أقلام ثقافية
شدري معمر علي: فقه بناء الإنسان وتحصين الأوطان
إننا كثيرا ما ننشغل بالاهتمامات المادية وبناء المنشآت الضخمة وتزيين المحيط وتخصيص أماكن طبيعية للنزهة والاستجمام ثم نكتشف بعد مدة الخراب الذي يلحق بهذه الأماكن، تحطيم الكراسي ورمي القاذورات والكتابة على جدران البنايات ثم نتساءل ما السبب؟ والسبب في الحقيقة واضح كوضوح الشمس هو إهمال فقه بناء الإنسان، كيفية امتلاك خطة تربوية استراتيجية لتربية هذا الإنسان وإعداده وتكوينه وتزويده بكل المهارات الحياتية التي تجعله يساهم في بناء صرح مجتمعه وأمته، إنسان قاعدته الصلبة " اقرأ " و" ثيابك فطهر والرجز فاهجر "، إنسان يعتني بعقله ومظهره وجوهره، يجتنب كل الآثام والسيئات التي تعيقه على الانطلاق في دروب الإنجاز..
يقول الكاتب محمد العبدة: " إن توجيهات القرآن الكريم تدعو إلى بناء الإنسان من الداخل، قلبه ومشاعره وإرادته، حتى إذا استقام حاله على توازن واعتدال واستقر على هدى من الله، استطاع أن يواجه المصاعب والأزمات وما يتعرض له من امور الدنيا من غنىً او فقر أوصحة ومرض وغير ذلك".
عندما نهمل بناء الإنسان يحل الخراب بالأمة والمجتمع فيستعد هذا الإنسان الفارغ من الداخل، الذي لا يملك فكرا ولا تربية أن يبيع وطنه وولاءه للأجنبي بحفنة دولارات أو اوروات فحصانة الاوطان لا تكون إلا ببناء الإنسان وتحضرني هنا قصة بناء سور الصين العظيم لحماية البلد وتحصينها ولكنهم نسوا بناء الإنسان الذي يحمي البلاد وإليكم القصة:
"ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﻟﺼﻴﻨﻴﻮﻥ ﺍﻟﻘﺪﺍﻣﻰ ﺃﻥ ﻳﻌﻴﺸﻮﺍ ﻓﻲ ﺃﻣﺎﻥ، ﺑﻨﻮﺍ ﺳﻮﺭ ﺍﻟﺼﻴﻦ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﻭﺍﻋﺘﻘﺪﻭﺍ ﺑﺄﻧﻪ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻣﻦ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺗﺴﻠﻘﻪ ﻟﺸﺪﺓ ﻋﻠﻮﻩ، ﻭﻟﻜﻦ ..! ﺧﻼﻝ 100 ﺳﻨﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺑﻌﺪ ﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﺴﻮﺭ ﺗﻌﺮﺿﺖ ﺍﻟﺼﻴﻦ ﻟﻠﻐﺰﻭ ﺛﻼﺙ ﻣﺮﺍﺕ ! ﻭﻓﻰ ﻛﻞ ﻣﺮﺓ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺟﺤﺎﻓﻞ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﺍﻟﺒﺮﻳﺔ ﻓﻰ ﺣﺎﺟﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﺧﺘﺮﺍﻕ ﺍﻟﺴﻮﺭ ﺃﻭ ﺗﺴﻠﻘﻪ ..! ﺑﻞ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺮﺓ ﻳﺪﻓﻌﻮﻥ ﻟﻠﺤﺎﺭﺱ ﺍﻟﺮﺷﻮﺓ ﺛﻢ ﻳﺪﺧﻠﻮﻥ ﻋﺒﺮ ﺍﻟﺒﺎﺏ.
ﻟﻘﺪ ﺍﻧﺸﻐﻞ ﺍﻟﺼﻴﻨﻴﻮﻥ ﺑﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﺴﻮﺭ ﻭﻧﺴﻮﺍ ﺑﻨﺎﺀ من يحرسه"
فلنحرص على بناء من يحرس الوطن قبل أي بناء.
***
الكاتب والباحث في التنمية البشرية
شدري معمر علي
......................
المرجع:
1- محمد العبدة، بناء الشخصية الإنسانية في القرآن، موقع إسلام أونلاين.