أقلام حرة
جودت العاني: الغرابة بين عالمين..!!
تشكل هذه السردية (الآيديولوجية)، أمرا غريبا في عالم (السياسة) ومن الصعب إحتسابها على عالم الدين ايضا.
للسياسة، حساباتها الواسعة والعميقة والمتعددة، وحسابات الدين ليست سياسية، فلا سياسة في الدين، والدين ليس سياسة، كما قلناها مرارا، الدين لا سياسة فيه ولا يؤطر الدين بالسياسة، الدين هو لوجه الله لا يحتاج إلى سياسة أو أطر سياسية.. فلماذا يسيس الدين ويأطر بايديولوجيات متنوعة تنتهي بخلافات وإضطرابات وانقسامات تمنع الشعوب من الانتاج والتطور؟ ثم، لماذا يحزب الدين في شكل تنظيمات وحركات وتجمعات تظهر وتعلن انها مسؤولة عن الدين؟، وهل أن الدين بحاجة إلى تنظيم (سياسي) لكي يستقيم وينتشر؟ ما الغرض من وضع (الدين) في قالب السياسة، أي جعله سياسيا ويفاوض سياسيا وتنتهي مفاوضاته ببيان سياسي؟ لا احد يحارب الدين.. إنما اطاره (السياسي) هو الذي يثير والإشكاليات في المجتمعات ومن خلال المماحكات يتناحر ويتفكك المجتمع.
الدين اكبر من أن يؤطر أو تؤطره السياسة التي تتلون وتتشكل كما يريدها السياسي وأهواء السياسة ونوازعها ومراميها..
والتأطير السياسي يعني العمل من اجل اهداف سياسية، أما الدين فله هدف واحد هو عبادة الله الواحد الأحد سبحانه، ليست عبادة (غرضية) إنما عبادة (إيمانية) محضه لا يدخلها الشك،
أما الدين المسيس فأغراضه (دنيوية) يشوبها الشك ولا يداخله اليقين.. وخاصة حين (تدخل العمامة في السياسة وتدخل السياسة في العمامة).. وهنا يكمن الخطر، يكمن في المقولة التي اطلقتها الصهيونية كولدا مايير (نحن ندعم الدين الاسلامي من أجل تفكيكه وتدمير القومية العربية)، فدعمت بريطانيا حركة اسلامية بالمال وأسست لها جمعيات خيرية وتبنت إنشاء خلايا تنظيمية في لندن واوربا وتركيا وإيران ومصر.. هكذا إذن تعمل الصهيونية العالمية على تدمير الدين وتحطيم القومية العربية.. وقد تعاملت بريطانيا في منتصف الأربعينيات من القرن المنصرم مع الإسلام والاسلامييين بطريقتين:
اولا: دعمت ماليا (بعض) المسلمين وأنشأت لهم جمعية خيرية وتركت (البعض) الآخر عن قصد بدون دعم مالي أو مساعدة.
ثانيا: خلقت بريطانيا (شرخا) في بنية المسلمين وصراعات داخلية، أثارت تساؤلات، لماذا دعمت بريطانيا هؤلاء ولم تدعم الآخرين؟
ثالثا: قسمت الاسلام بين فئتين على أساس الشك والعمالة.
رابعا: ومنذ ذلك الوقت برزت الحركات الاسلامية ووضعت لها أطر سياسية وبات الاسلام مقسما بين الناس وبالتالي تم (تسييسه) في مسارات وتسميات مختلفة (السلفي والسني والشيعي والمتعصب والمتسامح والمهادن والمتواطئ..) إلخ
خامسا: تسييس الدين يعني وضعه في اطر وتشعبات المصالح الوضعية المتشابكة.
سادسا: هل الدين بحاجة الى اطر السياسة لكي يسود وينتشر؟
سابعا: الدين لا يحتاج الى سياسة لكي ينتشر بل يحتاج الى رعاية عقلية وأخلاقية بدون سياسة لأن السياسة فيها مخادعات وإنحرافات ومكاسب.
ثامنا: الاسلام المسيس لا يعترف بمراحل التطور بل هو عابر نحو العالمية، فهو بهذا النهج يعبر الهوية (الوطنية) ويتجاهل الهوية (القومية)، وبالتالي فهو لا يكترث إذا ما طمستا وذابتا، لتمسكه بدعوى العالمية.
تاسعا: ان (الاسلام السياسي) يؤمن بالعالمية، لكونه عابرا للحدود الوطنية والقومية.
عاشرا: إن نهج (الاسلام السياسي) هو نهج عالمي اولا وأخيرا.
احد عشر: الاسلام السياسي عابر للحدود لا يلتفت للتطور الوطني والقومي، إعتقادا من منظريه بأنه (عالمي يحرق المراحل الوطنية والقومية).
!ثنا عشر: قالت الصهيونية غولدا مائير في لندن (إننا نساعد الاسلام والمسلمين من أجل تقسيمهم والقضاء على القومية العربية).
ثلاثة عشر: المعنى في ذلك، أن تسييس الدين يعد أداة في يد الصهيونية.
أربعة عشر: من سيس الدين الاسلامي؟ فصيلان سياسيان معروفان سيستهما بريطانيا حين كانا في لندن.. وفقا لما اعلنته رئيسة وزراء الكيان الصهيوني السابقة. تحرك بريطانيا هذين الفصيلين وتمدهما بالأموال وتسلحهما وتوجههما وتقدم لهما التوجيهات السياسية.
ستة عشر: باتت هاتان الحركتان لعبة بيد دولة إقليمية وأخرى إسرائيلية، وكلتيهما تحركهما أداة خفيه..!!
***
د. جودت صالح
تركيا – 28/12/2025







