أقلام حرة

صادق السامرائي: التفكير المحنّط!!

يبدو أن الأفكار الثورية لم تكن خاطئة أو خطيئة، وإنما فقدان قدرات تحويل الأفكار إلى برامج عمل، ولهذا كُتب الكثير عن النظريات والتطبيق وغابت الآلية العملية لترجمة الفكرة!!

وبسبب هذا العجز والجهل تخبطوا وتحيروا وتحولوا إلى أعداء بعضهم وأنفسهم فأحرقوا واحترقوا، ولا يزالون بعيدون عن إمتلاك مهارات تحويل الأفكار إلى برامج عملية ذات قيمة وطنية وحضارية.

فالعرب قد أثبتوا بالعمل المكرر الصريح بأنهم عاجزون عن تصنيع الأفكار!!

فمنذ منتصف القرن التاسع عشر وهم يلهجون بالوحدة والتكامل والتفاعل وكتبوا عن علل الإستبداد وإرادة الحرية والعدالة الإجتماعية، والتخلص من الأمية والجهل والمرض وضرورة المعاصرة والمواكبة والعلم والتعليم، وما حققوا ما يجب أن يحققونه، برغم أسبقيتهم للعديد من مجتمعات الدنيا.

والفكرة القومية كأية فكرة يمكنها أن تمتلك القادرين على التعبير عنها بالطريقة المتفقة معها، وقد عجز أبناؤها عن التوصل إلى آليات حضارية معبرة عنها.

فكما أن العيب ليس في الدين وإنما في المتدينين، كذلك العيب ليس في القومية وإنما في المتقوممين.

فكل فكرة يمكن التعبير عنها بسوء او بخير، وهذا يعتمد على زوايا الفهم والإقتراب والتعبير.

وفي هذا القرن نهضت بغتة أو داهمتهم فكرة الديمقراطية، وكأنها لم تكن موجودة أو معهودة من قبل، ووجدتهم كأصحاب الكهف الذين استيقظوا بعد قرن ونصف ليتمنطقوا بها، وها هي تعاني ذات الويلات التي عانت منها أفكارهم النهضوية كالوحدة والحرية، وغيرها من المنطلقات التي يرددونها كالببغاوات.

فالعيب ليس بالديمقراطية وإنما في المتدمقرطين، الذين حولوها إلى حصان لتحقيق الرغبات الفئوية والحزبية وغيرها من الغايات الفاسدة.

فإلى أين أخذ العرب الديمقراطية؟

لنتأملها في البلدان التي تدعيها، إنها تحولت إلى دماء ودموع ودمار وفساد وضياع أمن، وصارت تعني في خلاصتها محاربة الإرهاب والذي يعني تخريب البلاد وسبي العباد.

فهل ينجح أحد في بلداننا ما دامت العقول معطلة، والعواطف والإنفعالات مؤججة، وتنور الويلات في أعلى درجات حرارة الإنسجار؟

إذا الأفكارُ جامدة ٌ لعجزِ

يُعذبها بتضليلٍ وقهرِ

هيَ الدنيا بأفكارٍ تنامَتْ

تصنّعُها عقولٌ بنتُ عَصرِ

لماذا فكرنا ماءٌ برملٍ

وحَسْبُ شبابنا ويلاتُ زجرِ

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم