أقلام حرة

غريب دوحي: انطوان لا فوزييه.. عالم الكيمياء الذي أعدم بالمقصلة

(ان قطع ذلك الرأس قد تم بلحظة، ولكن قرناً آخر قد لا يكفي لكي يظهر رأس آخر مماثل)

جوزيف لويس لا جرانغ عالم رياضيات إيطالي

لقد حاولت عدة مرات ان اكتب عن هذا العالم العظيم لكن قلة المصادر اخرتني الى هذا اليوم ولكن كتاباً يحمل عنوان (رجال، عاشوا للعلم) تأليف عدد من المؤلفين الاجانب هو الذي اعتمدت عليه في كتابة هذا المقال يعد لا فوزيه مؤسس علم الكيمياء الحديثة، كما انه يعتبر من اعظم العلماء في التاريخ الحديث - لقد اشتغل في الكيمياء عدد من العلماء القدماء مثل خالد بن يزيد وجابر بن حيان بالاضافة إلى العلماء المعاصرين لانطوان لانوزينه هنري كفنديش و بريستلي وغيرهم. لقد كان لافوزييه من الشخصيات البارزة في عصره ونابغة زمانه حيث انه استطاع ان يلم بالاضافة إلى الكيمياء بعلم الفيزياء والاقتصاد والتعليم ومنذ شبابه ارتقى الى ان يكون عضواً في اكاديمية العلوم الملكية.

انجازاته العلمية

كانت نشاطاته في الكيمياء عبارة عن سجل علمي تحمل بين طياته الكثير من الانجازات الباهرة فاهتم اولا بدراسة عنصري الاوكسجين والهيدروجين، كما انه ساهم في رسم خارطة جيولوجية لفرنسا وعمله لتحسين الاضاءة في شوارع باريس واعلن ان الاحتراق ينتج عن اتحاد بين الجسم المحترق والاوكسجين، واستنتج ان الماء يتكون من غاز الاوكسجين والهيدروجين بعد ان اجرى عدة تجارب في مختبره، وكان اهتمامه بالاحتراق قد دفعه إلى الاهتمام بعملية التنفس حتى ان البعض اعتبره مؤسس الكيمياء الحيوية وهو اول من قال ان حرارة الحيوان هي عبارة عن عملية احتراق بطيئة وقد عرف هذا عن طريق اجراء التجارب على الارانب والفئران وكان العالم لابلاس يساعده في هذه التجارب، وكان شغوفاً ايظا بالزراعة فقد كان يمتلك مزرعة ورثها عن ابيه.

ولم يكن لافوزييه مجرد عالم كيمياء وفيزياء وانما كان مصلحاً اجتماعياً فقد كانت محاضراته التي يلقيها في مدينة (اور ليان) تتضمن مطالبتة لمنح المعونات الاجتماعية لليتامى والاهتمام بالارامل والغاء نظام (السخرة) في المزارع والمعامل وفي عمليات اصلاح الطرق واعداد ملاجئ للفقراء وقال في احدى خطاباته.. ان السعادة ملك للجميع) الا ان اسهامه في شركة خاصة بجمع الضرائب كانت السبب في اعدامه وقد مرت فرنسا بمرحلة جديدة بعد الثورة سادت فيها الفوضى وقد سميت هذه الفترة بـ عهد الارهاب) والتي استمرت لمدة عامين من عام ١٧٩٢ - ١٧٩٤ م حيث تم اعدام الملك لويس السادس عشر وزوجته ماري انطوانيت ثم سيق الفرنسيين زرافاتاً ووحدانا إلى المقصلة بحجة معاداة الثورة وكان من بينهم العالم انطوان لافوزييه

اعدام انطوان لا فوزييه

كان من اهداف رجال الثورة الفرنسية تأسيس شركة لجمع الضرائب وقد ساهم فيها لافوزييه الا ان هذه الشركة امتازت بكراهية الشعب الها واعتبر عملها لصالح النظام الملكي المنهار وبدأ الناس يقدمون الشكاوى ضدها لذلك اصدرت محكمة الثورة امراً بالقاء القبض على اعضائها وزجهم في السجن. سجن لافوزييه رغم الخدمات العظيمة التي قدمها لهم ويومها كان الارهاب في فرنسا قد وصل إلى ذروته وهذا يعني ان الحكم سيكون الاعدام. وفي عام ١٧٩٤ وقف لا فوزيه امام المحكمة ووجه اليه الاتهام بانه كان يحول اعداء الثورة بالاموال وهي تهمه لم يقم عليها اي دليل، وبعد انتهاء المحاكمة اصدرت قراراً جماعياً بالادانة، فاخرج لافوزييه من السجن واصعد إلى العربة التي اوصلته الى ساحة المقصلة وقام الجلاد بقص الشعر القريب من رقبته لكي يسهل على السكين قطع الرأس بسرعه وبعد لحظات تدحرج رأس لافوزييه على الارض تاركاً بقعة من الدم تدل على همجية ذلك النظام، لقد اثبت اعدام هذا الرجل الذي يجب ان يخلد أن الثورات كالنار تحرق حتى الذي يقدسها فكان بحق شهيد الكيمياء في التاريخ الحديث.

***

غريب دوحي

 

في المثقف اليوم