أقلام حرة

ثامر الحاج امين: ما يحدث في دوائرنا الحكومية

منذ تأسيس الدولة العراقية في عام 1921 والمؤسسات الحكومية تعمل وفق نظام اداري يضمن حقوق الموظف والمراجع لدوائر الدولة كما يفرض على الطرفين قرارات وتوجيهات واجب احترامها والتقيد بها ومنها الالتزام بالتخاطب الرسمي والمهذب بينهما، ولكن ما يؤسف له ان مؤسساتنا الحكومية اضافة الى ما تشهده اليوم من فساد وظيفي يتمثل في المحسوبية وتفشي الرشوة فأنها تشهد ظاهرة غريبة ودخيلة على الحياة الوظيفية هي التخاطب بكنى غريبة بين الموظفين من جهة وبين المراجعين والموظفين من جهة اخرى والتي لم تكن سائدة في تقاليدنا الادارية قبل عام 2003، فمنذ تأسيس الدولة العراقية جرى التعارف والتخاطب في حرم الدائرة بين هؤلاء بمنتهى الاحترام والتهذيب، فمراجع الدائرة كان لا يخاطب الموظف الا بـ (الاستاذ) تقديرا واحتراما لجهده وشهادته، أما اليوم فقد حلت محل الاستاذية مفردات لا تمت لفضاء الوظيفة ولا لميدان العلمية بصلة مثل (الحجي، الشيخ، السيد، العلوية، عمي) وغالبا ما يتم التخاطب بهذه المفردات على حساب لقب (استاذ) الذي جرى التعارف عليه والذي يميز صاحب هذا اللقب عن سواه من غير المتعلم، والغريب ان البعض من اصحاب الشهادات والمنصب الوظيفي الرفيع لا يستنكر هذا الأمر عندما يسمع احدهم يناديه بـ (حجي) الذي فيه (يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) ويقصي عنه لقب (استاذ) الدال على المؤهل العلمي والدال ايضا على صفة الخدمة العامة، بل ان بعضهم يشعر بالزهو عند اقصاءه عن لقب الاستاذية الذي هو بمثابة تكريم له واعتراف بما بذله من اجتهاد ودراسة لنيل هذا الشرف، وايام وجودي في الخدمة الوظيفية كنت أغتاظ واعترض بشدة على من يناديني بـ (حجي) بدل (استاذ) واقول له انه بإمكان أي شخص لا يقرأ ولا يكتب ويمتلك مليون دينار أن يصبح حجي في عشرة أيام ولكن هذا المبلغ لا يمكن ان يجعله استاذا اذ ليس بمقدور أي شخص نيل لقب استاذ بدون ان يقطع مسيرة من الجهد والمثابرة والسهر تمتد الى سنوات طوال، في تقديري ان الموظف صاحب الشهادة الذي يسمح ويتقبل مناداته من الاخرين بــ (الحجي) هو بمثابة تنازل غير مبرر عن سنوات جهده وسهره التي قضاها لنيل الشهادة التي تميزه عن الآخر غير المتعلم .

***

ثامر الحاج امين

في المثقف اليوم