أقلام حرة
علي حسين: تعالوا نعتذر للرئيس
لا يزال المواطن العراقي يسخر من الأخبار كلما سمع أن الدولار هبط في بورصة الكفاح، فهو يعرف جيداً أن الكثير من شطار الديمقراطية العراقية تحولوا بين ليلة وضحاها إلى أصحاب مليارات، ودخلوا قائمة كبار الأغنياء.. هل سمعت ما قاله محمد الحلبوسي عن قصره المنيف وكيف أن ثمنه لا يتجاوز ثمن بيت في الحارثية.
أتمنى عليك أن تصدقه، مثلما أتمنى عليكم أن تصدقوا السيد رئيس الجمهورية وهو يقسم لنا بالدستور أن البيت الذي ثارت حوله الشائعات، كان قد اشتراه بالمزاد وبالتقسيط المريح . ولا تسأل عن القاعات التي تقام بها المهرجانات الخطابية ولا يهمك أن تعرف كيف تحولت بيوت الجادرية والمنطقة الخضراء إلى أملاك لكبار السياسيين. من أصول الديمقراطية العراقية أن لا تطرح سؤال: من أين لكم هذا؟
بالتأكيد أيها القارئ العزيز سترتكب خطأ كبيراً وأنت تحصي على السياسيين والمسؤولين أموالهم التي حصلوا عليها بالكفاح، فالحقيقة أنهم جميعاً بلا استثناء قدموا صورة ناصعة للعالم، فبينما يلقي بعض المسؤولين الخطب الرنانة أعطانا ساسة العراق، ازدهاراً لم نعرفه من قبل، لم يكذبوا، ولم يركبوا على أكتاف الناس
كنت قبل أن أطالع أشغل نفسي بحكاية بيت السيد رئيس الجمهورية، أقرأ في مذكرات الرئيس الهندي الراحل زين العابدين عبد الكلام، التي ترجمتها القديرة لطفية الدليمي بعنوان " رحلتي "، وفيها نتعرف على الصبي الهندي المسلم الذي يبيع الصحف وكيف تحول إلى عالم نووي كبير، ثم رئيس للهند، ونقرأ له هذه العبارة المؤثرة: " لن ادعي القول إن حياتي يمكن أن تصبح نموذجاً لأي شخص، ولكن طفلاً فقيراً يعيش في مكان مجهول في ظروف اجتماعية بائسة، ربما يجد العزاء في الطريقة التي تشكل بها قدري. وربما تساعد مثل هؤلاء الأطفال على تخليص أنفسهم من قيود التخلف الوهمي" .
من الطرائف التي تروى عن عبد الكلام أنه رفض السكن في القصر الجمهوري عندما كان رئيساً للهند وقال لمرافقيه: "لن أقيم هنا، سأقيم فى بيتي، وأحضر يومياً لأداء عملي فى غرفة مكتب واحدة".! والأغرب طلبه أن يبنوا له كوخاً من القش تحت شجرة تين كبيرة فى ركن من حدائق القصر، ولم يكن أمامهم إلا أن ينصاعوا لأمره، فكان الكوخ يبعده عن عالم المظاهر والتصنع والخِداع وغرور السلطة، وسمى المكان ” كوخ التفكير” ! وفيه استقبل ذات يوم صديقه مانديلا وهو يقول له: "الصراحة هي أقصر وأفضل طرق النجاة، والنجاح" . وأتمنى على عباس البياتي أن يواصل صراحته المعهودة، فستكون حتماً أقصر الطرق إلى الخراب.
***
علي حسين