أقلام حرة

علي حسين: كيف ننجو؟

عام 1965 قرر رئيس وزراء ماليزيا آنذاك، تونكو عبد الرحمن، أن يطرد سنغافورة من الاتحاد الماليزي، في ذلك الوقت سأل أحد الصحفيين رئيس وزراء سنغافورة ماذا سيفعل؟ كانت الجزيرة بلا موارد تجارية، ولا طبيعية، فأجاب لي كوان :"سنشكل حكومة نظيفة، وسنحرص على إخضاع كل دولار من الإيرادات العامة للمساءلة، والتأكد من أنه سيصل إلى المستحقين من القاعدة الشعبية من دون أنّ ينهب في الطريق". عندما ودع لي كوان الحياة، كانت الأرقام تشير إلى أن سنغافورة حصلت على الدرجة الأولى في آسيا بدخل المواطن الذي يصل إلى 60 ألف دولار سنويا، مع اقتصاد يتجاوز الـ 600 مليار دولار سنوياً .

سيقول البعض يارجل مالك تعيد وتزيد في حكاية سنغافورة، ولا تريد أن تلاحق المثير وتلقي الضوء على الحاضر وكيف أن البرلمان يؤجل جلساته بين يوم بعد آخر بسبب إصرار البعض على تمرير قانون الأحوال الشخصية لانهم يرون فيه اصلاحا لهذا الشعب " الدايح " كما وصفه يوما " العلامة " محمود المشهداني.. إذن لنترك البرلمان وجلساته العرجاء، ولأحدثكم عن كتاب بعنوان "الإصلاح .. كيف تنجو الأمم وتزدهر لمؤلفه الكندي جونثان ليبرمان " وفيه يتتبع تجربة عدد من البلدان التي استطاعت أن تصلح أحوالها إصلاحاً حقيقياً، لا إصلاح على شاكلة ما جرى في العراق حيث تربع مثنى السامرائي على كرسي النزاهة فيما بلاد الرافدين بلاد تعيش أسعد أيامها تحت قانون عطلة بين عطلة وعطلة …في واحدة من التجارب المهمة التي يسلط الكتاب الضوء عليها تجربة سنغافورة وقد وضع المؤلف عنوانا للفصل الخاص بها :" كيف تتغلب سنغافورة على الفساد " وفيه يخبرنا كيف تم تأسيس نظام الكفاية لكل المواطنين.. مع شعار الحق في السكن والصحة والتعليم. أما نحن يا سادة فما نزال نستمع إلى الأخبار الصادرة عن تهديم بيوت الفقراء لأنهم متجاوزين.. وأن القانون يجب أن يطبق.. وماذا يا سادة عن حيتان التجاوز الذين استولوا على القصور والأراضي الشاسعة دون أن يقترب منهم شفل واحد؟، وماذا يا سادة عن الوعود التي أطلقتها الحكومات منذ 2003 وحتى لحظة كتابة هذه السطور عن مشاريع الإسكان والتنمية والصحة والتعليم والكهرباء التي لا نزال نتوسل إيران حتى لا تقطعها عنا؟، كل يوم تسرق أموال البلد، لكن البرلمان مشغول باصلاح اخلاق العراقيين، لأن خطرها أكبر من نسبة الفقر التي تعيش فيها بعض المحافظات.. يكتب مؤلف "كيف تنجو الامم" ان سنغافورة اختارت حكومة نظيفة مهمتها القضاء على الفساد الاداري والمالي الذي كان منتشرا، حيث استطاع لي كوان ان يغير عادات بلاده لتصبح واجهة تزورها العديد من الحكومات لدراسة نجاحها المذهل في اصلاح احوال البلاد والعباد.

***

علي حسين

في المثقف اليوم