أقلام ثقافية

حسين صقور: نبض الواقعية التعبيرية عند أميل فرحة

يرى البعض أن العمل التشكيلي هو تسجيل أمين للواقع بكل تفاصيله ويراه البعض الآخر كشفا للعلاقات الجمالية الموجودة في الطبيعة وهو لعبة تشكيلية تستند لتلك العلاقات عبر كل ما يميزها من عمليات التحوير والتبسيط والتأليف وتتحرر من خلال تعاقب عمليات الاضافة والحذف والهدم والبناء كما يعتبر البعض أن تفريغ الشحنة الانفعالية هو المهمة الأساسية والجوهرية للعمل التشكيلي وهو مرآة تعكس الحالة المزجية ويعتبر البعض أن العمل التشكيلي مرآة للروح ولعوالم الذات

خلال إحدى مهامي الاتحادية على قلتها والتي كنت أتحينها وخلال زيارة وظيفية لفرع حمص.. كانت الفرصة مواتية لتعارف عن قرب ما بيني وبين فنان تكونت انطباعاتي السابقة عنه من خلال اتصالات هاتفية ورسائل صوتية وشيفرات صمتية امتدت كما شعاع ألفة وشوق للقاء ما بين روحين.. هي ذاته الطيبة تفوح في لكنة مفرداته وحكايا الأنثى في لوحاته تلك الحاضرة دوما في غالبية المحافل التشكيلية... وحق لي وله خلال هذا اللقاء وبعده أن أرصد ذاك الامتداد الطبيعي والتصاعدي للتعبيرية الواقعية وللوحة البورتريه..ثم أرتب حروفي مستهدفا تجربة هي الأكثر استحقاقا وتمثيلا لما قصدته ولمن قصدته وهو الأكثر تمثيلا للتعبيرية الواقعية إنه الفنان أميل فرحة وها هو ذا يؤكد أحقيته في أن يكون الاستمرار والخلف للسلف وللتعبيرية الواقعية الممتدة في جذورها المحلية لسابقه في تقصي الآلام لؤي كيالي.1793 hasan

أميل فرحة واحدٌ من الفنانين الذين أتقنوا فن البورترية إنما عبر تلك الصياغة التي تختزل نبضه الحارّ أكثر مما تحاكي تفاصيل الشكل.. فهو يختزل الألم الشفاف والنبيل في ملامح أنثى تتكرر هي ذاتها في معظم أعماله.. ولهذا التكرار قصة وحكاية.. تتجاور أنثاه مع مفرداتٍ أخرى خادمة يجمعهما منطقٌ جماليٌّ له دلالاتٌه الرمزيّة في ذاته وهو يصبّ في خدمة الفكرة الإنسانية والحسية وفق تطلعاته.

تسيطر الرماديات والترابيات الشاحبة وهو يتماهى معها مؤكّداً على ذاك الانتقال الشفاف للون وطيفه ما بين ظلمة أخف وطأة وسطوع خجول ، وهو في آتون لعبة الفن لا يسترسل كثيراً في عمليات التحوير ويحافظ دوما على المسمّيات في مكانها فم أو عين.. أنف.. مؤكداً على واقعيته التي يعتبرها أو يعتقد أنها أكثر قدرة على ملامسة الذوق العام.

أما القيمة الفنية في أعماله فتكمن في قدرته على عكس ذاك الألم الشفاف والنبيل عبر سيماء الوجه (قلق حزن خوف حلم) وعبر شاعرية الحركة الحانية للجسد والأكف ودلالاتها وأيضاً عبر رمزية المرأة في لوحاته وإسقاطاتها فهي كانت ولازالت ترمز للوطن والفنان كان ولايزال يعبر عن هواجسه من خلالها وأنا لا أسيس الفن هنا والفنان عموما أكبر من الانتماء لفريق هو ينتمي للإنسانية والأنسان

في الختام استكمل ما بدأت به المقال لأشير لرأيي ورؤيتي المسايرة للمفهومين فبقدر حاجتنا للارتقاء ومواكبة الحدائة نحتاج أيضاً لمسايرة ذوق العامة لنستطيع الارتقاء به وهنا يصير البحث عن الحلقات المفقودة ووصلها ضرورة ملحة للناقد وذلك كي يتحقق التواصل مع الشريحة المجتمعية الأكبر والمنتظرة والمتوقفة في هذا المكان وفي هذا المكان تحديدا يصير للفن دوره الأكثر تأثيرا والأقدر على إيصال رسائله للعامة

***

حسين صقور

في المثقف اليوم