أقلام ثقافية

غريب دوحي: مفدي زكريا شاعر الثورة الجزائرية في ذكراه

احتلت فرنسا الجزائر عام 1830م ثم توغلت في المدن الداخلية الا أن صدته المقاومة سرعان ما ضهرت عام 1831م بقيادة عبد القادر الجزائري وقد أصدرت سلطات الاحتلال قوانين جائرة فانتزعت الأراضي الزراعية من يد أصحابها ثم أصدرت قانون جعل الجزائر جزء من فرنسا وقتلت آلاف الجزائريين الامر الذي دفع المقاومة الى اعلان (جبهة التحرير الوطنية الجزائرية)عام 1954م وقيام الثورة حتى نالت الجزائر استقلالها عام 1962م بعد نضال طويل وتضحيات بلغت المليون شهيد اضطر الرئيس الفرنسي (ديغول) الى عقد أتفاقية (ايفيان) ومنح الجزائر استقلالها وبذلك تم تشكيل حكومة جزائرية وطنية.

مفدي زكريا..شاعر الثورة

يقال: انه لكل ثورة شاعر او خطيب يكون ناطقا باسمها ولسانها المعبر عن أهدافها ووسيلة اعلامها. فكان(مايكوفسكي) شاعر الثورة الروسية لعام 1917م و(محمد مهدي البصير)شاعر ثورة العشرين العراقية، و(الجواهري) شاعر ثورة 14 تموز في العراق و(ميرابو) خطيب الثورة الفرنسية 1789م و(مفدي زكريا) شاعر الثورة الجزائرية ... ولد في مدينة (تومرت)عام 1913م ودرس هي مدارسها ثم انتهى الى جامعة الزيتونة في تونس ومنها بدأ نشاطه الأدبي في الصحف والمجلات الجزائرية والمصرية واللبنانية ثم انضم الى جبهة التحرير الوطني الجزائرية واخذ يدعو الى النضال والفداء فدخل السجن خمس مرات وعذب حتى مزقت السياط جلده وفي سجنه اخذ يكتب الأناشيد الوطنية التي كتب بعضها بدمه وأرسلها الى الثوار وقد جمع شعره بعد ذلك في ديوان (اللهب المقدس) الذي اعتبر ديوان الثورة الجزائرية الذي ار فيه بطولاتها الأسطورية .. ومن الجدير بالذكر ان ابنه قد ترك دراسته في الكلية والتحق بالثوار وقد ارسل رسالة الى ابيه يزف فيها بشرى التحاقه بصفوف جيش التحرير وكان عمره (18)عاما فاجابه والده بقصيده يحثه فيها على النضال والفداء من اجل تحرير بلاده واستقلالها ، وأخيرا تمكت مفدي من الهرب من السجن وغادر الى تونس حيث توفي فيها يوم 17 / 8 /1977م

النشيد الوطني للثورة الجزائرية

نظم مفدي عدة قصائد وطنية وهو في سجنه من ابرزها النشيد الوطني الذي اتخذته الحكومة نشيدا وطنيا وقد نظمه عام 1955م بعنوان (اشهدوا) وقام بتلحينه الفنان المصري محمد فوزي وهذا مقطع منه:

قسما بالنازلات الماحقات 

 والدماء الزاكيات الرافقات

*

والبنود اللامعات الخافقات

في الجبال الشامخات الشاهقات

*

نحن ثرنا فحياة اوممات

وعقدنا العزم ان تحيا الجزائر

فشهدوا

* المناضلة جميلة بوحيرد الثورة الجزائرية .

شاركت المرأة الجزائرية في الثورة في المدن والأرياف وقد بلغ عددهن اعداد كبيرة ومن ابرزهن : جملة بوحيرد ، زهرة ظريف، سامية بخضاري وغيرهن ... في عام ١٩٥٧ م اصيبت جميلة برصاصة في كتفها عندما كانت تحمل رسائل إلى قادة جبهة التحرير نقلت على أثرها إلى المستشفى وقد تعرضت أثناء العلاج إلى انواع التعذيب حيث صرحت قائلة (.. لقد تحملت التعذيب طوال ثلاثة ايام بالكهرباء فقد وضعت اقطاب كهربائية في موضع العفة مني وفي فتحتي انفي وفي اذني وفمي وتحت ابطي وفي نهاية نهدي الاثنين اللذين ما يبرحان محروقين وعلى فخذي وقد دام هذا التعذيب طوال الليل حتى كان يغمى علي وادخل في بحران الهنديان ..)

وكان الهدف من وراء هذا التغريب هو اجبارها على الاعتراف بمكان بعض قادة جبهة التحرير الا انها لم تعترف بشيئ وقد وكلت عائلة جميلة المحامي (جاك فيرجيس) للدفاع عنها الا ان المحكمة الفرنسية اتهمتها بتهمة اخرى وهي انها كانت تحمل القنابل إلى المقاومة فحكمت عليها المحكمة بالاعدام مما اثار الرأي العام في فرنسة نفسها ضد هذا القرار بالإضافة الى الجهود المحامي الذي كان له الفضل الاكبر في الافراج عن جميلة بو حيرد بعد ان مرت بمأساة وتحملت انواع التغريب من قبل رجال المظلات الفرنسيين. وكان عمرها انا ذاك لا يزيد على (٢٢) عامًا، في عام ١٩٦٢ تزوجت من الرجل الذي انقذها محاميها (جاك فيرجيس).

***

غريب دوحي

 

في المثقف اليوم