أقلام حرة
بديعة النعيمي: الأسرى الفلسطينيون القابضون على الجمر
الحرب على غزة (26)
إن الصراع بين الحركة الأسيرة وإدارات السجون والمعتقلات صراع مستمر لأنه امتداد للصراع الحضاري والتاريخي بين الشعب الفلسطيني الذي يسعى بكل طاقاته لتحرير فلسطين وبين العدو. هذا العدو الفاشي الذي يهدف من وراء عمليات الاعتقال إلى قتل المعتقل معنويا وجسديا ،وإفراغه من محتواه الوطني من خلال ظروف الاعتقال وسياسية القمع والإرهاب الممنهجة وحرمان المعتقلين من أبسط حقوقهم الإنسانية. فمن الأساليب التي يستخدمها محققي الشاباك ضد المعتقلين الضرب الوحشي المفضي إلى الموت،تكسير الضلوع،الهز العنيف،الحشر داخل ثلاجة،الصفع على الوجه وركل المعدة والبطن وأماكن أخرى،الضرب على مؤخرة الرأس والتهديد بالاغتصاب وغيرها من الوسائل والأساليب التي أقل ما توصف بأنها وحشية ولا إنسانية. وما تمارسه دولة الاحتلال من تعذيب وتنكيل بالمعتقلين ليس بالأمر الجديد ولا الطارئ فقد لجأت إليه منذ أن سرقت الأرض من أصحابها بوعد ظالم وانتداب صليبي حاقد فثار أصحابها لاستردادها والدفاع عن حقهم المسلوب. وهنا افتتحت عشرات المعتقلات منذ كانت فلسطين تحت الانتداب البريطاني منها سجن عكا الشهير والذي تعرض فيه الثوار إلى التعذيب والإعدام.
واليوم مع الحرب على غزة تتزامن الاعتقالات لسكان القطاع. فقد أشار المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إلى تطابق شهادات جمعها مع ما كشفت عنه صحيفة هآرتس العبرية بشأن جرائم إعدام ميداني نفذت بحق المعتقلين . فيما قضى آخرون جراء التعذيب الشديد وسوء المعاملة خلال احتجازهم في معسكر للجيش يعرف باسم (سدية تيمان) يقع بين مدينتي بئر السبع وغزة جنوبا ،وقد تحول إلى سجن (غوانتانامو) جديد يحتجز فيه المعتقلون في ظروف قاسية جدا داخل أماكن أشبه بأقفاص الدجاج في العراء ودون طعام أو شراب لفترة طويلة من الوقت.
وقد صرح بعض المعتقلين المفرج عنهم بتعرضهم لتعذيب قاس على يد جيش الاحتلال حيث قاموا بحرمانهم من النوم وقدموا لهم طعاما فاسدا ومتعفنا. كما منعوهم من التحدث مع بعضهم خلال فترة الاعتقال ومن لم يتقيد بالتعليمات تعرض للتعليق من رجليه لساعات طويلة من قبل الجنود.
وذكر أحد المعتقلين أنه ومن لحظة الاعتقال عصبوا عيونهم واقتادوهم إلى مناطق مجهولة وأبقوهم مكبلي الأيدي و الأرجل لمدة يومين كاملين. ونقل البعض بأن جيش الاحتلال تركوهم لمدة ست ساعات مقيدي الأيدي خلف الظهور مع الجلوس على الركب طيلة تلك الساعات.
ومن الأساليب التي استخدمها الجيش الظالم مع المعتقلين أنهم قاموا برش أجسادهم بمواد غريبة وغير مألوفة الأمر الذي جعلهم فريسة للحشرات.
كما أقدم الجيش على ترك المعتقلين عراة في البرد والهواء في مناطق مجهولة. وأجبروا المعتقلين على تناول أقراص دواء سببت لهم الهلوسة والتي ما زال البعض يعاني من آثارها من صداع ودوار حتى بعد أن أفرج عنهم.
ناهيك عن الضرب الذي تعرض له المعتقلين والذي كانت آثاره واضحة في أجسادهم.
هؤلاء هم القابضون على الجمر السائرين على طريق الشوك المتلمسين طريق الشهادة في سبيل فلسطين. رحم الله شهداء غزة وفلسطين عامة. ولسوف نبقى نكرر ما قاله الشهيد عز الدين القسام (وإنه لجهاد نصر أو استشهاد).
***
بديعة النعيمي