أقلام ثقافية

زهرة الحواشي: حكايتي مع صالح الڨرمادي (1)

أو عمّ صالح كما كان يحلو لأصدقائه وطلّابه أن يسمّوه

عندما نشرت مجموعاتي الثّلاثة الأولى وكانت تحتوي كلّ واحدة منها على ثلاثة مصاريع : عربية فصحى، تونسية فصيحة وفرنسية لفتت طريقة النّشر هذه انتباه بعض الأصدقاء الشّعراء وسألوني  لماذا لم أنشر كلّ نوع لغوي على حدة .

فوضّحت لهم الأمر  بأنّي قصدت هذه الطّريقة وفاء واعتزازا بتونس المتعدّدة المناطق  والألسنة  وبمنشئي حيث لغتنا الأمّ اي الدّارجة المحكية  منذ الولادة وحتّى قبلها فالجنين في بطن أمّه يستمع إلى كلماتها وما يدور حوله .

ثمّ نحن نتكلّم اللغة الدّارجة في أوساطنا العائلية والإجتماعية والمدنية طوال أعمارنا .فهل منّا من ترك هذه اللغة وتكلّم مع أمّه أو أبيه أو أصدقائه لغة غيرها ؟

وأشير هنا إلى أنّ المؤدّب الذي عرفنا على يديه اللغة العربية الفصحى كان أيضا يتكلّم قليلا الفرنسية وكانت عديد الألفاظ والعبارات الفرنسية متداولة في أوساطنا العائلية وهي طبعا مخلّفات المستعمر.

ثمّ تأتي مرحلة التّعليم وفي مدارسنا نبدأ بتعلّم لغة الأدب وهي العربية الفصحى إلى أن نبلغ مرحلة معيّنة وندأب على تناول اللغات الحيّة وأوّلها اللغو الفرنسية وبعدها الأنغليزية وغيرها.

إذن هذه الألسن الثلاثة كانت الأبجديات التي اعتمدناها في حياتنا ومن هنا جاءت قناعتي بأن أنشر كتبي بهذه الطّريقة.

وفي هذا الخضمّ علمت عن طريق الأستاذ سوف عبيد أنّ ما من أحد نشر أشعاره بثلاثة أقلام سوى أستاذه صالح الڨرمادي الذي نشر باللغتين العربية والفرنسية وكان يطعّم نصوصه من حين لآخر ويقحم ألفاظا تونسية بحتة يوردها في النّصوص العربية والفرنسية على حدّ  سواء وحدّثني عن مجموعة اللحمة الحيّة التي تحتوي على جزءين  جزء عربي وجزء فرنسي.

ومن هنا بدأت أبحث عن هذا الشّاعر الذي وجدتني أقتفي أثره دون أن أعرفه.

- يتبع –

***

زهرة الحواشي.تونس

 

في المثقف اليوم