أقلام حرة

نهاد الحديثي: تعليم التراث الشعبي.. تعزيز الهوية الوطنية

يُعتبر التراث الشعبي ليس مجرد قصص قديمة أو عادات متوارثة، بل هو خلاصة التجارب التي عايشها الأجداد وأسهمت في بناء المجتمع. إدراج هذا التراث في المناهج الدراسية يُعتبر من أهم الأدوات لترسيخ قيم التعاون، الشجاعة، والعمل الجماعي، تلك القيم التي ساعدت المجتمعات على مواجهة التحديات عبر العصور. بتعلم الأجيال لتلك القيم، يكتسبون القدرة على التكيف مع التغيرات المعاصرة مع الحفاظ على هويتهم الثقافية،،، وتعليم الأجيال الجديدة عن التراث والموروث الشعبي أحد الأسس الضرورية لتعزيز الهوية الوطنية وصون الثقافة المحلية من الاندثار. في ظل التطورات السريعة والتأثيرات الثقافية العالمية، يبرز دور التعليم في نقل هذا الإرث الثري للأجيال القادمة، مما يعزز ارتباطهم بجذورهم ويجعلهم أكثر فخرًا بتراثهم،

إن تعليم التراث يلعب دورا أساسيا في تربية أجيال قادرة على التفاعل مع العالم الحديث، مع الحفاظ على هويتها الثقافية والجذور العميقة. مضيفا “من خلال تدريس التراث، نعلم الطلاب كيف كانت الحياة في الإمارات قبل النهضة الاقتصادية والتطور التكنولوجي، وكيف أن تلك الفترة التاريخية أسهمت في تكوين ملامح الدولة الحديثة، كما تلعب الأنشطة التعليمية خارج الفصول، مثل زيارة المتاحف والمواقع التاريخية، دورًا هامًا في تقريب الطلاب من ماضيهم بشكل ملموس وتفاعلي. هذه التجارب العملية تسهم في تعزيز فهم الطلاب للتراث وتجعل التعلم تجربة أكثر إثراءً.

 إن النظام التعليمي اليوم يركز بشكل كبير على التكنولوجيا والابتكار، وهو أمر مهم بلا شك، لكن يجب ألا نغفل عن أهمية تعزيز القيم التراثية. من الضروري أن يجد الطلاب توازنا بين التعلم التقني والحفاظ على هويتهم الثقافية. وهذا يتطلب من القائمين على التعليم تطوير برامج دراسية تربط بين الحداثة والتراث، وتقديم محتوى تعليمي يجعل الطلاب قادرين على التفاعل مع عالم متغير دون فقدان هويتهم،، يجب أن يكون للمعلمين دور محوري في هذه العملية. إعداد المعلمين يجب أن يكون جزءا أساسيا من أي إستراتيجية تهدف إلى دمج التراث في التعليم. المعلمون هم الجسر بين المعلومات والطلاب، وإذا لم يكونوا مجهزين بشكل جيد لتقديم التراث بأسلوب مشوق وتفاعلي، فإن الجهود المبذولة في تطوير المناهج قد لا تحقق النتائج المرجوة. لذلك، يجب توفير دورات تدريبية للمعلمين تركز على كيفية تدريس التراث بأسلوب يتناسب مع التحديات والفرص التي يقدمها القرن الحادي والعشرون.

المعلمون، بدورهم، هم العمود الفقري لهذه العملية التعليمية. إعدادهم بشكل جيد لتدريس التراث بطرق مبتكرة وتفاعلية يُسهم في جعل هذا المحتوى أكثر جاذبية للطلاب، مما يضمن بقاء هذه الثقافة حية في أذهان الأجيال القادمة،، فلا يمكن حصر الهوية الوطنية في كتب التاريخ والدراسات الاجتماعية فقط، بل يجب أن يتم دمج عناصر التراث في جميع المواد الدراسية. فعلى سبيل المثال، في دروس العلوم، يمكن للمعلمين توجيه الطلاب لاستكشاف تأثيرات البيئة الصحراوية والمناخ على الحياة ، وكيف استطاع الأجداد التكيف مع هذه الظروف. في دروس الأدب، يمكن دراسة الشعر النبطي كجزء من التراث الأدبي ،وكيف يعبر هذا النوع من الشعر عن قيم المجتمع وأفكاره.

في النهاية، يعد تعليم التراث الشعبي أداة قوية لتعزيز الانتماء الوطني، فهو ليس فقط إحياء للماضي، بل هو أيضًا بناء لجسور تواصل بين الأجيال والحفاظ على الهوية الوطنية في ظل عالم متغير.

***

نهاد الحديثي

في المثقف اليوم