أقلام حرة
علي حسين: فيروز وصاحب الظل العالي
كنت قد قررت أن أخصص عمود اليوم للحديث عن فيروز بمناسبة عيد ميلادها التاسع والثمانين، المطربة التي يستيقظ العرب على صوتها كل يوم باختلاف مذاهبهم ومعتقداتهم ولهجاتهم، وسياسات بلدانهم، لم تغنِ للحب والعشاق فقط، بل غنت للأوطان والأحلام والمحبة بين الناس، وظلت تؤمن أن الفن جزء من نضال الإنسان في الحياة،
إلا أن ما يجري في بلاد الرافدين التي تم استبدالها إلى بلاد العجائب والغرائب يجعل كاتب مثلي يعتذر لجارة القمر، لأن الغيوم في بلادي لا تريد أن تغادر سماء المواطنين، ولا أحد يريد لبغداد أن يبتسم لها الفجر وأن تزدهر بالألوان والأحلام مثلما غنت لها فيروز ذات يوم: "حييت دجلةُ والأيام هانئةٌ تغفو وتصـــــحو على شاطيك أزمانُ"، فقد ذهب زمان تغفو فيه الناس على أخبار الأمان والاستقرار والازدهار، فبتنا نصحو على إقالة محمد الحلبوسي، وننام على أناشيد حنان الفتلاوي.. وبين هذا وذاك يطل ظل الزعيم الذي بيده أمور البلاد والعباد مثلما أخبرنا المحلل السياسي "أبو ميثاق المساري" وهو يشرح للعراقيين دور الظل العالي في الإطاحة بالحلبوسي حيث قال، لا فض فوه، في برنامج "حبر سياسي" إن تشرين، يقصد احتجاجات تشرين، "انتجت ثلاث قضايا كلها أبادها الواقع السياسي وأرسلها للتاريخ" وأتمنى أن لا يذهب بكم الظن وتعتقدون أن الرجل يقصد إبادة 700 شاب من المتظاهرين، ويضيف المساري أن تشرين: "أنتجت قانون الأحزاب وتم إلغاؤه والحمد لله"، وبعد ياسيدي المحلل؟، يقول لنا بلغة المنتصرين: "وانتخبت حكومة الكاظمي وتم إرسالها إلى حيف"، وماذا بعد ياسيدي المساري؟ يضيف: "وانتخبت الحلبوسي الذي بقي من دون دعامات.. متمسكا بكرسيه، واليوم يذهب" بعدها سيكشف لنا من يقف وراء إبادة مطاليب تشرين موضحاً أن: "الهدف واضح، والعراقيون يعرفونه، ولو شاء فعل.. والأحداث التي جرت في بغداد أنا أشوف ظله.. خياله.. بصمته" بعدها يعلن بأنه سينزع القبعة لهذا الرجل، من هو هذا الرجل؟ تسأله مقدمة البرنامج فيبتسم وهو يردد "العراقيين يعرفونه"، وعندما يقول له الضيف الثاني في البرنامج تقصد السيد نوري المالكي؟" تبدو على وجهه علامات الخجل وهو يردد: "إن ظله واضح". عندما انتهيت من مشاهدة البرنامج تساءلت مع نفسي: لماذا إذن يصدعون رؤوسنا بأن إقالة الحلبوسي تمت بأمر قضائي؟، وأبو ميثاق المقرب من المالكي يخبرنا أن الهداف في هذه المباراة هو السيد رئيس كتلة دولة القانون.
نعود لفيروز التي نشرت ابنتها ريما الرحباني امس الاول شريطاً نادراً لوالدتها من كواليس تحضيرها لتسجيل أغنية عام 1981 كلماتها هي قصيدة جبران خليل جبران " يا بني أمي" حيث نسمع صوت فيروز يصدح بكلمات، كأنها ردّ على احوالنا: في ظلام اللّيل أُناديكُم هل تسمعون؟ ، فمن يسمع صوت هذا الشعب الذي لا ناقة له ولا جمل في صراع اصحاب " الظل " الكبير.
***
علي حسين