أقلام حرة
صادق السامرائي: الدين والتأريخ أعداؤنا!!
ما يهيمن على وعينا الجمعي ويظهر في معظم نشاطاتنا، الإنغماس بالدين وجعل الحياة فيه، وقلة وعينا لجوهره ومعانيه، وعدم قدرتنا على التحرر من أصفاد التأريخ، فلكل حالة صورة في تأريخنا المسطور بمداد الأهواء والمواقف والتطلعات، وتندر فيه معالم الحقيقة وصدق الإخبار، فالتأريخ المدوَّن لسان حال الكراسي المتسلطة على الناس في حينها.
ومن المعروف أن البشر يُحكَم بالقوة وبالدين، وأول ما بنى المعابد التي على البشر أن يتوافد إليها، ويخضع لقوة مجهولة أدرى منه بعالم الغيوب.
وعلى مر العصور تحقق الإقران بين الدين والقوة بأنواعها، وتحكمت فئات وعوائل وأفراد بمصير الناس بهاتين القوتين.
وتجدنا اليوم في عدد من مجتمعاتنا تحت رحمتهما، وتحقق توظيف التأريخ بأحداث مفبركة أو منتقاة، ليكون عاملا ثالثا مدمرا للوجود المعاصر.
وتجد مجتمعاتنا في محنة المؤازرة بين الدين والتأريخ وتفاعلهما المروع، وصارت القوة مشاعة ومنفلتة وتبطش بالخلق بلا مساءلة أو قانون.
التأريخ يبلدنا، والدين يعطل عقولنا، والقوة تنهرنا، وكلنا أسرى السمع والطاعة، وعدم الخروج عن منهج الجماعة، فلا بد لنا من توطن الحظائر، والتمرغ بالمخاطر، فكل من عليها فان، وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو، ولا تشغل البال بما لا يدوم، وكن فاعل خير لأن الموت سلطان.
وهذه الثنائية ذات القطب الثالث القوي المبيد، ترسم معالم وجودنا المعاصر، وتدفعنا إلى ما وراء أفق الحياة، وتبعدنا عن مواطن النماء والرقاء، فالحياة في الدين وفي التأريخ، ولا تقل أنا إبن الحاضر وأسعى لمستقبل سعيد، فالمستقبل الأزهى في الموت العظيم.
إنها منظومة سلوكيا تعقر الأجيال، وتمنعها من التفاعل الواعي مع الحياة، وتأخذها إلى مدائن عدم.
فهل لنا أن نرى؟!!
***
د. صادق السامرائي