أقلام فكرية
عمرون علي: الجميل والكاذب.. سقراط في مواجهة هيبياس
فرش اشكالي: محاورة هيبياس الصغير زمنيا جاءت بعد محاضرة القاها هيبياس في مدرسة فيدوسترات وقد اخذت هذا الاسم تمييزا لها عن محاورة هيبياس الكبير وهي تصنف ضمن المحاورات الافلاطونية المبكرة والملمح الأول فيها ان افلاطون بروح سقراطية نجح من خلال هذه المحاورة في رسم صورة السفسطائي هيبياس بفرشاة ساخرة وبألوان فاتحة وقاتمة فهيبياس الحكيم والعقل المدبر الذي يعرف كل شيء ويمكنه أيضا ان يصنع أي شيء، المتحضر والحاذق الذي يعلم الاخرين الحكمة ويأخذ المال منهم والسياسي المحنك صاحب المهمات الصعبة والذي وصف نفسه بانه لا يوجد افضل منه انزله افلاطون في هذه المحاورة الى مرتبة السفسطائي الباحث عن المال المتاجر بالمعرفة شخص يدعي الحكمة ومع ذلك هو يقول أشياء تافهة وسخيفة ويتصرف باندفاع وسذاجة ومكر وخبث، فالمحاورة في ظاهرها تبدو للوهلة الأولى محاكمة فكرية واخلاقية القاضي فيها سقراط والمتهم هو السفسطائي هيبياس.
هذه الصورة رأى فيها الدكتور الطيب بوعزة ومعه نفر من الباحثين والمفكرين الكثير من التجني فالسفسطائي هيبياس في نظرهم يمثل العقل العملي البراغماتي عقل يتميز بالتفكير النسقي المنسجم مع متغيرات الواقع الاجتماعي والسياسي، سلوكه أخلاقي لا يتناقض مع القانون الطبيعي الذي كان يؤمن به سقراط وعقله فلسفي مشدود الى حراك الاجتماع* وهنا نتساءل أي الصورتين أقرب الى تمثل حقيقة الفكر السفسطائي؟ وكيف يفسر هذا التهجم على شخصية هيبياس ومن معه من قبيلة السفسطائيين؟
الواقع ان محاورة هيبياس الصغير على صغر حجمها قياسا بالمحاورات الأخرى التي قاربت الثلاثين، امتزج فيها الخيال بالواقع والجد بالهزل والبساطة بالتعقيد مما جعلها نصا فلسفيا مفتوحا على قراءات نقدية متعددة ومتضاربة سواء في العصور القديمة والوسطى او الدراسات الفلسفية المعاصرة حيث يمكن القول مع كارل ياسبرس ان لا احد يمكنه ان يزعم ان فلسفته قد تجاوزت فلسفة افلاطون،وقد جاء في كتاب مدخل لقراءة افلاطون لمؤلفه الكسندر كواريه ان في:" قراءة أفلاطون لذة كبرى بل متعة فائقة. فان النصوص الرائعة التي يمتزج فيها الكمال الفريد للصورة بالعمق الفريد للفكرة، قد صمدت أمام عوادى الدهر فلم ينل منها الزمن، وبقيت حية على الدوام، حية كما كتبت منذ عهد بعيد. وتلك الأسئلة السافرة المسلمة: ما الفضيلة؟ ما الشجاعة؟ ما التقوى؟ ماذا تعنى هذه الألفاظ؟ تلك الأسئلة التي ضايق بها سقراط مواطنيه وأثارهم لا تزال قائمة حتى الآن كما كانت من قبل، وما زالت كذلك تبعث على الحيرة والضيق." [1] وهذا الوصف ينسحب على كل محاورات افلاطون ومنها محاورة هيبياس الصغير. والملاحظ ان أفلاطون انتهج فيها أسلوب المحاورة، وهو أسلوب أقرب إلى المسرحيات الأدبية، فهل أثرت نزعة أفلاطون الأدبية والحبكة الدرامية الواردة في المحاورات على تاريخه للسابقين على السفسطائية؟ وإلي أي مدى يطمئن القارئ إلي صدق الروايات الأفلاطونية تاريخياً مع أنها محبوكة دراميًا؟ هل طغت الحبكة على صدق الفكرة؟ هل هذه "المسرحة"- للمذاهب والأفكار الفلسفية - يمكن أن نعتمد عليها باعتبار أن أفلاطون كان لديه وعيّ تاريخي بالفلاسفة السابقين عليه؟* وهل كان سقراط دائما صديقا للفضيلة وصادقا ام انه في محاورة هيبياس الصغير كان كاذبا ليدافع عن الكذب؟
في دلالة الصمت
نقطة الانطلاق في متن هذه المحاورة الفضول الذي حرك السوفسطائي يوديكوس للتساؤل عن دلالة صمت سقراط ومحاولة دفعه للحديث والمناقشة من خلال التساؤل عن موقف سقراط من محاضرة هيبياس،هذا الصمت يمكن تفسيره أولا على انه في جوهره صمت حكيم وبليغ منسجم مع الروح السقراطية " كل ما اعرف هو اني لا اعرف" والدليل على ذلك هو تعليق الحكم مؤقتا فسقراط منذ البداية لا يمدح ولايذم اراء هيبياس،لا يدحض ولايوافق في مقابل ذلك نجد هيبياس مندفعا يتحدث ويسترسل يدعي على الدوام امتلاك المعرفة وثانيا يفسر الصمت على انه حالة من الحيرة والاندهاش شعر بها سقراط بسبب عدم التمييز بين كثير من الحدود والتصورات والانسياق الى توظيفها في بناء احكام واستدلالات دون الانتباه الى حقيقة الفروفات بينها من جهة المفهوم والماصدق حيث يمكن القول " إن ما أظهره لنا سقراط من خلال صمته الأولي هو أنه في حالة حيرة، وبالتالي فهو لا يعرف. على النقيض من صمت سقراط، فإن مديح هيبياس او دحض أفكاره منذ البداية يعني امتلاك المعرفة، فمن يمدح أو يدحض يفعل ذلك بناءً على معرفة خاصة، وموقف سقراط الصامت، هو موقف أخلاقي ووجودي يفرق بين من يدعي أن لديه المعرفة ومن يرفض ادعاء امتلاك المعرفة" [2] هذا الصمت كما قلنا أثار فضول يوديكوس و لم يمنع سقراط من ابداء رغبته في محاورة هيباس منطلقا من صميم الموضوع المتمثل اشعار هوميروس متسائلا: ماذا تقول عن أوديسيوس وأخيل؟ أيهما أفضل؟ وبأي ميزة يتفوق أي منهما على الآخر؟ وتأتي إجابة هيبياس على هذا النحو: سأكون سعيدًا جدًا، يا سقراط، في شرح آرائي حول هذه الأمور وكذلك حول الأبطال الآخرين بشكل أوضح مما أستطيع. أقول إن هوميروس قصد أن يكون أخيل أشجع الرجال الذين ذهبوا إلى طروادة، ونستور الأكثر حكمة، وأوديسيوس هو الامكر ويرد عليه سقراط: شكراً لك: الحقيقة هي أنني فهمت ما قصدته عندما قلت إن الشاعر قصد أن يكون أخيل أشجع الرجال، كما أنه قصد أن يكون نستور هو الأكثر حكمة؛ لكن عندما قلت إنه كان يعني أن أوديسيوس هو الأمكر.
التشكيك في الفرق بين الرجل الصادق والكذاب
يشعر سقراط بالارتباك عند إسناد المكر إلى أوديسيوس ويريد أن يعرف كيف يفهم هيبياس هذا التعبير من المثير للقلق للوهلة الأولى أن سقراط مهتم بمفهوم المكر وليس بشكل مباشر في مفهوم التميز بين الرجلين فالمكر مفهوم له حواف معرفية وأخلاقية وأن الحوار سوف يدور بدقة حول العلاقة بين المعرفة والأخلاق [3] وهنا يسترسل سقراط: يجب أن أعترف أنني لا أستطيع أن أفهم ما كنت تقوله. هل ستخبرني، وبعد ذلك ربما سأفهمك بشكل أفضل؛ ألم يجعل هوميروس أخيل مراوغا؟ وهنا يعترض هيبياس على سقراط ويؤكد ان هوميروس اشار بوضوح إلى اخلاق شخصية الرجلين وانه يظهر أخيل في صورة الرجل الصادق والبسيط، بينما أوديسيوس رجل ماكر وكاذب ووفق هذه المعادلة يصبح الماكر هو الكاذب حيث يصف هيبياس الكذاب على النحو التالي: "الكذاب شخص قادر على الخداع" وهنا يتساءل سقراط: هل تصنف انت الكاذب والمزيف بالمريض، مثل الأشخاص الذين ليس لديهم القوة على فعل الأشياء، أو الأشخاص الذين لديهم القوة على فعل الأشياء؟ والغرض من هذا التساؤل ان يدفع سقراط محاوره الى الاعتراف بان الحكماء وحدهم هم من يمتلكون القدرة على الكلام الكاذب وان الجاهل لا يمكن أن يكون كاذبًا وبمجرد أن نجح سقراط في إقناع هيبياس بقبول أن الكذاب لديه قدرة فكرية. أدخل تغييرًا في المناقشة مقدما حجة لها في صورة استقرائية وذلك من خلال الأمثلة الملموسة المأخوذة من المجالات التي يكون هيبياس نفسه خبيرًا فيها: الحساب والهندسة وعلم الفلك وغيرها من التخصصات التي بالكاد تم ذكرها في الحوار والغرض من ذلك هو بيان ان الصادق والكذاب نفس الشخص يلاحظ بنيامين جويت انه بالرغم من أن هيبياس الصغرى، أقل شأنا من الحوارات الأخرى، والحوار فيها أقل من مستوى أعمال أفلاطون الأخرى، أو أنه ينسب إلى سقراط مفارقة لا معنى لها،ربما كان هذا الامر بهدف إظهار أنه قادر على هزيمة السفسطائيين بأسلحتهم الخاصة ؛ أو أنه يمكن أن يجعل الأسوأ يظهر سبب أفضل ؛ أو مجرد تجربة ديالكتيكية... ويخرج باستنتاج عام مفاده هذا الحوار كشف عن: (1) أن أخلاق المتحدثين أقل دقة وصقل مما كانت عليه في محاورات أفلاطون الأخرى (2) أن سفسطة سقراط أكثر وضوحًا وخجلًا، كما أنها غير ذات مغزى؛ (3) أن هناك العديد من المنعطفات في الفكر والأسلوب.
الإرادة هي محور الحوار
هناك من الباحثين من يعتقد ان استنتاجات بنيامين جويت مردود عليها والذي يمكن استخلاصه من هذه المحاورة هو اعتبار ان الإرادة أساس الفكر والسلوك لأن الخطأ والخداع والكذب طواعية يصدر من أولئك الذين يسيطرون على موضوع معين أكثر من غيرهم و أولئك الذين على العكس من ذلك لا يعرفون أو يسيطرون على موضوع أو نشاط، سيكونون أكثر عرضة للكذب وارتكاب الأخطاء، ولكن بشكل لا إرادي. [4]
ووفق منطق جدلي استقرائي يعطي سقراط عدة أمثلة: في السباق، في القتال، في القدرة على الوقوف، الأفضل في هذا هو في نفس الوقت الأكثر قدرة على الكذب والخطأ طواعية. الأفضل هو القادر على فعل ما هو أسوأ طواعية والعكس صحيح: "إذن في السباق الذي ينفّذ أشياء سيئة بشكل لا إرادي هو أسوأ من الذي ينفّذها طواعية؟" يسأل سقراط ويجيب هيبياس بنعم. وهناك مزيد من الأمثلة. في الأمور الجسدية مثل العرج وقصر النظر، يكون الجسم الذي ينفذهما طواعية أفضل، وليس الشخص الذي يعاني من هذا بشكل لا إرادي. فيما يتعلق بالصوت، من الأفضل أن يكون الصوت الخارج عن النغمة طواعية وليس الشخص الذي يخرج عن سيطرتك. نفس الشيء مع الآلات: الدف، القوس، القيثارة، تكون أفضل عندما يكون من الممكن تنفيذها أو إساءة استخدامها طواعية، وليس عندما تفشل بشكل لا إرادي. الشيء نفسه مع الحصان: فالخيل الذي يمكن للمرء أن يركب معه بشكل سيء طواعية أفضل من الحصان الذي يمكن للمرء أن يركب معه بشكل سيء لا إراديًا. يتساءل سقراط، "هل روح رامي السهام أفضل إذا أخطأت الهدف طواعية، أو إذا أخطأت بشكل لا إرادي؟ يجيب هيبياس "إذا أخطأ عمدا". على الرغم من أن سقراط يبدو مترددًا في استنتاجه، إلا أنه يشير ضمنيًا إلى أن الشخص الأكثر قدرة على التصرف بطريقة تؤدي إلى فعل الخير يجب أن يعرف الكثير عن أسباب الشر، وبالتالي في بعض المناسبات. الكذب أفضل من قول الحقيقة. [5]
سقراط وهيبياس ايهما الكذاب
عرض اقريطون على سقراط الهروب من السجن لكنه رفض ولم تكن المسالة تتعلق بالمخاطرة اذا كان يكفي رشوة الحراس وحسن التخطيط لعملية الهروب فالمسالة في نظر سقراط اعمق من ذلك انها تتعلق بالقيم والمبادئ الأخلاقية فلا يمكن للكثرة او الراي العام ان يتحول الى مشرع للقيمة الخلقية وديمقراطية الكثرة هي ديمقراطية الرعاع ثم ان الأهم هو الحياة الطيبة الخيرة ولذلك كان فناء الجسد ضروريا لخلود الروح ولايمكن الفصل بين الخير والجمال والعدل ومن هنا كان ارتكاب الظلم شرا وعارا حتى وان تمت الإساءة لنا يقول سقراط:" انني طيلة حياتي كلها، وليس اليوم فقط،لا اطيع شيئا اخر غير الحجة التي تبدو لي الأفضل بعد التأمل " وهكذا نجد أنفسنا بالفعل، في نهاية محاورة هييياس الأصغر، أمام أصناف ثلاثة من العلم: علم يحدد على أنه السيادة في كل الميادين النظرية والعملية، وهو العلم الموسوعي الذي يتبجح بامتلاكه هيبياس، وعلم يتعين كقدرة دائمة على قول، أو صنع المتناقضات بحسب مشيئتنا؛ وهو ما يفتح مسألة علم ثالث كمبدإ اختيار بين المتناقضات. هناك مشكل يمكث بالفعل، وهو: لماذا قد يختار من يكون قادرا على الجري بسرعة، أو قادرا على الغناء المضبوط، أن يجري ببطء، أو أن يغني نشازا؟ من أين تستمد النية توجهها نحو هذا النقيض عوضا عن الآخر؟ إن جعل العلم يكون قدرة، لا يكفي إذن لتوحيده. [6] هذا الالتباس دفع الدكتور الطيب بوعزة الى ملاحظة ان الصورة التي رسمها افلاطون عن هيبياس فيها مقدار كبير من التجني والتزييف ويلزم عن ذلك في نظره انه يصح القول ان افلاطون وسقراط لم يدركا دلالة جدة الموقف المعرفي لهيبياس. في الجهة المقابلة غلام رضا الاصفهاني وهو باحث في الفلسفة والأدب انطلق من مسلمة انه لا يمكن فهم المحاورات الافلاطونية بعيدا عن منهج التوليد والتهكم فهناك ثلاثة مستويات من سخرية سقراط في الحوارات الأفلاطونية وهي نوع من السلوك الفلسفي تتجلى في: 1. طرح أسئلة مهمة للقارئ وجعله يتساءل. 2. وضعه في تجربة ساخرة واتباع نوع من التجربة الفلسفية بإشراكه في موقف ساخر. 3. دفع الجمهور إلى عتبة مشكلة فلسفية، وهي في الواقع مدخل إلى التفكير الفلسفي الخالص. فمثلا على مستوى البلاغي (السخرية اللفظية والعملية) نلمس السخرية في:
1. قول شيء مخالف للمعنى المقصود: تمنحنا دراسة محاورات أفلاطون فهمًا عامًا لشخصية سقراط، بناءً على ذلك لا يمكننا اعتبار بعض كلمات سقراط كلماته المباشرة والطبيعية ؛ لأن هذه الكلمات تتعارض مع بعض أقواله الأخرى وأيضاً مع الانطباع العام الذي حصلنا عليه من شخصيته وسلوكه.
2. الاستنكار من الذات: بصرف النظر عن حقيقة أنه بالنسبة لشخص على دراية بالمكانة الفلسفية لسقراط، فإن حديثه إلى الشباب والطلاب من السفسطائيين مثل Alcibiades و Callicles و Thrasomachus هو شكل من أشكال الاستنكار الذاتي وخفض المستوى من تفكيره إلى مستوى فهم الجمهور الشاب، تُظهر الأمثلة الملموسة الأخرى في الحوارات استنكار سقراط للذات. وغني عن القول أن هذا الاستنكار الذاتي هو شكل معدل من "قول شيء ما وقصد شيء ما ضده" ؛ لأن سقراط يُظهر شيئًا بسلوكه ليس سلوكه حقًا.
3. المراوغة والاختباء: المراوغة تعني إعطاء إجابة نهائية لتعريف الشؤون وإخفاء الرأي الحقيقي و من بين الأساليب الساخرة الأخرى في خطاب سقراط الاختباء والمراوغة
4. الصمت (الصمت البليغ): هناك قاعدة في الحوارات الأفلاطونية التي يبدي عليها سقراط دائمًا رغبة أكبر من محاوره في مواصلة النقاش والجهد المستمر للتدقيق المفصل والمزعج أحيانًا حول الموضوع المعني، لدرجة أنه في بعض الأحيان بسبب إرهاق محاوره من طريقة المناقشة هذه، يضطر إلى المضي قدمًا في المناقشة بنفسه والإجابة على أسئلته الخاصة. ومع ذلك، في حالات نادرة، ينهي سقراط بطريقة ما المناقشة ضد رغبته المعتادة ويرفض مواصلتها.
5. المغالطة / السفسطة: كيف يمكننا أن نصدق أن سقراط، سيد التحليل المنطقي، خالق مبادئ المنطق وعاشق الجدل، والأهم من ذلك، الناقد الشرس لسفسطة السفسطائيةوهل هي مغالطة وسفسطة في بعض الحالات؟ هل يمكن القول أن مغالطاته هي ببساطة بسبب الجهل أو قصر النظر؟ أم من ناحية أخرى، هل يمكن أن تنسب مغالطاته إلى احتياجات فترات مختلفة من حياته، من الشباب إلى الشيخوخة، وتعتبر قسوة الشباب وعدم نضجه وبطء الشيخوخة سببًا لهذه المغالطات؟ يواصل سقراط سخريته ويخاطبنا من خلال هيبياس: "لا أشك في أنك أكثر حكمة مني. لكن لدي طريقة، عندما يقول أي شخص آخر أي شيء، لإيلاء اهتمام وثيق له، خاصة إذا كان المتحدث يبدو لي رجلًا حكيمًا. لدي رغبة في الفهم، أستجوبه، وأقوم بفحص وتحليل وتجميع ما يقوله، حتى أفهمه ؛ ولكن إذا بدا لي أن المتحدث ضعيف، فأنا لا أستجوبه، ولا أزعج نفسي بشأنه، وقد تعرف بهذا من هم الذين أعتبرهم حكماء، لأنك سترى ذلك عندما أكون كذلك. أتحدث مع رجل حكيم، فأنا منتبه جدًا لما يقوله ؛ وأطرح عليه الأسئلة، لأتعلم، وأتحسن بواسطته"
***
عمرون علي أستاذ الفلسفة
ثانوية التميمي المسيلة – الجزائر-
..........................
المراجع المعتمدة
* هذا هو تحديدا موقف الدكتور الطيب بوعزة من خلال كتابيه السفسطائي سقراط وصغاره، ودفاعا عن السوفسطائيين.
[1]- مدخل لقراءة افلاطون، الكسندر كواريه. بيير نيكول، ترجمة عبد المجيد أبو النجا، المؤسسة المصرية العامة للتأليف، ص:13.
*يمكن العودة الى مقال ثيولوجيا التأريخ تأويل افلاطون لبعض الفلاسفة السابقين على السفسطائيين،الدكتور شرف الدين عبد الحميد امين، كلية الآداب جامعة سوهاج مصر
[2]- مقتطف من محاضرة سيرجيو اريزا جامعة الانديز - بوغوتا – كولومبيا
[3]- نفس المرجع.
[4] هيبياس الصغرى المؤلف: أفلاطون المترجم: بنيامين جويت
[5] نفس المرجع،هيبياس الصغرى المؤلف: أفلاطون المترجم: بنيامين جويت
[6] مونيك ديسكو، افلاطون الرغبة في الفهم،ترجمة حبيب الجربي،المركز الوطني للترجمة تونس،ص 11