أقلام حرة

صادق السامرائي: سلفادور دالي والدين!!

كنت أتجول في معرض لرسومات سلفادور دالي (1904 - 1989)، ومعلوماتي عنه أنه من أعلام المدرسة السريالية، وأستخدم بعضا من رسوماته في أحاديثي عن السلوك البشري، وإكتسفت إهتمامه برسم الزهور والنباتات ومزجها مع الجسم الآدمي خصوصا المرأة.

وإستوقفتني جدارية كبيرة تمثل العلاقة بين السماء والأرض، وكأنها تختصر قصة الأديان، ففيها نبي أو رسول يتلقى ما يتلقاه من ربه، ويكون له أتباع يبدأون بأربعة ثم يتضاعف العدد، وكلما تكاثروا مالوا لقتال بعضهم، فتقول اللوحة أن ما جاء من السماء تسبب بتقاتلات لا تنتهي.

فهل أن الأديان من مسببات سفك الدماء؟

"...أ تجعل فيها مَن يفسد فيها ويسفك الدماء..."!!

المتابع لمسيرات البشرية فوق التراب، يجد أن معظم صراعاتها كانت لأسباب دينية، فالأديان تتقاتل، وأبناء الدين الواحد يتقاتلون ، فلا يوجد دين يخلو من الصراعات الداخلية والخارجية.

إنه سؤال محير، وسيقول الكثيرون أن العيب ليس في الأديان بل في البشر، الذي يؤمن بها ويسعى في سبيلها وفقا لتأويلاته، وظنونه بأن ما يقوم به يرضي ربه ويأخذه إلى عوالم السعادة الأبدية.

فهل أن الأديان وسائل للتعبير عن عيوب البشر؟

إن أفظع الجرائم ترتكب عندما تأخذ طابعا دينيا، لأن المجرم سيتحرر من المسؤولية، ويحسب ما يقوم به طقسا دينيا، وهو ينفذ ما يؤمر به أو يمليه عليه دينه، فيحرر ضميره من الرقابة والمساءلة.

الذين يعترضون على هذا الكلام، ربما سيعجزون عن الإتيان بدليل، يفند الفكرة التي وضعها سلفادور دالي بلوحته.

قد يقول قائل أن الإختلاف نعمة، غير أن الواقع يؤكد أنه نقمة، فالبشر فيه من العدوانية ما تنوء من حمله الجبال، ويبدو أن الإديان تفجر العدوانية الكامنة فيه، وتمنحها جواز التعبير عن توحشها بسلوكه المشين.

ولا ينفع مع البشر القول: "ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون"َ!!

إنهالت الأسئلة أمام اللوحة الجدارية، والأجوبة مرعبة!!

فلماذا هي أديان وأديان؟

وما الحكمة من العدوان؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم