أقلام حرة
مزهر جبر الساعدي: طبخة امريكية اسرائيلية
(طبخة امريكية اسرائيلية، جرى ويجري اعدادها في المطبخ الامريكي)
أعلن في الرياض العاصمة السعودية، في وقت سابق؛ عن دعوة المملكة وفلسطين، الى الدول العربية بأهمية عقد مؤتمر قمة عربية طارئة في الرياض العاصمة، في 11من ت2نوفمبر؛ للبحث او ايجاد مخرج للمجزرة الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني في غزة. كما أعلنت منظمة التعاون الإسلامي، الإثنين، السادس من ت2نوفمبر؛ عقد قمة طارئة الأحد المقبل في الرياض، لبحث العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. وفي تزامن؛ أعلن عن الدعوة لعقد قمة عربية افريقية في ذات تاريخ، عقد القمة العربية الطارئة. الامين العام المساعد، حسام الدين زكي؛ قال ان القمة العربية الافريقية كان قد تم الاتفاق على عقدها قبل عدة اشهر. في 18 ت1 اكتوبر تم عقد مؤتمر لمنظمة العمل الاسلامي على مستوى وزراء الخارجية؛ لمناقشة العدوان الاسرائيلي على غزة؛ ليخرج بالدعوة على وقف اطلاق النار. لنأخذ في الفحص والتمعن؛ مؤتمر القمة العربية الطارئة (او مؤتمر قمة عربية افريقية، عندما تحل محل الأولى)، ان تم عقدها في التأريخ المنوه عنه في اعلى هذه السطور المتواضعة. ان توصيف هذا المؤتمر بانه مؤتمر قمة عربية طارئة؛ يثير الكثير من علامات الاستفهام والشكوك والريبة؛ عن الذي يقف وراء عقده او الدعوة الى عقده بعد اكثر من شهر على بدء المذبحة الصهيونية بحق النساء والاطفال والمسنين، وتدمير كل البنى التحتية، في عملية اجرامية متواصلة بلا ادنى توقف او هدنة او انقطاع ولو لزمن قصير، بالساعات حتى. ان هذا المؤتمر المزمع عقده في المقبل من الايام؛ كان قد سبقه؛ مؤتمر ضم الانظمة العربية، اضافة الى البعض الدول الاوربية وامريكا واليابان، ولم يخرج بأية نتيجة تذكر، او نتيجة لها قيمة واجراء فعلي لوقف هذه المحركة الصهيونية الامريكية. ثم تبعه اعلان من تسعة دول عربية، وهذا الاعلان هو الأخر لم يؤدِ الى اية نتيجة لها فعل وقيمة واهمية لجهة وقف المذبحة الاسرائيلية، التي تستمر في ذبح كل ما هو حي من الأنسان والأرض وحتى الحيوان وكل ما له القدرة ان يمشي على ارض المحرقة هذه. بعد الاعلان السعودي عن الدعوة لعقد مؤتمر قمة عربية طارئة؛ زار وزير خارجية امريكا كل من اسرائيل والاردن ومصر والسعودية؛ وخرج عن هذا الاجتماع بين الوزير الامريكي ومسؤولو الدول العربية سابقة الاشارة لها؛ ما سمي بالإعلان الامريكي العربي؛ الذي لم يخرج علينا هو الأخر باي اجراء لوقف هذه المحارق الصهيونية. في الزيارة الأولى لوزير خارجية امريكا، بعد يوم واحد من ملحمة اكتوبر الفلسطينية، الذي اعلن فيها، بصورة واضحة لا لبس فيها ولا غموض ولا احترام لمشاعر نظرائه من وزراء الخارجية العرب الذين سوف يلتقي بهم لاحقا؛ من انه هنا، عندما كان في تل ابيب، في وقت سابق، في زيارة سابقة، قبل اكثر من اربعة اسابيع؛ بصفتي يهودي وليس وزبر خارجية امريكا. في هذه الزيارة الأخيرة، التي زار فيها الاردن وفلسطين واسرائيل والعراق وتركيا؛ وقبل ان يذهب الى الدولتين الاخيرتين؛ دعا وزراء ست دول عربية وهي دول التطبيع بالحضور الى عمان العاصمة الاردنية؛ لمناقشة الوضع في غزة، وكيفية الخروج بالحلول لهذا الوضع. ان الحلول التي نوه عنها وزير خارجية امريكا، هي كيفية ايجاد حل لأطلاق سراح الأجانب والامريكيين، واكد ايضا على الهدنة الانسانية التي بها ومن خلالها يمكن اطلاق سراح الاجانب والامريكيين، ورفض وقف اطلاق النار في الوقت الحاضر كما قال. قبل ان يغادر الى امريكا، كانت قد وصلت غواصة نووية، من مجموعة اوهايو، الى شرق البحر الابيض المتوسط؛ لتعزيز القوة الامريكية في المنطقة. ان هذه التحركات التي هي وفي جميع الاحوال لم تكن بريئة ابدا، مهما تم تجميلها بكل وسائل التخفي والغش، التي تختفي وراء براقع تصريحات المسؤولون في دول المنطقة العربية، المنمقة، والتي تظهر وكأنها تؤازر المقاومة الفلسطينية؛ كل معالم القبح في هذه التحركات المريبة، التي تؤكد ان هناك في الظلام ما هناك؛ مما لا تراه العين ولا تسمعه الاذن، بالتالي تكون بعيدة كل البعد؛ عن الرأي العام الاقليمي والعربي والدولي، الذي يكون عندها؛ بعيدا عن رؤية القبح هذا الدفين في حقائب الانظمة العربية وامريكا واسرائيل. مؤتمر القمة العربية الطارئة، والتي، سوف يتم عقدها في المقبل من الايام القليلة؛ ما هي الا اداة امريكية اسرائيلية لنحر المقاومة الفلسطينية، سواء في غزة، او في عموم الأرض الفلسطينية. السؤال المهم هنا، بل هو السؤال الكبير؛ ما الذي سوف يأتي به هذا المؤتمر ان تم عقده في الزمن المعلن عنه، في الوقت الحاضر؟ ثم لماذا يتم عقده او الاتفاق على عقده بعد ايام من الآن؟ ولماذا وهو مؤتمر قمة عربية طارئة؛ لا يتم عقده في الآن، أو الاصح قبل الآن بأسابيع؛ كونه يحمل صفة الطاريء، اي انه يعالج او يجد حلول او اجراءات لحالة طارئة ومستعجلة؛ تستوجب عقده على جناح السرعة، وليس بعد اسابيع؟ ثم هل عقده لا يتم الا في المقبل من الأيام؟ السبب هو لإعطاء الزمن للألة الصهيونية حتى تقوم بما تقوم به من قتل وتدمير وخراب؟ ما هو جار في الوقت الحاضر ومنذ اكثر من شهر، من ابادة وتطهير عرقي، لم تشهد له الارض الفلسطينية مثيلا له، منذ عام 1948؛ يحمل الكثير من التغييرات والتحولات التي لا تخص فقط القضية الفلسطينية، بل تخص كل الأرض العربية، من الخليج العربي الى المحيط الاطلسي، الذي فيهما يتم اعادة هيكلة المشهد السياسي في عموم الاوطان العربية، انها طبخة كان قد اعد لها في مطابخ الامبريالية العالمية المتوحشة؛ بين امريكا واسرائيل، والنظام الرسمي العربي. ربما يبدوا هذا، بالاعتماد على ما هو ظاهر من الاحداث المتفجرة، من دون رؤية القداح الذي يمسك زر التفجير في المكان البعيد، وراء الاطلسي او على الضفة الأخرى للبحر الابيض التوسط، عن امكنة التفجير؛ ضربا من ضروب؛ التهويل او التضخيم للأوضاع.. أو الاحالة الى نظرية المؤامرة، التي لا يؤمن بوجودها الكثير، مع ان لها وجودا حيا وجديا ومنتجا. أنها من وجهة نظر كاتب هذه السطور المتواضعة؛ هي الحقيقة كاملة كما ارى، التي يراد لها ان لا تظهر واضحة ومجسمة، على أرض الواقع. عندما يتم عقد هذا المؤتمر؛ هل في إمكانه ان يخرج لنا بحلول او بحلحلة المطحنة الامريكية الاسرائيلية الجارية الآن على ارض غزة؛ سواء بإيقافها إيقافا تماما، أو مع ايقافها إيقافا تماما؛ وضع خارطة طريق للحلحلة، على مسارات حل الدولتين، على الأرض الفلسطينية المحتلة في الخامس من حزيران بما فيها القدس الشرقية، بصورة واضحة وحقيقية، بالتزام امريكي ودولي، وبضمانة دولية؛ مؤتمر دولي للسلام؛ تشارك فيه كل القوى الدولية الكبرى، روسيا والصين والاتحاد الاوربي والامم المتحدة، امريكا، والفلسطينيون والاسرائيليون وبسقوف زمنية محددة مسبقا، للتفاوض ولمخرجات التفاوض، وتكون ملزمة التنفيذ والاجراء واقعيا، سواء من قبل دولة الاحتلال الاسرائيلي او من قبل الفلسطينيون. ان هذا لن ولا ولم يخرج لنا فيه، مؤتمر القمة العربية الطارئة، بل ان نتائجها سوف تكون على العكس من هذا تماما، بل انها سوف لا تتجاوز الدعوة الى هدنة انسانية، التي تكون الظروف حينها، قد تم انضاجها، أو ان امريكا تسعى لها من اجل اطلاق سراح رعاياها ورعايا الدول الغربية، من دون إيقاف تام، لهذه المذابح، اي انها هدن تكتيكية، كما قال عنها البيت الابيض عندما بين؛ ان بايدن تواصل مع نتنياهو وبحثا معا امكانية الهدن التكتيكية؛ لإدخال المساعدات الانسانية، مع الدعوة الى حل الدولتين من دون اي اجراءات عملية؛ تجبر امريكا والكيان الاسرائيلي المحتل للأرض الفلسطينية؛ على ايقاف هذه المذابح. ايضا سوف يكون البيان الذي ينتج عن هذا المؤتمر، ممتلأ بالخطاب الانشائي، كما في كل بيانات القمم العربية السابقة في العشرين سنة الماضية. إنما من الجانب الثاني والذي سوف لن يكون له وجود في البيان، بل انه سوف يظل هناك في الحقيبتين الامريكية والاسرائيلية، وفي حقيبة الأنظمة العربية المطبعة في العلن او في السر؛ والذي هو الأخطر ليس على القضية الفلسطينية، بل على الاوطان العربية كلها، وعلى الشعوب العربية؛ لأنه سوف يعمل بجهد جهيد؛ على إعادة رسم المشهد السياسي في فلسطين، الضفة الغربية وقطاع غزة، وفي الأوطان العربية، في اتجاهات حركية متزامنة ومتوازية على الجبهتين العربية والفلسطينية. لكن من الجانب الثاني؛ ان هذه الطبخة سوف تحترق قبل ان يتم انضاجها، تحترق قبل ان تصل الى الخاتمة. ان وعي الشعب الفلسطيني ووعي الشعوب العربية هما من يتوليا احراق هذه الطبخة قبل انضاجها بنار المقاومة الفلسطينية، بحيث تصبح غير صالحة للازدراد والهضم والتمثيل، ورفض الشعوب العربية لسياسة الأنظمة العربية المطبعة، رفضا تماما، كما في مصر والاردن والمغرب وغيرهما من الشعوب العربية..
***
مزهر جبر الساعدي