أقلام حرة
جودت العاني: الحرب والسياسة.. من يصنع من؟
يكتفي البعض بالقول ان الحرب سياسة، ويقر البعض الآخر بأن الحرب من صنع السياسة، ولا حرب من دون سياسة، والسياسة تصنع السلام، والسلام قاعدة عامة والحرب هي الإستثناء، والحرب تشعلها السياسة وتطفيها.
والشروع في الحرب له شروطه كما إيقافها له شروطه ايضا .. وأحد شروط الحرب الإستعداد لها في التخطيط والتعبئة المادية والبشرية وضمان الموارد وتأمين التحالفات السياسية وتأمين خطوط التراجع والتقدم والنصر بأقل الكلف.
ومن الغباء الدخول في الحرب دون تخطيط، والتخطيط الشامل والكامل يتمثل بتحديد الهدف من الحرب ومتى تتوقف وموارد استمرارها وعثرات توقفها وتراجعها وضمان الحفاض على تعبئتها البشرية وصلاتها وتحالفاتها السياسية والعسكرية والمالية وضمان عدم تهديد السلم الإجتماعي والاقتصادي وضمان النصر بصياغة السلام القائم على التفوق وعدم الخرق .
الحرب تشترط تعويض الخسائر المادية والبشرية إذا ما استمرت وتغيرت موازين القوى على مستوى القوة وعلى مستوى تحالفات القوى.
وهدف الحرب إما أن يكون من أجل تحرير الوطن والخلاص من الهيمنة، ولهذا الهدف شروط متشعبه سياسياً وعسكرياً وأمنياً واقتصادياً وإجتماعياً محلياً وإقليمياً ودوليا . وأي خلل في إحدى هذه الشروط يكرس نتائج ربما تكون كارثية على هدف الحرب وهو الحرير، وإما أن يكون هدف الحرب مناورة سياسية أو مشاغلة إعلامية من أجل الإرباك والتشويش وخلط الأوراق، ولهذا الهدف نتائجه ايضا.
ومن أهم ركائز الحرب هي معرفة الخصم وقوة الخصم وتحالفات الخصم في ميزان تعادل القوى، ومن غير هذه المعرفة يمسي هدف الحرب كارثياً أيضا.
وحسابات الصراع تكون عادة ذات طابع إستراتيجي، وليس طابعها إعلامي، وإن ترجيح الحسابات الإعلامية والآيديولوجية على الحسابات الإستراتيجية، يُعَدُ كارثة سياسية وأمنية واقتصادية واجتماعية من الصعب إصلاحها أو ترميمها بعقد أو أكثر من السنين، فالصراع الاعلامي هو جزء من تخطيط الصراع الإستراتيجي وليس العكس. كما أن التفريط بزمن الصراع له تبعاته ونتائجه الوخيمة.
وكل ذلك يدخل في حسابات الصراع ، فهل تنطبق هذه الشروط على الصراعات الحيوية والمصيرية في المنطقة ومنها غزة مثلاً؟!
***
د. جودت صالح
7 / 9 / 2024