أقلام حرة
موسى فرج: علماء الشيعة هل باتوا يحثون الخطى لتبني الماركسية؟
مصطلح اليسار واليمين وطبقاً لـ "ويكيبيديا-الموسوعة الحرة" تعود تسميته الى أماكن جلوس أعضاء البرلمان في فترة الثورة الفرنسية عام 1789 حيث كان يجلس في الجانب الأيمن المؤيدون للملكية والإقطاع ورجال الدين في حين كان يجلس ممثلو الطبقة العامة او الشعب على اليسار.. "طبعاً ليس موضع الجلوس هو الذي صنع متبنيات كل منهما إنما المتبنيات هي الأصل في ذلك الاستقطاب" فاليمين موال للملكية واليسار يقول بسلطة الشعب، اليمين يؤمن بالتفاوت الطبقي بين البشر ويتمسك بوجوب وجود اغنياء وفقراء ويقول ان الأديان تؤيد ذلك ويستخدم سلطة الدولة لدعم المجموعة الأثنية أو الدينية المهيمنة، في حين أن اليسار على النقيض من ذلك فهو يتبنى العدالة الاجتماعية وتقليل التفاوت الطبقي ويدعم العلمانية "فصل الدين عن السياسة"، واليمين تقوم سياسته على النتيجة بينما يصر اليسار على إتباع الوسائل العادلة لتحقيق الغايات العادلة..
هذا على المستوى العام بالنسبة لليسار واليمين أما على المستوى الفردي: فاليميني متعال متعصب منغلق استغلالي نفعي فاسد.. واليساري غير ذلك بالمرة فهو صحيح يعشق الجمال ويحب الحياة ومغرم بالثقافة ويعشق المرأة واحياناً يتعاطى المزّه.. لكنه مجبول على سجايا مهمه ومميزه فهو بالضد من السلطان الجائر على طول الخط وهو وطني وانساني وخصاله على النقيض تماماً من الفساد والاستغلال ليس لأنه منتسب الى اليسار ولكن لأن اليساري الحقيقي طابع الإباء يتلبسه من قمة رأسه الى أخمص قدميه والإباء بطبيعة الحال يجعل من المرء عفيفاً عن الدناءة فالعفة كما يقول الإمام علي صفة النزيهين..
هذه الخصال والسجايا دفعت عراقياً معمماً مثل جعفر أبو التمن لأن يرد على متهمين اياه بتأييد الشيوعية قائلاً: "إذا كانت الشيوعية تسعى لترفيه الفقير ومساعدة المحتاج وتنظيم المجتمع بشكل مفيد أؤيدها، وهذه هي شيوعيتي.. "، وطبعاً سجايا ابو التمن لم تقف عند حد اصطفافه مع فقراء شعبه بل كان مثالاً حياً لمقت الطائفية والتعصب الديني حتى ان حنا بطاطو أشار الى ذلك قائلاً: "يعود إليه الفضل في المقام الأول، فضل الجمع بين الشيعة والسنة عند ذلك المفصل التاريخي "ثورة العشرين"، وطبعاً لم تكن سجايا جعفر في هذا الجانب تنحصر في قضية رفض الطائفية المذهبية فقط بل الدينية أيضاً فكان في مقدمة من يذهبون الى الكنائس يقدمون التهاني لإخوانهم المسيحيين في أعيادهم..
أبرز قراء المنبر الحسيني بعد الوائلي ياسر العوده ماذا يقول..
"انا ياسر عوده احترم تشي جيفارا وأجله لإنسانيته لأنه نزل مع الفقير واحترم الإنسان واشتغل بيده مع العامل وطلع ونزل.. يكَلي الشيوعي بلا دين.. ! هذا الشيوعي البلا دين أشرف منك يللي تدعي الدين ومابتخدم أمتك وانت قادر تخدمها، لأن الدين معامله، معامله من أوله لآخره.. صلاتي وصومي وتوحيدي بيني وبين الله اذا صلاتي وصومي وتوحيدي ما انعكسوا عمل وتعامل مع الناس ما لها قيمه ولذلك انا احترم كل انسان في التاريخ وقف مع قضايا المستضعفين ووقف مع قضايا الناس والفقراء وجاهد ضد المستكبرين مهما كانت عقيدته يحترم..
وهذا طالب الرفاعي المرجع الديني وأحد مؤسسي حزب الدعوة في العراق عام 1959يجل الماركسية ويعتبر الشيوعية أبدع ما اختلقه العقل الإنساني:
ففي لقاء متلفز عرضته قناة العراقية –الفضائية الرسمية في العراق- قال السيد طالب الرفاعي المرجع الديني المعروف واحد ابرز مفكرو ومؤسسو حزب الدعوة:
قال لمحدثه وبالحرف الواحد: الشيوعية أبدع ما انبثق عنه العقل الإنساني في الإنسانية وخدمة الانسان بعد الدين الإسلامي، لأن الدين الإسلامي بقوانينه وبما اشتمل عليه القرآن الكريم وسنة نبيه الصحيحه أيضاً جاء لمعالجة صلاح الانسان في الحالتين الدنيا والآخرة، اما الماركسية فقد جاءت لإصلاح الدنيا ولا علاقة لها بالآخرة.. لأن ماركس كان مادياً وليس ملحداً كما هو معروف عند أكثر الذين قرأوا عنه.. والفكر الماركسي شوهته الترجمة العربية، وساق المتحدث دليله على ذلك فقال: كنت مثلك والآخرين أقول الشيوعية كفر وإلحاد، إلا أن مؤتمراً إسلامياً عقد في امريكا جمعني بالمفكر الشيوعي الماركسي روجيه غارودي فسألني غارودي أسئلة أجبته عنها قبل بعضها ولم يقبل البعض الآخر، فطلبت أن أسأله سؤالاً، قال: تفضل.. قلت: كيف انتقلت من النقيض الى النقيض.. ؟ قال: ما معنى من النقيض الى النقيض.. ؟ قلت: من الإلحاد الشيوعي الى التوحيد الإسلامي.. ! أجابني غارودي : ومن قال لك إن الماركسية ملحده.. ؟ قلت: ما قرأناه.. قال: هذا في مكتبتكم العربية، بعد هذه الإجابة والكلام للرفاعي بدأت اتابع واتوسع في قراءة الماركسية فوجدت أن ماركس وان وردت عنه عبارة " الدين أفيون الشعوب" فهو يقصد بذلك الدين الكهنوتي وسيطرة الرهبنة والرهبة التي سلط بها الكهنة على العلماء والمفكرين وكل من جاء بفكر جديد سموه هرطقة ويساق الى محاكم التفتيش. "، والرفاعي في هذا لم يدحض الإلحاد في الفكر الماركسي وانما دحض أيضاً الفتوى الدينية التي صدرت في العراق في عام 1959 المعروفة بـ : "الشيوعية كفر والحاد والتي استندت الى الترجمة الناقصة والمشوهة لعبارة ماركس - الدين أفيون الشعوب"، تلك الفتوى التي فتحت الباب على مصراعيه لانقلاب 8 شباط الدموي عام 1963 ليس لاغتيال ثورة 14 تموز وقائدها عبد الكريم قاسم وزملائه فقط وانما بحور من القتل والدم أُغرق بها العراق ذهب ضحيتها آلاف مؤلفة من خيرة أبناء العراق من يساريين وديمقراطيين، وأسست لمجي حزب البعث للسلطة وما اقترفته يداه من مقابر جماعية وحروب استمرت 40 سنة بين عامي 1963-2003 وأفضت الى اجتياحه واحتلاله من قبل الأمريكان وما تبع ذلك من نظام محاصصة شوه الديمقراطية وسرق وبدد موارد العراق..
فإذن لا تقل لي أنا يساري فإذن أنا وطني ونزيه وأرفض الظلم والفقر واستغلال الانسان وأحب المرأة والثقافة والجمال.. بل أرني سلوكك اليومي ومتبنياتك الفكرية فإن كانت متماهية وتلك السجايا كنت يسارياً حقاً..
ولا تقل لي أنا علوي حسيني فإذن أنا على نهج علي والحسين نزيه وأرفض الظلم واستغلال الانسان.. بل أرني سلوكك ومتبنياتك لأرى إن كانت تتماهى مع قيم علي والحسين في المبدئية والإباء والعفة والتضحية ومقارعة الظلم والفساد عندها كنت علوياً وحسينياً حقاً، وان كان سلوكك ومتبنياتك سرقة أموال الشعب وترسيخ عوامل الفرقة بينهم فإذهب لتتلمذ على أيدي: أبو التمن والرفاعي وياسر العوده وعُد اليَّ بغير هذا الحال.. يا ابن الزرقاء...
***
موسى فرج