أوركسترا
خليل ابراهيم الحلي: الشبك احد مكونات الشعب العراقي
من أين جاء الشبك؟
يستقر الشبك، بغالبيتهم، في سهل نينوى بين إقليم كردستان ومدينة الموصل مركز محافظة نينوى (شمال العراق). ويعتبر هذا السهل الموطن التاريخي لمعظم الأقليات في العراق: الآشوريون، الكلدان، الأيزيديون، اليهود (قبل رحيلهم)، الكاكائيون، الشبك، وغيرهم.
تميزت الكتابات القديمة، خاصة في بداية القرن العشرين، بالاختلاف الشديد في أصل الشبك. فهناك من اعتبرهم كيانا كرديا، وهناك من اعتبرهم تركمانا، وهناك من رآهم حتى عربا. وامتد هذا الاختلاف إلى عقيدتهم، فنجدهم عند عدد من الباحثين أصحاب ديانة خاصة، وعند آخرين خليطا بين الأيزيدية والزرادشتية والمسيحية واليهودية، وعند آخرين فرقة باطنية ضمن "العلي إلهية" (تؤمن بألوهية علي بن أبي طالب) لها كتبها المقدسة وطقوسها الدينية المختلفة تماما عن باقي المسلمين
وعزز هذا الالتباس التعامل الحكومي الرسمي معهم، فمرة يتم إحصاؤهم كعرب ومرة يصنفون مع الأيزيدية، ما أضفى على الشبك فضولا وغرائبية غير واقعية. غير أن الكتابات الأكاديمية تسير في الوقت الراهن إلى اعتبارهم أكرادا.
"وكل ما في الأمر أن طائفة الشبك الكردية، التي منها الشيعة والسنة، كبقية الكيانات القبلية لا يميزها عن بقية المسلمين مقال ديني أو طقس خاص.
سنة وشيعة
يعتبر الشبك إذن حسب بعض الباحثين أكرادا في الغالب مع وجود عشائر تنسب نفسها إلى أصل عربي. وهناك أيضا من يعتبرهم إثنية مستقلة. يتحدث جزء منهم لهجة كردية باجلانية، إحدى فروع الكورانية، وبعضهم لهجة قريبة من الهورامية. وتدخل هذه اللهجات كلها ضمن اللغة الكردية.
وكبقية المسلمين، ينقسم الشبك إلى سنة وشيعة. سنة على المذهب الشافعي وشيعة على المذهب الجعفري الإثني عشري.
يهتم الشيعة منهم بمناسبة عاشوراء ويلبسون السواد، ويزرون العتبات المقدسة بالنجف وكربلاء والكاظمية وسامراء".
أما السنة، فمذهبهم شافعي مثل باقي العشائر الكردية مع تأثير محدود للمذهب الحنفي صاحب السيادة في مدينة الموصل.
لا توجد إحصائيات دقيقة عن أعداد الشبك. وقدرهم إحصاء سنة 1977 بـ80 ألفا،
وحول تسمية الشبك يعتقد أنها أتت من اتفاقية الشاه (بمعنى الملك الفارسي) والبيك (بمعنى السيد التركي)، بعد إنهاء المشاكل بينهما، وأصبحت الاتفاقية باسم (الشاه والبيك)، ثم لفظت اختصارا (شبك).
و أن الشبك كانوا يسمون أيضا "الكمبهية" أو "الكمبيين"، أي أصحاب القبب، حيث كان طراز منازلهم يُبنى على شكل قبب، أو كمبة كما يسميها الشبك.
في حين يرجع رئيس مجلس وجهاء الشبك الشيخ عباس حسين آغا سبب هذه التسمية إلى أن الشبك عدة عشائر يتكلمون اللهجة الشبكية، وهذه العشائر تشابكت وأصبح اسمها الشبك.
ثقافات وعادات
عادات وتقاليد الشبك قد لا تختلف كثيرا عن باقي المسلمين والعشائر العربية في المنطقة، منها مجالس العزاء وحفلات الزواج وتقاليده وغيرها من العادات، والشبك في العراق يتخذون التلال العالية مقابر لموتاهم.
إن ما يميز الشبك هو الزي القديم المختلف عن أزياء القوميات الأخرى، لكن هذا اللباس القديم اندثر مع مرور الوقت.
أن الزي الشبكي سابقا كان عبارة عن دشداشة (ثوب طويل) بيضاء قصيرة قليلا عن المعروفة حاليا، والدمير (يشبه السترة) المفصّل بطراز مميز، ولهم عمامة "قلنسوة" بيضاء، وتختلف حسب الشخص، حيث كان الثري يلبس ملابس غالية مستوردة من الهند وغيرها.
وينوه إلى أن أتباع طريقة البكتاشية (إحدى الطرق الصوفية) من الشبك كانوا يقدمون النذور في رأس العام، طلبا لمغفرة الله، وهذه العادة كانت موجودة قبل أكثر من 50 عاما، ولكنها اندثرت
المجتمع الشبكي متماسك جدا
أن الشبك يتميزون بحرصهم على التزاور المستمر فيما بينهم، وهذا أدى إلى تماسك المجتمع الشبكي، بخلاف ما هو موجود حاليا في بعض القوميات والأقليات الأخرى.
وعن المزيد من العادات والتقاليد إن لهم رقصة فلكلورية خاصة تستخدم فيها الطبل والزرنة (آلة نفخ موسيقية) في الزواج، ويتم رش الحنطة والشعير كدلالة على البركة، وكسر الجرة تحت رجل العروس أثناء حفلات الزفاف.
وترفع الأعلام الملونة بألوان قوس قزح كدليل على وجود عرس وفرح في ذلك البيت، ولفت عباس إلى أنهم لا يتكلفون في طلبات الزواج من العريس، وتنخفض لديهم قيم المهور، مما يدل على بساطتهم.
أما بخصوص طقوس الدفن والموت فيوضح المواطن الشبكي أنهم يختارون التلال العالية لتكون مقابر، ويطلقون عليها "التبه" (التلة قليلة الارتفاع).
ويمتاز الشبك بنظام اجتماعي خاص بهم، ومشابه لما هو موجود في مجتمعات متمدنة ومتحضرة أخرى، ويقوم على البيوت وليس النظام القبلي.
لغة خاصة
يتكلم الشبك اللغة العربية مع عموم الناس، في حين يتكلمون مع بعضهم اللغة الشبكية الخاصة بهم، والتي تشتمل على مزيج من المفردات العربية والفارسية والكردية والتركمانية،
وهناك لغة قديمة بهم اعتبر المؤرخون وممثلو الشبك أن اللغة الشبكية أحد فروع اللغة الأذرية أو الهندآري
لكن اللغة الشبكية تأثرت بمحيطها الخارجي كثيرا، وطرأت عليها عدة تغييرات نتيجة الانطواء والانعزال، وما حصل للأقلية الشبكية في العراق من ويلات، حيث لم تكن هناك مقدرة على تدوين اللغة الشبكية كلغة خاصة بهم ويتم الاعتراف بها قانونيا.
أبرز شخصياتهم
وتزخر الثقافة الشبكية بالكثير من الشعراء والأدباء والكتاب، من أمثال سيد حر، والصوفي عزيز آغا، وخليل المهجر مشختي، وسالم الشبكي، حسب العزيز. ومنً أبرز شخصياتهم عباس حسبن اغا
ويسرد بعض أسماء الأدباء الشباب، ومنهم عارف الداودي وعلي باجلان وطه باجلان وفراس زندار وحازم خضراني ونوح الشبكي وغيرهم، و وجود قصائد وأشعار مكتوبة باللغة الشبكية، ولكن المشكلة أنها لا تميّز بين المذكر والمؤنث، كما هو موجود باللغة العربية.
وحول أشهر الشخصيات الشبكية تاريخيا، إن أبرزهم حسين آغا الضابط الكبير في الجيش العثماني، والأخوان خورشيد ورشيد آغا اللذان قادا حركة تشبه الثورة ضد الإقطاعيين، والكاتب الشاعر ملا حسن بن محمود، واللواء الطبيب عبد الله زينل، وشاهر فندي آغا، وعلي سليمان بك.
الاعلامي / خليل ابراهيم الحلي
رئيس تحرير صحفة العهد/ سدني