 24 عاما حيث درس كوركي السينما والمسرح وتعلق بهما. أنجز كوركي أربعة أفلام وهي "ضربة البداية"، "عبور الغبار"، "ذكريات منقوشة على حجر"، و "الامتحان".

***

عدنان حسين أحمد

في المثقف اليوم