أقلام حرة
صادق السامرائي: قارئ وقارع!!
قارع: غالب، صارع
أصبحت القراءة بحاجة لجهد وعناء لتتواصل مع مقال ما، إنها إرادة القرن الحادي والعشرين، التي تفرض آليات وسائل التواصل والتفاعل بأنواعها على البشر.
فالعيون تنجذب للصورة والحدث الجاري أمامها على الشاشة، وغدت القراءة عبئا ثقيلا وهدرا للوقت.
في بداية حياة الصبا تعلمت القراءة السريعة، بعد أن وقع بيدي ما يعلمني ذلك للكاتبة سهير القلماوي، كانت مقالة أو محاورة معها، وفي الأسابيع الأولى من كلية الطب علمنا أستاذنا المصري (طلعت) كيف نقرأ بسرعة.
والقراءة السريعة مهارة تجعلك تقرأ أكثر من كتاب في وقت قصير.
وفي هذا العصر تجدنا أمام كتابات تبعدك عن القراءة، لجهل كتابها بمعنى الكتابة المقرؤة وليس المسطورة.
هناك فرق بين أن نكتب بلا غاية وهدف، وتشعر بالزهو لأنك تملأ السطور بالغث والسمين، وبين أن تكتب ما يُقرأ، ويفيد الآخرين.
الكتابة المسطورة مشاعة ومنتشرة في المواقع والصحف، أما الكتابات المقروءة فهي نادرة.
والعلة بالكاتب لا بالقارئ!!
الكاتب يكتب لنفسه ولبضعة أشخاص يدعون أنفسهم بالنخبة.
ذات مرة كنت في معرض الكتاب في الشارقة، ووجدته مقفرا، فلا يتحرك فيه إلا بضعة عشرات من الناس، وعهدي بمعارض الكتب أنها تعج بالزائرين، ربما معارض بغداد للكتاب في القرن العشرين كانت حالة نادرة حيث مبيعاتها تبلغ ذروتها.
أما اليوم فأسواق الكتب كاسدة، ومعظم ما يسمى بكتاب لا يمت بصلة حقيقية لعالم الكتب، أكثرها حشو، وربما صح وصف الكتاب المعاصر (مكب نفايات) والعهدة على القائل.
فهل يقرأ البشر المعاصر ما هو غثيث؟
الإنسان اليوم أكثر وعيا مئات المرات مما كان عليه في القرن العشرين لقوة الضخ المعلوماتي الدفاق، ووسائل التوضيح وتوصيل المعلومة بأبسط ما يمكن، فالمعرفة مشاعة وما نكتبه اليوم سيفقد قيمته ومعناه في الغد، وإبداع القرن العشرين مضى معه، وإبداعاتنا لا قيمة لها في النصف الثاني من هذا القرن، فكيف نكتب إذن؟!!
***
د-صادق السامرائي