أقلام حرة
صادق السامرائي: لا يحسن النحو!!
يُقال أن الوليد بن عبد الملك بن مروان (86 - 96) هجرية، كان لحّانا، قال على المنبر النبوي " يا أهلُ المدينة"، وقرأ ذات مرة " يا ليتُها كانت القاضية " فعابوا عليه ذلك وألصقت به تهمة "لا يحسن النحو" منذ بداياته.
وبرغم إنجازاته وفتوحاته، بقيت وصمة عدم تمكنه من النحو تلاحقه، وذلك لوجود علماء غيارى على لغة الضاد وحماة أشداء للغة القرآن، فمن لا يحسن النحو فيه عيب كبير برأسه.
واليوم لا يوجد في دول الأمة حاكم يجيد النحو، فما أكثر أخطائهم النحوية في خطاباتهم وأحاديثهم، مما يبرهن على مدى القصور العقلي الذي يعانونه.
وينتفي مَن ينتقدهم ويبصرهم ويعلمهم لأنه سيكون من المجرمين، ولو ألحن حاكم في أية دولة أجنبية بكلامه، لثارت عليه أقلام الصحفيين، ولتم التشهير به في وسائل الإعلام.
أما في دولنا، فالجميع يصفقون ويهللون ويطيعون ويعممون العثرات، ويدمرون جوهر اللغة وروح الدين.
وبعدها يتساءلون لماذا اللغة العربية في محنة، وقادة مجتمعاتها من أجهل الجاهلين بها.
المجتمعات بحاجة إلى قدوات بها تقتدي، وتلك حقيقة فاعلة في مسيرة الحياة، التي يصنعها الأفراد وتتبعهم الجماهير، فروح القطيع تسري في الوعي الجمعي، وهم بحاجة إلى مَن يأخذ بأيديهم ويوفر أدواتهم ويرسم لهم خارطة الطريق.
"إذا كان ربُّ البيت بالدف ضاربا (مولعا)...فشيمة أهل البيت كلهم الرقص"
و"إذا كان رب البيت بالنحو جاهلا...فشيمة أهل البيت كلهم الخطلُ"
فلماذا نعتب على الناس، ونخبها فيها من التقصير ما يؤذي الأجيال، لأنها تقدم القدوة السيئة القاضية بالعدوان على اللغة العربية، وإهمال قيمتها ودورها الحضاري وتراثها المعرفي الوهاج.
وشتان بين الغيرة اللغوية قبل عدة قرون، وغيرتنا عليها اليوم!!
وأنى نكون تكون لغتنا!!
و"الكلام صفة المتكلم"!!
***
د. صادق السامرائي