ترجمات أدبية

راشيل شيرمان: عائلة واحدة.. مشهد للنظر

بقلم: راشيل شيرمان

ترجمة: د. صالح الرزوق

***

علمت زوجتي بيث بوجود مشكلة، هكذا قالت، ولكن تجاهلتها. قادت السيارة عائدة إلى البيت من عملها، فهي ممرضة عمليات تجميل، وذهبت للنوم. قالت إنها تجاهلت شعورها بشيء يشبه فقاعة وستنفجر، ثم كأنها تريد أن تتبول، وأخيرا تقيأت، وبعد ذلك مات إحساسها. وكل هذا جرى بعد ما حصل، من حمل الولدين بوقت مبكر، وإبعادهما حتى قبل أن يتمكن الأبوان من احتضانهما. كان هناك شيء خطأ بخصوص توأمنا. كان يبدو أن الصبي الذي سميناه جوناثان بطيء. أما قدما البنت فقد كانتا تتحركان بشكل غريب نحو الداخل، وقال الطبيب إنها قد لا تتعلم المشي أبدا. وفي البداية ولدا صغيرين للغاية، واعتقدوا أنهما يوشكان على الموت.

بقي لعملي ساعة من الوقت، ساعة ونصف في وقت الازدحام. تبعت بالسيارة الطريق السريع، وأنا أستمع للإذاعة. استيقظت باكرا، لأتمكن من أداء تمارين اللياقة البدنية، ثم غادرت إلى المكتب، وكنت مسؤولا عن المبيعات في شركة ضخمة تتاجر بمكيفات الهواء. وكان لدي سكرتيرة لها شكل جدة. وأضع على طاولتي صورة لبيث تعود لأيام زواجنا الأولى. وعندما جاء التوأم لأول مرة إلى البيت، وضعناهما في غرفة سبق لزوجتي أن جهزتها: نصفها مطلي بلون زهري للبنت والثاني بلون أزرق للصبي. وحينما يبكيان بعد إيداعهما في السرير، كانت زوجتي تتجاهل ذلك. قالت: إنها تعلمهما كيف ينامان في الليل، وبالمثل تجاهلت أمرهما أيضا. لكن أحببتهما، وفي بعض الأحيان كنت أرغب بحملهما. وأحيانا كنت أتوسطهما، كل منهما تحت ذراع واحدة، ثم نستلقي معا على سريري، غير أن زوجتي قالت إنه لا يجوز أن يناما معنا، خشية أن نلحق بهما الضرر.

بعد ثلاثة أسابيع من إحضارهما إلى البيت، حملت بيث الولدين إلى الطبيب مجددا. في تلك الليلة اعترفت لي أنه نتيجة لخطأها ذهبت الأمور باتجاه سيء. ثم أفضت لي بما ذكره لها الطبيب: أن جوناثان فقد الهواء حينما تدفق الدم عليه وهو في بطنها. وقالت إنهم لم يقرروا ما هي المشكلة التي تعاني منها إميلي. ليس بعد.

كنا على الشرفة نرشف النبيذ الأبيض. كان لدينا بركة ونعيش في جنوب كاليفورنيا في منطقة جديدة تشرف على مساحة كبيرة من أرض ترابية. مع الوقت ازدحم المشهد المترامي الأطراف بالبيوت التي تشبه بيتنا. كان بيتنا في الشوارع الأمامية التي مهدت أولا. والبيوت متماثلة من الداخل، ولكن جهزت زوجتي بيتنا بطريقتها الخاصة. وعندما أتى الضيوف تعجبوا كيف سنحت لها الفرصة للقيام بكل ذلك: عمل وأمومة وبعد ذلك تجهيزات وديكور. ألقيت نظرة على الأرض. كان لا يزال هناك شجيرات تنمو. وبناء البركة قيد الإنجاز، ولم يتم بعد، ولكن على وشك أن تنتهي. اشترينا البيت مباشرة قبل ولادة الولدين لتتمكن بيث من تجهيزه. وحينها بدأت بقية البيوت في الحي تمتلئ بالسكان. وكلما رافقت التوأمين بنزهة وهما في العربة، في عطلة الأسبوع، كنت ألوح بيدي لجيراننا المستجدين، وأحيانا أتوقف لتبادل الحديث. ولكن لم ألاحظ بعد وجود أي مشكلة في التوأم، وكانت جميع النساء تناغي لهما، وتطلبن حملهما، وتطبعن القبلات على رأسيهما الصغيرين. وأحيانا كنت أتجاوز بهما المشروع السكني، حتى أبلغ التلال، حيث تقام مشاريع جديدة. وكنت حريصا على التحكم بالعربة. أقفل العجلات، ثم أجلس بجانبهما، وأشير إلى السماء والغيوم. وأنطق كلمة "سماء" و"غيمة"، وأؤدي حركات مضحكة بوجهي كي يبتسما. وحينما تغفو زوجتي في عطلتها الأسبوعية أخبر الولدين بحكايات عن حجمهما الصغير أول الأمر، وكيف كانا في الحضانة يربطان بالأنابيب لأسابيع، لأن أمهما، والتي يفترض أنها تستريح في سريرها، قررت أن تتابع عملها.

كان يصعب علي أن أثور بوجه زوجتي. كانت مشغولة، ومرحة، ويبدو أنه كان لديها حل لكل مشاكل التوأمين. وحاولت أن تغذيهما بحليب صدرها أولا، كانت تستلقي على السجادة في غرفة المعيشة، وتضخ مضخة حليبها. وكانت قد زرعتها في صدرها قبل سنوات بالمجان، وحصلت عليها من مديرها مكافأة لحسن تصرفها مع المرضى. كذلك قامت بوشم شفتيها بلون زهري حتى إذا استيقظت صباحا تبدو وكأنها عالجتهما بمواد التجميل. لكن مضخة الحليب لم تنفع، فبدأنا نغذي الولدين بالمستحضرات. في أيام العطل، وليلا، كان كل منا يضع أحدهما في حضنه، ويقدم له عبوة حليبه، ليمتصها بشراهة وسعادة. وكانا يشربان الحليب بمنتهى الحبور، ومن الواضح أنهما عزما على النمو والتحسن. وكان لهما أوقات إطعام خاصة، ومع ذلك كنت أحيانا أتساءل إذا كان يتوجب علينا تقديم المزيد من الغذاء لهما.

في أحد أيام السبت وأنا أنزه التوأمين في الحي، رأيت شاحنة تخرج من أحد البيوت.

لوحت بيدي قائلا "هاي". كان الرجل بلا قميص ويغادر بيته، وله شارب أشقر وشعر صدر خفيف. تصافحنا، وكان لكلينا قبضة قوية.

قال: "أنا هال".

قلت له: "مرحبا بك في الحي يا هال. أنا مايك. نحن نعيش في البيت رقم ثمانية".

نظر هال إلى التوأم وابتسم ثم قال: "يبدو أن لديك ما يكفيك".

بدأت إميلي تبكي، فنزعت حزامها، وحملتها، بينما كان جوناثان نائما. التفت هال نحو بيته وقال: "تعالي يا ماري وقابلي جيراننا الجدد".

خرجت امرأة من البيت. شعرها أسود ومربوط بشكل ذيل حصان. وذات وزن زائد، ولكن بوجه جميل. صافحتني بأصابع خفيفة وباردة، ولاحظت أن عينيها خضراوان وعجيبتان. قالت وهي تأخذ إميلي من بين ذراعي وتهدهدها لتتوقف عن البكاء: "أوه. انظروا إلى هذين الولدين الرائعين".

قال هال: "يا إلهي أنا بحاجة لاستراحة. هل تفكر بكأس بيرة؟".

دفعت العربة المزدوجة في الممشى، وجوناثان لا يزال نائما فيها، حتى دخلنا الباحة الخلفية. كانت بركتهم مكتملة، وينسكب عليها شلال من صخور صناعية. جلسنا على العشب، وأحضرت ماري مبردة. وضعت إميلي على بطنها، لتتمكن من الزحف والتجوال. قلت لهما: "زوجتي تولت ديكور البيت، وأدت عملا رائعا، عليكما أن تأتيا لإقامة حفل شواء".

أخبرني هال وماري أنهما عملا في متجر للخضروات، ولكنهما ادخرا خلال سنوات طويلة لشراء بيت. أخبرتهما عن عملي في المبيعات، وعن زوجتي وعملها بصفة ممرضة في جراحة التجميل. قالت ماري: "رائع. لا بد أن لديها قصصا مسلية".

قبل الولدين كنت أخرج مع زوجتي في عطلة الأسبوع لتناول الغداء. فنشرب النبيذ، وهي تروي لي القصص المضحكة عن عملها. في إحدى المرات أخبرتني أن رجلا جاء إلى مكتبها وطلب زراعة صدر على ظهره. كنت أحب أن أنظر إلى زوجتي من وراء الطاولة، وأنا أضحك، بينما هي تتكلم. ولكن هذا يبدو كأنه شيء من الماضي السحيق. فجأة استيقظ جوناثان وشرع بالبكاء. وجاءت موسيقا صاخبة من أمام البيت.

قالت ماري: "آه. آسفة جدا. هذه ابنتنا وصديقها". انصفقت أبواب سيارة، ورنت ضحكة بنت. حركت ماري عينيها. قال هال: "تعالي يا كيلي، وقابلي جيراننا الجدد".

نظرت ورائي حين فتحت صبية صغيرة بوابة جانبية في البيت. كانت ترتدي الجزء العلوي من بكيني مع سروال قصير، وسرة بطنها واضحة. وتبعها شاب أسود بلا قميص وجسم منحوت. قالت البنت: "هاي". وركعت بجانبنا. كان صدرها من النوع الذي ينتبج نحو الأعلى. طبيعي. حملت إميلي وهدهدتها إلى الأعلى والأسفل. قالت: "يا لهما من طفلين رائعين". وجرت طقوس التعارف. صافحت يد الشاب الأسود. قال: "ألفيس". كانت يده قوية وجافة. وهز رأسه.

قالت كيلي: "سأحضر بعض البيرة". نهضت ودخلت إلى البيت. كانت مؤخرتها ضخمة وتبرز بشكل صدر صناعي مثبت في الخلف. بعد عدة أكواب بيرة أخبرتهم أنني بحاجة لإيقاظ زوجتي، لذلك وضعت التوأم في العربة، ربطتهما بمقعديهما، ثم خرجت إلى أمام البيت، حيث وقفت سيارة كيلي الرشيقة السوداء. كان سقف السيارة مغلقا فنظرت إلى الداخل. رأيت سيجارات بالنعناع على ذراع الكرسي. وعلى لوحة الرخصة عبارة MCBOOTY . حينما عدت إلى البيت وضعت الولدين في مهدهما. تعالى صراخهما فأغلقت الباب. وذهبت إلى غرفة نومنا، والتي اعتنت بيث بديكورها لتبدو مثل فهود السافاري. ووضعت الشموع في شمعدانات خشبية سوداء طويلة، ولكن لم تسنح لنا الفرصة لإيقادها بعد. لم ترغب بيث بممارسة الجنس منذ ولادة الطفلين. كانت ترتدي البيجاما العريضة في السرير وتستدير بظهرها كلما لمستها، وحينما تنام أستدير نحوها، وألمس فخذي بفخذها، وأركز على ذلك العضو الصغير مني والذي يمكنني أن أشعر بواسطته بها. كانت بيث مستلقية في غرفة النوم، ببلوزتها وتشاهد التلفزيون.

قلت لها: "هيي". وخلعت ثيابي وتسلقت السرير لأكون بقربها.

سألتني دون أن تنظر لي: "أين كنت؟".

"آه، قابلت الجيران الجدد. ستعجبين بهم. ممتازون. عمليون. اسم الأب هال والأم ماري". وبدأت أدلك ذراعها ولكنها جرته بعيدا.

قالت: “عظيم. البيرة تفوح منك. كان بإمكانك أن تناديني".

قلت: "آسف. تركتك نائمة".

قالت وهي تنهض من السرير: "أيا كان. سأطلب سمك التاكو وأستلمه. ماذا تريد أنت".

ذهبت لأطمئن على التوأم بعد خروج بيث، كانا يغطان بالنوم. وعندما رجعت إلى البيت خرجنا إلى الشرفة، وتناولنا غداءنا. شربنا النبيذ، وشاهدنا التلفزيون، وذهبنا إلى السرير. كان اليوم التالي يوم أحد. رافقت الولدين مجددا بنزهة، وعوضا عن الخروج من المجمع السكني، ذهبت إلى بيت هال وماري، وقرعت جرس الباب. كانت سيارة كيلي في الممشى. قال هال حينما فتح الباب: "مرحبا بالجار".

كان بلا قميص ثانية، ودعاني إلى الداخل. أوقفت العربة على المرج، وأطلقت سراح الولدين من الأحزمة. حمل هال جوناثان وحملت إميلي.

سألني وأنا أتبعه إلى الداخل: "هل تريد بيرة؟".

قلت: "بالتأكيد".

كان بيتهما مثل بيتنا، باستثناء أنه على الطرف المقابل من الشارع، وهذا يعني أنه بيت معكوس: صورة بالمرآة لبيتنا. كانا قد أخرجا من الصناديق أشياء كثيرة بغضون أيام معدودة. وقاما بطلاء القاعة الأمامية بلون وردي. وكانت ماري ترتب الدمى على رفوف خزانة. أخذت إحدى الدمى وقدمتها إلى إميلي، ولوحت بيدي الدمية وهي تقول: "مرحبا! كيف حالك؟".

تبعت هال إلى المطبخ. قال لي وهو يغمز ويقدم لي علبة بيرة: "ماري اعتنت بالديكور".

كان في المطبخ مقاعد عند الكونتور، وورق جدران أبيض يحمل رسوم حيتان زرق صغيرة. في مجمعنا يمكنك الاختيار من مختلف أنواع الطلاء وورق الجدران. فالبناؤون جهزوا ذلك حتى قبل مجيئك. واختارت بيث الرمادي لغرفة المعيشة، واختارت ماري الأخضر الداكن. قال وهو يشير إلى سمكة ضخمة فوق التلفزيون: "هذه فكرتي. اصطدتها - وحنطتها".

خرجنا إلى الباحة الخلفية، حيث وضعوا الأثاث الخفيف الذي يصلح للمروج. كانت كيلي تسبح في البركة مع إلفيس. تكلم هال عن الصيد، وتابعت إلفيس وهو يدفع كيلي فوق الماء. وراقبتها حتى خرجت وابتعدت عن جانب البركة. وبعد أن غادرا الماء، لفت كيلي نفسها بمنشفة حول خصرها، وعصرت شعرها كما تفعل بالمنشفة لتجففها. قدم هال إلى كيلي وإلفيس علبتي بيرة. حملت كيلي إميلي وهدهدتها على ركبتيها. قالت: "أنت محظوظ جدا بهذا التوأم".

تساءلت متى ستبدأ مشكلة الولدين بالظهور، فهما غير قادرين على الزحف حتى الآن. أخبرتهما أن التوأم كانا غير ناضجين تماما، وانتظرا في المستشفى لوقت طويل قبل الانتقال إلى البيت. أصغت كيلي وهزت رأسها، وحمل إلفيس جوناثان ورفعه عاليا في الهواء. قالت كيلي وهي تفرك ركبة إلفيس: "أود لو يكون لي توأم. نحن مخطوبان، ولكن لم نضع الخاتم بعد".

قلت وهما يحملان الولدين: "تهانينا".

أصدرت بوابة البيت الجانبية صوتا عاليا، والتفتنا جميعا نحوها. رأينا بيث تدخل إلى الباحة الخلفية، وهي ترتدي صدارة البكيني مع مئزر سارونج. لوحت بيدها قائلة: "هاي. أنا الزوجة".

اقتربت وقبلتني من فمي. كان لأنفاسها رائحة النبيذ، ثم حملت إميلي من بين ذراعي كيلي، وهي تبتسم بشفتين مطبقتين، قدمت الجميع إلى كيلي، وردت بتلويحة من يدها.

قال إلفيس وهو ينهض ليفسح لها مكانا للجلوس: "تفضلي اجلسي".

قالت: "شكرا". في إحدى المرات أخبرتني أنها تحب شاكيل أونيل، وأدهشني ذلك. راقبت عيني بيث لأرى إن كانت تنظر إلى إلفيس. ونظرت إلى كيلي وتقاطعت عينا بيث مع عيني. جاءت ماري فشربنا المزيد. وضعت الرقائق على الطاولة فحملت كيلي كمية بيدها وأكلتها، ورشفت نبيذها. تكلمنا عن المجمع، وكيف أن المنفذ وعدنا أنه في خلال عدة سنوات سيتوسع العمل هنا. وبعد استكمال البناء ربما سيكون لدينا مركز للتسوق. خيم الليل، وبدأ الولدان بالعويل. أخبرت جيراننا المستجدين أننا نود أن نستضيفهم لدينا في أي وقت، وحينما كنا نغادر، رأيت كيلي وألفيس يقفزان في المسبح. ورأيت ألفيس يحمل كيلي مجددا وضوء البركة مصوب عليها. مدت قدميها ويديها مثل تمثال على زلاجة جليدية. أصبحت ساكنة تماما، ووجهها ينظر إلى السماء. رفعها في الهواء بيديه لدقيقة تقريبا، ثم لف خصرها وألقاها في الماء مجددا. بعد أن أودعنا الطفلين في السرير فتحت بيث زجاجة نبيذ أخرى.

قلت: "آه، بأولادي أنا متعب".

قالت: "حسنا". وسكبت لنفسها كأسا. كان السارونج قد سقط، ووقفت في المطبخ بالبكيني الأحمر. كانت ندوب العملية القيصرية قد شفيت، ولكن بمقدوري رؤيتها. وذكرتني بمناعتها كلما طلب منها الطبيب أن تمتنع عن الحركة. كان لزوجتي رض على فخذها.

سألت وهي واقفة: "ماذا؟".

قلت: "لا شيء".

تمنيت لو أن بركتنا جاهزة. خابرت المقاولين مرتين يوم الجمعة. وسأعاود الاتصال غدا. جلست بيث في المنتصف وأشعلت التلفزيون.

قالت بصوت أعلى منه: "كما أرى كيلي عاهرة صغيرة. هل شاهدت لوحة رخصتها؟".

قلت: McBooty .

"لديها أكبر مؤخرة رأيتها في حياتي. يجب إجبارها على اتباع حمية".

كان جسم زوجتي نحيلا ومقوسا ولكنها ليس لها قامة كيلي.

قالت زوجتي: "McBooty  ما هذا الهراء البذيء؟". ثم شخرت وضحكت.

في الليلة التالية بكرت بالعودة إلى البيت من العمل، وأخرجت الولدين في حين انشغلت بيث بالغداء. قالت: "لا تتأخر". كانت بمزاج جيد وتحضر شرائح الخنزير. ثم ارتدت ثيابها وطلت أظافرها. ذهبت مع الولدين إلى بيت هال وماري. كانت كيلي في الممشى بنفس الجينز القصير وصدرية البكيني اللذين ارتدتهما ليلة أمس. وتسقي النباتات بالخرطوم.

قالت: "هاي".

وجاءت لتلقي نظرة على الولدين.

سألت: "ما معنى لوحة رخصتك؟". لم يكن ألفيس موجودا.

قالت وهي تقف: "آه. اعتاد الأولاد في المدرسة الثانوية أن ينعتوني بذلك، كما ترى، لأن مؤخرتي..".

قلت: "آه. وعلق الاسم بذهنك؟".

قالت ضاحكة: "أعتقد ذلك".

قلت: "كنت أرافق الولدين بنزهة قبل الغداء. بينما بيث تحضر شرائح الخنزير".

قالت: "رائع".

قلت وبدأت أصعد بالعربة على الهضبة: "الأفضل أن أعود". ثم شعرت بالرطوبة على ظهري، التفت ورأيت كيلي واقفة بساقين متباعدتين، وبيدها الخرطوم كأنه مسدس، وتضحك بينما الشمس وراءها.

سألتني بيث: "ماذا جرى لقميصك". وحملت التوأم بوقت واحد، ووضعتهما في كرسيين مرتفعين.

"آه، كيلي رشتني حين كنت أرافق الولدين".

قالت: "تلك البنت بمؤخرتها العريضة تحتاج لرد جدي".

تقلب جوناثان بمحاولة لاستعمال يديه.

صاحت فجأة وهي تضرب ذراع جوناثان: "اخفض يديك. اخفضهما".

بدأ جوناثان بالبكاء وأخرجت بيث طبقي سباكيتي من الميكرويف. ووضعت طبقا على كل صينية للولدين. زودت بيث غرفة المائدة بالشموع. وضعت في الستيريو موسيقا كلاسيكية وغادرت المطبخ. قالت: "سوف نأكل هنا".

قلت وأنا أتبعها إلى غرفة المائدة: "لن يمكننا هنا سماع الأولاد"

قالت: "ولكنهم بحالة جيدة".

كان لدينا مربية أطفال تأتي من الثلاثاء وحتى الخميس. وتنتظر بيث في البيت يومي الاثنين والجمعة ولا تذهب إلى عملها، لتعتني بالطفلين. كانت المربية حلوة المعشر وتطهو لهما الحساء المنزلي. وكنت أتناول البقايا أحيانا بعد العودة إلى البيت. أحضرت بيث شرائح الخنزير والسلطة، وشربنا النبيذ الأحمر وأكلنا. فيما بعد، ولدواعي دهشتي، أحضرت كيك الشوكولاتة. وأنا أشرب انتبهت إلى الحبوب على الطاولة، ولأصابعي، وكيف تبدو بيث في وهج الشموع. أمكنني عزل الألوان من وجهها لمناطق مختلفة، كأنها دول على الخريطة. ابتسمت لي حينما نظرت إليها. سألتني بنعومة: "ماذا؟".

قلت: "لا شيء". ويمكنني التأكيد أنها تعتقد أنني أفكر بشيء جيد. وبعد الانتهاء من كل شيء، تبعتها إلى المطبخ. كان الطفلان في كرسييهما المرتفعين، وكلاهما نائم ومائل نحو الجانب الخارجي. وكانت السباكيتي ملتصقة بأيديهما ووجهيهما.

قالت زوجتي: "سأنقعهما في الحمام".

سألتها: "أليس الوقت متأخرا؟".

تجاهلتني وحملت إميلي من كرسيها. تبعتها وأنا أحمل جوناثان. مددت إميلي على بساط الحمام وربطناها. استيقظت باكية بينما بيث تضعها في الحوض وتسكب عليها الماء. بالعادة نودع الولدين للنوم في السابعة.

قالت: "هاته". وفعلت الشيء نفسه مع جوناثان. حملت الإسفنجة وبدأت تدعك وجهيهما. لم يكن يبدو أن الولدين ينظران لجهة ما. كانت عيناهما مبتلتين ولا تنظران لي. بعد أن انتهت بيث أحكمنا لفهما بالمناشف، وكانا مبتلين ومتعبين. وكانت قمة رأس إميلي طرية ولها رائحة الصابون. وألبسناهما بيجامتين ملونتين، وأرقدناهما في مهديهما.

قلت: "أنا منهك".

وذهبت إلى السرير، وخرجت بيث من الحمام مرتدية ثوبا بنفسجيا شفافا. وبنور الحمام المضاء من ورائها، كان بمقدوري رؤية كل شيء.

قلت: "يا إلهي".

اقتربت مني فشجعتها على القدوم وبدأت ألعقها. وكان بإمكاني سماع الأصوات التي اعتادت أن تصدر منها، فجذبتها لتقبلني. قالت فجأة: "آخ. ذقنك تجرحني. بحق الجحيم ألا تحلق منذ فترة بعيدة؟".

واستدارت، وحينما حاولت أن أعانقها دفعتني بعيدا.

سألتها: "ما المشكلة؟".

قالت: "لا شيء".

سألتها: "هل أنت حانقة؟".

قالت بهدوء: "أنت تعلم لماذا".

لدينا توأم يعانيان من مشاكل خطيرة، وهي من يتحمل هذا الخطأ كله. كنا نعيش في حي ممتاز، ولذلك لا يوجد سبب لأن تثور علي. اشتريت لها الأشياء التي أرادتها، وأعجبني طريقتها في ديكور المنزل. ضربت طفلي لأنهما يعانيان من مشكلة، فبكى الاثنان، ولكنني لم أغضب. بكى الطفلان، ولم أتمكن من التحكم بالمكان الذي اتجهت إليه أيديهما، فشعرت زوجتي بالغضب.

قلت: "لا أعرف لماذا يا بيث".

"حسنا، إن كنت لا تعلم، ليس بمقدوري أن أتصرف".

استلقيت هناك أصغي لبكائها. وبدأت ألمس نفسي وأنا على جانب السرير. تعالى بكاؤها فذهبت إلى الشارع وهناك حملت كيلي في المسبح وجعلتها فوقي، وكانت خفيفة كاليمامة. في الصباح التالي استيقظت في وقت غير معتاد وذهبت إلى تمارين الرشاقة. تأملت نفسي بالمرآة. وذهبت إلى المكتب ومر اليوم بشكل عادي. عدت بالسيارة إلى حيث زوجتي وولداي. وعندما دخلت إلى البيت وجدت بيث عند طاولة المطبخ، وهي تبكي. صاحت: "إنهم يعرفون".

سألتها: "ماذا؟ يعرفون ماذا؟". واقتربت منها وسمحت لي بمعانقتها وهي تبكي على كتفي.

انتظرتها حتى تلتقط أنفاسها، ثم مسحت عمودها الفقري بيدي. انكمشت على نفسها وشعرت أنها صغيرة وهشة وطيبة.

قالت: "ال.. الولدان.. أحدهم قال شيئا اليوم... رأيت سيدتين تتكلمان في البقالية... وذكرتا أن جوناثان يعاني من مشكلة".

سألت: "وماذا عن إميلي؟".

صاحت وهي تنظر لي بعين يسيل منها المكياج الأسود على خدها: "ما معنى هذا الهراء؟". ويفترض أن خطوتها التالية وشم ظل على عينها. أسرعت إلى غرفة النوم فتبعتها. كان باب غرفة التوأم مفتوحا، ولم أجدهما في سريريهما.

سألت: "أين التوأم؟".

كانت بيث قد أصبحت في السرير ورأسها بين يديها. قالت: "تركتهما مع أصدقائك الجدد. أريد أن أنفرد بنفسي".

قلت: "تعني هال وماري؟ هل يجالسان الأطفال؟".

صاحت: "نعم".

ارتبكت، ولكن لم أود أن يزيد غضبها. اقتربت من السرير وجلست بقربها وبدأت بدعك رقبتها.

قلت: "إنهما طفلانا، ونحن نحبهما. ولا يهم ما يفكر به الناس".

نظرت بيث نحوي مجددا من السرير المجهز بغطاء الفهود. وصاحت: "هل أنت حمقاء مغغلة؟".

توقفت عن تدليك رقبتها، ووضعت يدي في حضني، لم يتبق سبب لتغضب مني، نهضت من السرير وغادرت البيت، لأستعيد جوناثان وإميلي. لم أرغب أن أفرض نفسي على ماري وهال. حاولت أن أتصور طفلي وكأنني غريب أراقبهما. تساءلت إن كان من الواضح وجود مشكلة يعانيان منها. كانت كيلي تجلس على المرج الأمامي، وهي تدخن سيجارة النعناع.

صاحت وهي تلوح لي: "هيي". كانت ترتدي صدرية ثوب سباحة آخر ولكن مع نفس السروال الجينز القصير.

قالت: "جوناثان وأميلي نائمان في الداخل".

قلت: "جيد". فهما بأمان.

جلست على العشب بقرب كيلي. شعرت بعذوبة الأرض وبالتعب. نظرت إلى كيلي التي أطفأت سيجارتها بالأرض، فابتسمت لي بدون أن تقول شيئا. أخبرتها أنه واتاني حلم، وكان يبدو أولا أن أحداثه تجري في بيتي، ثم انقلب كل شيء، ثم تبين أنه في بيتها. وأخبرتها أننا كنا نسبح في هذا الحلم، هي وأنا، في البركة. وفي الحلم كان الشلال أقوى مما هو في الحقيقة، وكانت المياه تنزلق على منحدر يخرج منه حتى تبلغ الوادي. وأضفت أننا في الحلم انزلقنا معا، وكان متسعا بما فيه الكفاية، لنجلس متجانبين، وتابعنا وأيدينا متماسكة. نظرت لي، وهي تعبث بخاتم في يدها. كان خاتم خطوبة. تبادلنا النظرات، ثم ابتسمت. قالت ضاحكة وهي تدفعني بعيدا عنها: "اصمت. توقف عن هذا الهراء".

كان بإمكاني أن أقول إنني أكذب، وأنني لم أشاهد هذا الحلم أبدا. وحان الوقت لذلك، إن كنت قد رأيت هذا الحلم أصلا.

***

........................

* الترجمة من Open City

* راشيل شيرمان Rashel Sherman كاتبة أمريكية. صدر لها: الجرح الأول (قصص)، غرفة المعيشة (رواية) وغير ذلك..

في نصوص اليوم