أقلام حرة

جودت العاني: حدود السياسة وحدود الدين.. إلى أين؟

السياسة عالم شاسع واسع وعميق في معطياته، كما هو الدين تماماً في معطياته ايضا. إلا أن السياسة تتسم بالتقلبات والتحولات والمناورات و(التدليس والتغليس) فضلاً عن اهداف البناء والتأسيس على قواعد التغيير والشروع في تغيير الواقع نحو الأفضل، وفيها شيئاً من تقلبات الكذب والنفاق كلما تطلب الأمر ذلك.

أما الدين فهو منهج فرضه الدستور على الأمة وهو القرآن الكريم .. منهج ليس فيه (تدليس وتغليس) ولا كذب ولا نفاق أو دجل، ومثل هذا المنهج يتسم بالقدسية، والقدسية هنا لا احد يستطيع تلويثها بالسياسة التي تتسم بكل ما تقدم.

كما أنه من الصعب تقبل حشر السياسة بالدين حيث يمتزج (التدنيس بالتقديس).. فهل يقبل رجل الدين بأن (يدنس) الدين بالسياسة التي يشوب بعض جوانبها المناورات والمساومات وبعض النفاق والكذب؟ وهل يقبل رجل الدين أن تكون قدسية الدين مرتعاً (للتدنيس)؟ فماذا يقال إذا ما أدخل رجل الدين أنفه بالسياسة، وأدخل رجل السياسة أنفه بالدين وتبادلا الأدوار؟ وماذا يصبح الدين؟ وماذا تصبح السياسة على مسرح الأحداث أمام الناس؟

كانت اوربا قد عانت من هذه المعضلة وتحملت إشكالياتها طوال عقود وعقود أنتجت حروب وحروب.. وبالتالي استقر التفاهم على فصل الدين عن السياسة والبدء في التنمية وبناء الدولة المدنية الحديثة وأن تكون مهمة رجال الدين في الكنيسة يوعضون بالناس بأصول الدين والموعضة الحسنة ولا يخلطون ذلك بالسياسة التي هي من واجبات السلطات المدنية التي تعمل في الإدارة السياسية، الأمر الذي ادى الى نجاح تلك الدول في تطورها وتنميتها وإزدهارها ورقيها.. فيما بات رجال الدين يرشدون الناس في دور العبادة، إلى الطريق الحق بالنزاهة والصدق والرحمة والمساواة والتكافل الاجتماعي، بدون احزاب دينية سياسية .. فإذا دخلت السياسة بالدين خربته، وإذا دخل الدين بالسياسة خربتها ايضاً .. لأن الدين لا يسيس اطلاقاً.

***

د. جودت صالح

7 / 9 / 2024

في المثقف اليوم