أقلام حرة
عبد الرضا حمد جاسم: قطار العام 2023
ذلك الذي تسلقتُ عربته الاخيرة في الدقائق الاولى من ذلك اليوم 01.01.2023 باتجاه محطته الاخيرة التي لن يتوقف عندها في الدقيقة الاولى من عام 2024.. مسار طويل متعرج كثرت فيه التوقفات والانقلابات والاصطدامات والانفجارات والاغتيالات والاختطافات والانتحارات والغيابات والانتكاسات والانتصارات.. في هذا القطار كما في كل القطارات هناك من يجلس باتجاه حركته ومن يجلس باتجاه مخالف لها.. الاول سيرى القادمات منطلقاً من المكان واللحظة التي هو فيها ومن يجلس بالاتجاه الاخر اقصى ما سيراه هو بعض الماضي القريب وجزء متأخر من المكان واللحظة التي هو فيها.. ولا يعرف من او عن القادمات شيء وهؤلاء هم من يحاولون التحكم بالقادم.. بالمستقبل وهنا داء عظيم ووباء خطير.
قلتُ في دقائقه الاولى (2023)
سيكون العالم اصغر من قبر من يقتل هنا
كل ارضه حرام..
مشبعة بالألغام
قبل شهيقي الثاني
سأتدفأ بزفير من يتوارى في كوكب اخر.
يا صاحبي
خلف تلك الهضاب
انعكاس ضياء لدماء
يا صاحبي
سيزدحم الفضاء
بالأغاني والضوضاء
لكن الشر مع الشر
سيدنس ذلك الرحب الفضاء
ويأخذنا ربما الى فناء
حيث سيُمحل البطحاء الغّناء
نعم كان الشر مع الشر.. ورأينا دماء لم ولن تجف لأن شلالها صار هادراً لا يروي زرع ولا ينتج خير ولا جمال طبيعي فيه.. فيه ظلام وضَلال وصبخ للأرض والروح والحياة.
ازدحم الفضاء بالقاصفات والناقلات الصاعدات والنازلات الراجات والمخربات والمدمرات..
اقتحمت الصرخات السماوات.. تبحث عن مجيب لها كما كانت تظن.. لكن لا مجيب وهي لامسة ذلك منذ قرون.. لم يقتنع من على الارض انها هواء في شبك فلا صّادٍ لها ولا رادٍ عليها ولا سامعاً لها ولا مجيبٍ على ما فيها ولا مهتمٍ بما يمر على من في جحيمها.
و نحن نقترب من المحطة الاخيرة بعد اجتياز ما قبلها.. ليلة الميلاد ونويل حيث قلتُ عنها سابقاً او هكذا
سلامي الى الصليب
و على من عليه انصلب
قلبي عند النواقيس
و خوفي على من عليها او لها ضرب
سلامي على ما احاط به من نخيل
قيل.. هزتها البتول فتمايل خجلاً سعفها
و تساقط بعض تمرها والرطب
تذَّوق طعمه.. أكل وهنئ وشرب
.. فأشرق باسماً عادلاً منتصب
يشيع السلام
يحب عدوه والمُحب
رافعاً غصن زيتون..
ليجعل للإنسان قيمة رب
و قبل ان يقطع قطار العمر مسيرته التي استغرقت كل ثواني عام2023 سأقول له وللعام الذي تجاوزناه والقادم الذي سنمر على تفاصيله القاسية جداً كما اتوقع.. اقول:
سُرت بنا وتسير.. و غُصِبنا على المسير
في جوف ذلك النهر البحر الطويل العميق الكبير
تَدَّرَجْ العُمق من وشلتها حتى سحيقها
كلما ركس مركب صار فنار
كلما جَدَحَتْ شظية مات نهار
كلما نزلت.. وصلت.. ساخنه الى صيوانها.. شحمتها
و استقرت على الوسادة.. الدفتر.. الكتاب
اهتز نَشيجُ صاحِبها
صاحَبَهُ شهيق عميق
تلاه زفيراً.. حريق
ربط الارض بالسماء مسار
طَوَّق الرقاب حصار
سيحاول اختراقه ذلك القطار
تحت وابل الاخطار
التي تعصف في كل الامصار
سيختلط النحيب بالسُعار
و تتكسر الضلوع على جمر النار
و يبرز القلب وحيداً يبحث عن انصار
و تعاد فصول قابيل وهابيل
و تصطف الاقدار
بين مؤيد لها او ذاك
و نعبر ال 1400 عام الى 2000 في طريقنا الى 5000 عام
نطحن عظام بعضنا
على اقوال بادت
و مات من صاغها من اخيار او اشرار
من طاهرين او فُجار
و نحن في المسير.. الذي بدأ يتثاقل وصرير العجلات يتصاعد ظهر شعار مرفوع على حافة طريق فرعي يقول: (افتح قلبك للجميع..).. فتذكرت اني قُلتُ يوماً:
إشباع طفل جائع عيد
وإشاعة العدل هو الحصيد
اما العراق القريب البعيد فأُعيد ما سبق مما قلت عن ومن السلام.. سلامنا وسلام الذين نلهث باتجاههم الى الخلف بمرضٍ غريب وكأننا نخاف ان نصيغ لأنفسنا سلام يليق بهذه الايام:
سلاماً إلى كل أهل ألعراق
سلاماً من القلب حتى ألهدب
سلاماً إلى الراسيات الجبال
سلاماً إلى الهور والبردي والقصب
سلاماً للسهول والهضاب
شمالاً جنوب وشرقاً وغرب
سلاماً إلى النهرين والرافدات
وما سقَينَ ومن شرب
سلاماً إلى الباسقات النخيل
سلاماً إلى الجمار والسعف والكرب
سلاماً إلى كل تلك الجروح
وتلك القروح وتلك الندب
سلاماً إلى كل طفلٌ رضيع
سلاماً إلى كل أمٌ وآخت وأخٍ وأب
**
عبد الرضا حمد جاسم