أقلام حرة

صادق السامرائي: المطالبة والمبادرة!!

تربّت الأجيال على سلوك المطالبة من الحكومة وإلقاء مسؤولية كل شيء عليها، مما تسبب بتعطيل وفقدان المبادرة والجد والإجتهاد والمثابرة والشعور بالمسؤولية، فالمهم أن تطالب وقد تكبلت يداك وتعطل عقلك، وجلست على تلٍ بعيد، فأنت قلت وناديت بصوت عالٍ والحكومة لا تستجيب.

هذا سلوك الخيبة والضعف والهوان، فالمدن بأهلها، ولا توجد مدينة عامرة في الدنيا دون مبادرات من مواطنيها، وإسهاماتهم المتنوعة في إنجاز المشاريع اللازمة لجمالها وعزتها وكرامتها، وتألقها في حواضر الدنيا.

فلا تطالب وبادر وإنطلق بتجسيد الفكرة الصالحة لمدينتك.

أبناء المدينة الفلانية يطالبون بكذا وكذا ويتظلمون، وعندما تسألهم عن مبادراتهم وهل أسهموا بخطوات عملية لتحقيقها، يلوذون بصمت وغضب، فهذه مسؤولية الحكومة، وعليهم أن يطالبوا وحسب.

المبادرة فعل يقوم به شخص أو مجموعة أشخاض لتحقيق هدف معين  يدل على المبادءة والريادة، والمقصود هنا المبادرة المجتمعية.

الحياة أساسها المبادرات، وما تصنعه أكبر مما تأتي به المطالبات، فلا بد لأبناء المكان أن يفتخروا بما أسهموا به وعبَروا عنه في مكانهم الذي ترعرعوا فيه، وليس من الفخر أن تكون المطالبات على رأس قائمة التفاعلات بين الحكومة والشعب.

وردني "يعود الفضل لفلان الفلاني لأنه طالب الحكومة ببناء منشأة ما في مدينته، فتحقق ما أراده"، قد تبدو مطالبة برداء مبادرة، أسهمت بإقناع الجهات المسؤولة بضرورة تلك المنشأة، لكن أي مكان يعكس شخصية آهليه، وعليهم أن يتركوا بصمات وجودهم عليه، وهذا يتأتى بالمبادرات المتواصلة والعمل الجماعي والجد والإجتهاد، والتفاعل المتكاتف بينهم.

هل المطالبة عندما تتحقق تتحول إلى قدوة للآخرين فتزداد مطالباتهم وتعز مبادراتهم؟

المطالبة فيها حث على الإتكالية والتحرر من المسؤولية، بينما المبادرة توثب وإبتكار وإعمال للعقل وإستثمار للطاقات وتأكيد للقوة والإقتدار.

آماكن الدنيا المتنوعة ولدت من رحم المبادرات، ولم تأتِ بها المطالبات.

فعلينا أن نبادر لنعاصر!!

مبادرة تُسامق مرتقانا

بلاسمها تفاعل منطوانا

وتمنحنا شعورا مستحبا

يباركنا ويستدعي رؤانا

فبادر ثم طالب أنت حرٌّ

ومسؤولٌ إذا برزت خطانا

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم