أقلام حرة

صادق السامرائي: مدوناتنا المحجوبة!!

النسبة العظمى من مدوناتنا الحضارية منهوبة، ومطمورة في ظلمات المخازن والمكتبات الأجنبية، ويتم إخراج ما يريدون نشره منها، ونحن نتهافت عليها لا بنسخها العربية، ولكن بنسخها المحققة بلغة أجنبية، فنبدأ بالترجمة.

فالأجانب (الألمان، الفرنسيون، الإنكليز) هم الذين كشفوا كنوز حضاراتنا، ودلونا على الكثير من تراثنا، ومنذ عدة قرون، وربما ظهر من بيننا عدد من المحققين والمهتمين بالتراث في القرن العشرين، لكنهم يفتقرون إلى المدونات المعرفية الأصيلة التي عليهم أن يحققوها وينشروها بين الناس.

ولا تزال النسبة العظمى من المدونات العربية غير محققة، ومقبوض عليها في مخازن مكتباتت ومتاحف الآخرين.

ويبدو أن قصة أن جيش هولاكو قد أحرق خزائن بيت الحكمة في بغداد، أو أغر ق كتبها في نهر دجلة مسألة فيها نظر، وربما تكون فرية لإيهام الأجيال بأن تراثهم المعرفي قد أكله نهر دجلة.

والواقع أن هناك مَن يذكر بأن جيوش هولاكو لم يكونوا بهذه السذاجة والجهالة، ويُقال أنهم إستحوذوا على العديد من نفائس الكتب وباعوها للدول الأوربية.

ومع كل ما حصل، يحتار المرء بين شكر الأجانب وإدانتهم، فهم الذين كشفوا آثارنا، وأرشدونا إلى معالم معارفنا ورموزها، فالذي حققه الأجانب من المدونات أضعاف عشرات وربما مئات المرات ما حققه العرب من مدوناتهم.

آثار وادي الرافدين ووادي النيل هم الذين إكتشفوها، وفكوا رموز اللغة الهيروغليفية والمسمارية، ولابد من القول بأنهم أيقظونا من أميتنا التأريخية، حتى وجدتنا نتشبث بما مضى بإنفعالية لاحدود لها.

إهتموا بحضاراتنا وأسسوا لما أسموه (علم الإستشراق) الذي قضى نحبه في الغقد الأخير من القرن العشرين، بعد أن تنامت وسائل الإتصال والتفاعل بين البشر.

وما تمخض عن نشاطاتهم، أن أجيال الأمة تشكل وعيها بموجب ما قدموه لنا عن ماضينا، فيمكن القول أن تأريخنا القديم هم الذين كتبوه، وأخرجوه من ظلمات المدونات ومن تحت التراب.

فلماذا التحامل وعدم الموضوعية؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم