أقلام حرة

صادق السامرائي: العالم المسجور بين الماء والنار!!

العالم المسجور

بالتبر البراق والنفط الدفاق والنار والدمار والربح والسلاح، وبالكذب والضلال والجور والنفاق والخديعة والرياء.

وبالرغبات الفتاكة والشرور المدوية في أركان الحياة المرتعشة من رعود التداعيات الكبيرة المتواصلة في ميادين الضياع المعاصرة.

العالم المسجور

بالكراهية والبغضاء وفعاليات الثبور، وبالجوع والفقر والإمتهان والإستعباد والإذلال والحرمان والعويل والصراخ الطويل.

وبالجهل والأمية والعماء المعرفي المتنامي، الذي يردي البشر كالجراد في وديان الهلاك الإنفعالي والتفاعل العاطفي السلبي المرير.

العالم المسجور

بالأمراض التي عجزت البشرية عن الإنتصار عليها، عالم يتسيد فيه التدرن الرئوي ونقص المناعة وتقتل بعوضة الملاريا الصغيرة الملايين من البشر كل عام، وتفتك الأمراض السارية والمعدية والأوبئة بالناس فتحصد الأرواح حصدا.

العالم المسجور

بالحروب والعنف وكل إبداعات الخراب والفتك بالآخر، ويحسب المآسي المتفاقمة نعمة وإنتصار.

العالم المسجور بالرصاص وشراهة شركات بيع الأسلحة وتصنيعها، والتي تحقق أعظم الأرباح على حساب قتل الملايين من أبناء حواء حيث أسواق بضاعتها الحروب.

العالم المسجور

بالحماقات والتعصب والإنفلات الأخلاقي الذي يدمر ذات الوجود، ويطحن قلب الأرض بخنجر الويلات العنيد.

وبالظلم والطغيان والتكبر والتعنت والتجبر والإنقضاض على الآخر الضعيف، وسلب كل ما يرتبط به من حال وأحوال ومصادرة إرادته ووجوده ومستقبله.

العالم المسجور

بالأكاذيب البراقة والأضاليل الساطعة والمهيمنة على أرجاء الوعي البشري، والمتمكنة من تحويل الحشود إلى دمية تتحرك عن بعد وفقا لإرادة مالكها.

وبالخداع ووسائل غسل الأدمغة وتطهيرها من المعاني والقيم والأعراف، وضخها بما يوفر أسباب تحقيق أهداف الراغبين بالوصول إلى نواياهم الذاتية الأنانية، التي لا يعنيها سوى أن تمتلك وتتلذذ وتمعن في إشباع حاجات الذات الشرهة الأمارة بالأسوأ من السوء.

العالم المسجور

في تنور الأوجاع الحضارية والمطبوخ فوق نيران الحروب المعاصرة ذات الشعارات الإنسانية الراقية، التي تريد تحرير البشر من نفسه ورميه في فم التراب الفاغر ليزدريه.

وبالوحشة والخوف والظنون السيئة والأماني المتوحشة والحيطة والحذر، وإعتبار البشر قنبلة قد تنفجر في أية لحظة بوجه البشر.

العالم المسجور

بالإذعان لسطوة الغباء والمعادي لنداء الذكاء، يزحف على بطنه ولا يرى بعيونه إلا ما يدور في أعماقه من أوهام وبهتان وضلالات امتهان وترويع.

وفي لهيب الذات المسعورة ودخانه يتصاعد إلى عنان السماء حتى تحول إلى سهم من الأوجاع، التي إخترقت ثياب الأرض ومزقت قشرتها الجميلة وإستدعت إليها آفات الفناء.

العالم المسجور

بآبار النفط والمقيد بالنفط والمدمن على النفط، وقد ظهرت أعرضه الإنسحابية الشديدة، وهاهو في نوبة صرع متواصلة لن تهدأ حتى تنقطع أنفاسه ويموت.

هذا العالم عليه أ يستيقظ ويخرج من نفق البهتان ومستنقعات الضلالة والثبور ليرى النور ويعرف الله.

وينظر بعين أخرى إلى أخيه الإنسان الذي أصابه بالآلام والقهر والأحزان.

وعليه أن يبحث عن علاج لويلاته النفسية وآفاته العقلية لكي تنجو الأرض من شره وبطشه، ولكي لا تنتقم السماء من جوره الذي أرعب التراب.

العالم المسجور

عليه أن يحي ضميره ويوقظه من غفوته وسباته وتجاهله وأنانيته، فيدرك هذا الضمير الذي إستيقظ أن الحياة عليها أن تكون غير ما هي عليه.

وأن تتحرر من عبودية أفكار الشر وشعارات الوهم والخداع والتضليل، التي تهتك الأعراض وتخطف الأرواح وتسفك الدماء، وهي تدعي بأن الذي تحقق من أجل الخير والمحبة والسلام والتقدم.

وقد كذبوا وخدعوا وما خدعوا إلا أنفسهم وما الله بغافل عما يعملون!!

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم